تعرّضت مدينة رفح أصغر محافظات غزة الواقعة في أقصى الجنوب، إلى طوفان نزوح ضم مليون و200 ألف لاجئ غزّي، وصلوها خلال الشهور الأخيرة، هرباً من القصف الإسرائيلي الذي طال أرجاء القطاع.وفيما ظلت إسرائيل تطلب منهم التوجه نحو جنوب غزة، ظنوا بأنهم سيكونون في مأمن، لكن مع العملية الإسرائيلية الوشيكة ضد المدينة الحدودية المكتظة، لا يجد مئات آلاف الفلسطينيين مكاناً آخر يلجأون إليه، ويعيشون قلقاً متزايداً، ومصيراً مجهولاً، وظروفاً معيشية قاسية.وعلى الأرض تكمن المأساة، حيث حرم الأهالي في رفح كما في سائر المناطق، من الغاز لتسيير أمور حياتهم اليومية، وبات الحصول عليه مهمة مستحيلة في ظل انقطاعه، فلجأوا إلى الطرق البدائية لطهو الطعام إن توفر، فيما باتت مياه الشرب شحيحة، وحصول الفرد على كوب ماء قصة عذاب، وكذلك الكهرباء، فالخدمات الأساسية على المحك وغير متوفرة، ما جعل تفاصيل حياة اللاجئين في رفح.. عصيبة وبالغة الصعوبة. انفجار النازحين يوجد عشرات الآلاف من النازحين الفلسطينيين في مدينة رفح، الذين اضطر معظمهم النزوح للمرة الثالثة أو الرابعة في أقل من شهرين، في المدارس والملاعب ومحيط المستشفيات والحدائق العامة وأطراف الشوارع، وجزء منهم يسكنون داخل خيام بسيطة صنعوها بأيديهم من بقايا الأقمشة والبلاستيك، أو حصلوا عليها من المساعدات الإنسانية، ومع الظروف الجوية الباردة، تتفاقم أوضاعهم المعيشية حيث يعانون قلة الأغطية والملابس والخيام المناسبة لهم، وبالطبع لا يوجد أجهزة للتدفئة نظراً لانقطاع التيار الكهربائي. يشكو أبو علاء جودة لمنصة "المشهد" فظاعة الظروف المعيشية في رفح التي نزح إليها وعائلته المكونة من 7 أفراد: "ظروفنا صعبة ومعقدة للغاية، لا يوجد مكان، ولايوجد طعام، ولا حتى أبسط المقومات للحياة اليومية، نشعر بأن مصيرنا الموت أو التهجير، وفصل الشتاء يزيد علينا المأساة والألم، فلا مدفئة، ولا ملابس، ولا أغطية تقينا من البرد ". فيما عبرت مي عويضة لمنصة "المشهد" عن معاناتها اليومية في توفير الماء والطعام لأطفالها الستة، "نعاني قلة الطعام، والمياه ملوثة، أحياناً أقضي يومين أو ثلاثة لشراء مستلزمات الطعام لأطفالي هذا إن وجدتها، ناهيك عن ارتفاع الأسعار الجنوني بفعل الحرب، للأسف نعيش أشكالاً من الذل والخوف فهذه الخيم لا تحمينا من برد الشتاء، لأن الأغطية غير كافية، نحن ننتظر عدالة الله".معاناة إنسانية لا تُحتمل انعدام تام لمقومات الحياة في مدينة رفح، التي تستضيف آلاف اللاجئين من أنحاء غزة، وتفاقم للوضع الإنساني الذي بات كارثيا وغير محتمل، فيما يضطر الآلاف المبيت في العراء، أو خيام لا تقي من الشتاء القارس، ويحاولون البحث عن حاجاتهم الأساسية بأبسط الإمكانات، لكن المشهد يزداد سوءاً مع أزمة الجوع، وانعدام المستلزمات الحيوية مثل الغاز والكهرباء والأدوية، في ظل عجلة المساعدات البطيئة بالدخول لقطاع غزة. تصاعدت التحذيرات من حدوث كارثة إنسانية في مدينة رفح، من جراء نقص الوقود، والطعام، والمواد الطبية، والأدوية في المستشفيات، وانعدام الحاجات الرئيسة للنازحين، وأشار رئيس بلدية رفح أحمد الصوفي لمنصة "المشهد"، "آلاف النازحين في رفح التي تعاني بالأساس فقرا في البنية التحتية والمرافق الخدماتية، يعيشون واقعاً إنسانياً متردياً، ويموتون أمام أعين العالم في كارثة فريدة من نوعها، حيث إن أزمة الجوع ومأساة الحاجات الأساسية غير متوفرة للنازحين في رفح آخذة بالتفاقم" وحول أحوال النازحين في رفح، لفت المتحدث الإعلامي باسم الأونروا لمنصة "المشهد" بأن "النازحين جوعى في شوارع رفح المكتظة بالناس بأعداد كبيرة، ما تسبب بانهيار المنظومة الصحية للمواطن الغزي، الذي لم يعد مقاوماً للظروف والأمراض بفعل غياب الطعام، هم يعيشون كارثة إنسانية حقيقية، وسط الجوع والمجاعة وانتشار الأمراض". ويخشى أبو حسنة من "انتشار الأمراض المعدية الخطيرة بين صفوف النازحين خصوصا الأطفال، مع زيادة نسب الأمراض المعوية والجلدية والوبائية، فمدينة رفح باتت منكوبة، والازدحام الشديد في المرافق العامة، والمدارس والمنازل السكنية ينذر بكارثة بيئية وصحية لا تمتلك أي جهة الإمكانات لمجابهتها". مياه الصرف الصحي تطفو في الشوارععامل آخر يضاعف من معاناة حياة السكان والنازحين في مدينة رفح، تدفق مياه الصرف الصحي في الأسواق والساحات العامة والشوارع الرئيسة وبين المنازل، في ظل افتقار تام لمقومات الصحة العامة والنظافة، وعدم إمكانية حل المشكلة من قبل الجهات الرسمية في ظل الحرب الطاحنة. يقول الخمسيني أبو فراس لمنصة "المشهد": "لم نعد نحتمل الرائحة الكريهة الناتجة عن مياه الصرف الصحي، فهي تتدفق نحو منازلنا وفي الشوارع والأسواق، نتيجة نقص الوقود المشغل لمضخات الصرف الصحي، وهذا يعني مزيداً من الأمراض الصحية والبيئية علينا، ولا علاج لها في ظل الشلل الذي تعانيه المستشفيات، لم نعد نحتمل هذه الظروف القاتلة". وقد فاقمت الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة، من أوضاع شبكات الصرف الصحي، التي فقدت بنيتها التحتية، فيما عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل مضخات الصرف الصحي، شكل عقبة في عملها حتى توقفت.(المشهد - القدس)