توجهت فرنسا إلى صناديق الاقتراع الأحد وحققت مفاجأة لم تكن في الحسبان: فبعد ما بدا وكأنه انتصار وشيك لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الذي فاز في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية قبل أسبوع، فضّل الناخبون الجبهة الشعبية الجديدة.وأثارت نتائج الانتخابات التشريعية مساء الأحد موجة تساؤلات حول الطرف اليساري الذي فاز بوجه أحزاب الأغلبية الرئاسية والتجمع الوطني.وهذا التحالف الذي فاز هو عبارة عن ائتلاف يساري جمع أطرافا وسطية ويسارية عدة، الأمر الذي دفع بالكثيرين للبحث عن "ما هو تحالف اليسار في فرنسا؟" الذي فاز في الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية على باقي الأطراف ولكن من دون غالبية ساحقة.ما هو تحالف اليسار في فرنسا؟تشكل هذا التحالف اليساري بعدما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في 9 يونيو عقب فوز اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية في اليوم نفسه.ماذا حصل بين الدورتين الأولى والثانية من الانتخابات التشريعية؟وعلى الرغم من اختلافاتها الواضحة حول العديد من القضايا، قررت الأحزاب "اليسارية" توحيد قواها من خلال سحب العديد من المرشحين من الوسط واليسار، لتوحيد الأصوات ومواجهة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان. ويجمع هذا الائتلاف بشكل أساسي بين حزب الخضر، وحزب فرنسا الأبية، والحزب الشيوعي الفرنسي والحزب الاشتراكي، بالإضافة إلى حزب Place publique، وGénérations، واليسار الجمهوري والاشتراكي، والحزب الجديد المناهض للرأسمالية، واليسار الاشتراكي البيئي.كيف ستتطوّر الأمور؟على الرغم من أنه حقق هدفه وهو هزيمة حزب الجبهة الوطنية، إلا أن بعض المحللين يعتقدون أن الخطاب اليساري الراديكالي الذي ألقاه جان لوك ميلونشون - زعيم حزب فرنسا الأبية - يمكن أن يدفع معظم الوسطيين نحو حزب الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون. ويُعرف ميلونشون بأنه خطيب عظيم، لكن خطابه تعرض أيضًا لانتقادات بسبب تطرّفه وتلاقيه مع بعض الأفكار الشعبوية الأكثر يمينية، مثل خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي. فهو معجب معروف بسياسات هوغو شافيز ونيكولاس مادورو في فنزويلا، وقد ظل بعيدًا عن المناقشة حول حرب روسيا وأوكرانيا، الأمر الذي وضع بعض المحللين في حالة تأهب. وكان ميلانشون من الأوائل الذين دعوا إلى استقالة رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال، والذي بالفعل قدّم استقالته إلا أن الرئيس ماكرون رفضها، وأكد أن الجبهة الشعبية الجديدة يجب أن تكون جاهزة للحكم. ولكن بما أنه لا توجد أغلبية واضحة، فإن انتخاب رئيس للوزراء لن يكون سهلا. وبما أن أياً من الكتل الـ3 الكبرى لا تتمتع بالأغلبية المطلقة في المجلس، فستكون هناك فترة من المفاوضات حول إمكانية تشكيل ائتلاف حول برنامج لم يتم تحديده بعد. (المشهد)