وسط استمرار الحرب الدموية في غزة وتصاعد الضغوط الدولية، تسعى الولايات المتحدة بقوة لدفع إسرائيل و"حماس" نحو اتفاق هدنة، وبينما يزداد التوتر بين الطرفين، حيث يتبادلان الاتهامات بعرقلة المفاوضات، يؤكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن التوصل إلى اتفاق أمر ضروري وعاجل. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس خلال مؤتمر صحفي في هايتي: من واجب الطرفين التوصل لاتفاق بشأن هذه القضايا العالقة. واشنطن ستطرح مزيدا من الأفكار على طاولة المفاوضات خلال الأيام المقبلة.وبينما دعت "حماس" الخميس واشنطن إلى "ممارسة ضغط حقيقي" على إسرائيل توصلا إلى وقف للنار في القطاع، رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بالقول إنه "لا يوجد اتفاق قريب". وتتبادل إسرائيل وحماس الاتهامات بعرقلة التوصل إلى اتفاق هدنة بعد مرور 11 شهرا على بدء الحرب إثر هجوم غير مسبوق للحركة الفلسطينية على الدولة العبرية، في وقت يواجه نتانياهو ضغوطا داخلية لإبرام اتفاق من شأنه إطلاق سراح الأسرى الذين خطفوا خلال الهجوم. وزادت حدة هذه الضغوط على نتانياهو في أعقاب العثور على جثث 6 رهائن في نفق في جنوب قطاع غزة أعدمتهم "حماس"، وفق السلطات الإٍسرائيلية. ومن بين 251 شخصا احتجزوا أسرى خلال هجوم "حماس" لا يزال 97 منهم في غزة، بينهم 33 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم ماتوا.إلزام إسرائيل في المقابل قال عضو المكتب السياسي لـ"حماس" ورئيس وفدها المفاوض خليل الحية الذي يتخذ الدوحة مقرا، في كلمة بثّتها الحركة، إن "على الإدارة الأميركية ورئيسها (جو) بايدن، إن أرادوا الوصول فعلا إلى وقف لإطلاق النار وإنجاز صفقة تبادل للأسرى، التخلي عن انحيازهم الأعمى للاحتلال الصهيوني، وممارسة ضغط حقيقي على نتانياهو وحكومته، وإلزامهم بما تم التوافق عليه سابقا". من جهته، قال نتانياهو في تصريح لشبكة "فوكس نيوز" الأميركية "لا يوجد اتفاق قريب. للأسف، لسنا قريبين، لكننا سنبذل كل شيء لدفعهم إلى القبول باتفاق يسمح في الوقت ذاته بمنع إيران من إعادة تسليح غزة". وخلال تظاهرة جديدة في تل أبيب، قال جيل ديكمان، ابن عم أحد الأسرى الستة الذين عثر عليهم قتلى في غزة "سنفعل كل شيء لضمان أن يكون جميع الرهائن معنا. وإذا كان القادة لا يريدون توقيع اتفاق، فسنجبرهم على ذلك".إلا أن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي أكّد على النقيض من ذلك، وردّ على أسئلة صحفيين حول الاتفاق، بالقول إنّ "90 في المئة من الاتفاق شبه منجز كلام دقيق. أعتقد أننا اقتربنا من ذلك"، مشيرا إلى أنه "تم الاتفاق على الإطار، والنقاش حاليا حول تنفيذ التفاصيل، ولا سيما بالنسبة إلى تبادل السجناء". وأشار نتانياهو الأربعاء إلى أنّه من النقاط التي تتعثّر حولها المفاوضات عدد المعتقلين الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم من السجون الإسرائيلية في مقابل كل أسير ستفرج عنه "حماس"، ورفض إسرائيل الإفراج عن بعض المعتقلين الذين تطالب بهم الحركة. في المقابل، قالت حماس إن "قرار نتانياهو بعدم الانسحاب من محور صلاح الدين (فيلادلفيا) يهدف لإفشال المفاوضات"، في إشارة الى تمسّك إسرائيل بإبقاء قوات في ممر فيلادلفيا في غزة المحاذي للحدود المصرية، بحجة منع تهريب السلاح من مصر إلى "حماس". وتشترط الحركة من جهتها انسحابا إسرائيليا كاملا من القطاع.جولة ألمانيّة وفي إطار المساعي الدبلوماسية للتوصل إلى هدنة، باشرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الخميس في المملكة العربية السعودية، جولة في الشرق الأوسط. وأدى هجوم "حماس" على إسرائيل إلى مقتل 1205 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، وفقا لبيانات رسمية، ويشمل هذا العدد الرهائن الذين قضوا خلال احتجازهم. وتسبّبت حملة القصف والعمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة بمقتل ما لا يقل عن 40878 شخصا، وفقا لوزارة الصحة في غزة، وتؤكد الأمم المتحدة أن غالبية القتلى من النساء والأطفال. وأثار العثور على جثث 6 أسرى في نفق تحت الأرض في مدينة رفح، حزنا وغضبا عارما في إسرائيل، خصوصا من عائلاتهم التي رأت أن اتفاقا لوقف إطلاق النار كان كفيلا بعودتهم أحياء. وقال نتانياهو لـ"فوكس نيوز" إنّ "الطلب من إسرائيل القيام بتنازلات بعد هذه الجريمة يعني توجيه رسالة إلى حماس بأنها كلما قتلت رهائن، ستحصل على تنازلات، وهذا خطأ".تظاهرات إسرائيلية وفي إطار التظاهرات الاحتجاجية شبه اليومية، سارت الخميس تظاهرة جديدة في تل أبيب، وحمل المتظاهرون نعوشا رمزية في إشارة إلى احتمال موت الرهائن في قطاع غزة. ميدانيا، أفاد مصدر طبي بمقتل 4 أشخاص "جراء قصف لخيام نازحين في داخل مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة". وقال الجيش الإسرائيلي إنّه ضرب "مركز قيادة" يستخدمه عناصر حركتي حماس والجهاد الإسلامي في دير البلح. كذلك، قُتل شخص وأصيب آخرون بجروح جراء قصف إسرائيلي استهدف خيمة في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة، وفقا لمسعفين في الهلال الأحمر الفلسطيني.وطالبت منظمة العفو الدولية الخميس بفتح تحقيق دولي بحقّ الجيش الإسرائيلي بشبهة ارتكابه "جرائم حرب" في قطاع غزة بسبب تدميره "من دون مبرّر" أحياء كاملة على طول حدود القطاع الفلسطيني مع إسرائيل من أجل إنشاء منطقة عازلة. وقالت المنظمة الحقوقية غير الحكومية في تقرير إنّه بين أكتوبر 2023 ومايو 2024 وعلى طول الخط الحدودي بين القطاع وإسرائيل وبعرض يتراوح بين 1 و1.8 كيلومتر، تعرّض على ما يبدو أكثر من 90% من المباني "للتدمير أو لأضرار جسيمة" و59% من المحاصيل الزراعية للتلف. وتسبّبت الحرب في قطاع غزة بدمار هائل وأزمة إنسانية كارثية في القطاع الذي يناهز عدد سكانه 2,4 مليون شخص، وأدى دمار البنية التحتية إلى انتشار الأمراض، وإلى ظهور أول حالة شلل أطفال في القطاع منذ 25 عاما، ما دفع الأمم المتحدة إلى إطلاق حملة تطعيم الأحد في ظل "هُدن إنسانية" وافقت عليها إسرائيل. وأعلنت منظمة الصحة العالمة الأربعاء أنها تمكنت من تطعيم نحو 187 ألف طفل ضد شلل الأطفال في وسط القطاع "رغم الظروف السيئة" منذ الأحد. الضفة الغربية بموازاة ذلك، يواصل الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية في الضفة الغربية، وقال الجيش الخميس في منشور على تطبيق "تيلغرام" إنّه شنّ "3 غارات جوية محدّدة الأهداف ضدّ إرهابيين مسلّحين شكّلوا تهديداً للجنود" الإسرائيليين في منطقة طوباس التي تضم مخيّم الفارعة للاجئين. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إنّ غارة استهدفت سيارة في طوباس أسفرت عن مقتل 5 رجال تراوح أعمارهم بين 21 و30 عاما، وإصابة 2 آخرين بجروح. ولم يعلن الجيش الإسرائيلي عن حصيلة، لكنه قال إن بين القتلى محمد زكريا الزبيدي الذي وصفه بأنه "إرهابي بارز من منطقة جنين". وأوضح أن محمد الزبيدي هو نجل زكريا الزبيدي، القائد العسكري في كتائب شهداء الأقصى، الجناح المسلّح لحركة "فتح" التي يتزعّمها محمود عباس، والذي فرّ من سجن جلبوع الإسرائيلي مع 5 فلسطينيين آخرين في العام 2021، قبل أن يعتقل مجددا إثر مطاردة استمرّت أياما. وقتل ما لا يقل عن 35 فلسطينيا في الضفة الغربية منذ بدء العملية الإسرائيلية في 28 أغسطس، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.(وكالات)