انتهت المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة بين إسرائيل و"حماس" بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة يوم السبت، حيث سارع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للقول إن "حماس" ترفض قبول التمديد المؤقت للهدنة الذي اقترحه ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب.ومنعت إسرائيل دخول جميع المساعدات الإنسانية إلى غزة في الوقت الذي طالبت فيه "حماس" بالموافقة على خطة أميركية لتمديد وقف إطلاق النار. وأمس الأحد، أكدت وزارة الخارجية المصرية أن خطة إعادة إعمار غزة اكتملت وسيتم عرضها على القمة العربية الطارئة يوم الثلاثاء للموافقة عليها. وقال وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي يوم الأحد إن مصر ستواصل جهودها المكثفة لبدء مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مؤكدًا ضرورة أن تكون هناك عملية سياسية تقود إلى إقامة دولة فلسطينية من أجل أمن واستقرار المنطقة. ومن هنا، باتت تساؤلات تبرز على سطح الأحداث، والتي من أهمها مصير الهدنة في غزة ومواقف "حماس" من تصريحات نتانياهو. موقف "حماس" ومن هنا، قال مسؤول الإعلام لحركة "حماس" في لبنان، وليد الكيلاني، إن مصير الهدنة متعلق باستجابة إسرائيل وبنيامين نتانياهو بتطبيق الاتفاق المبرم كما تم التوقيع عليه. وأضاف أن "حماس" نفذت "جميع بنود الاتفاقية وهذا بشهادة الوسطاء والضامنين الدوليين بينما من راوغ وماطل وما يزال حتى هذه اللحظة يريد أن يمدد المرحلة الأولى حتى لا يدخل في المرحلة الثانية هو نتانياهو الذي حتى هذه اللحظة لا توجد إرادة سياسية منه للتفاهم والمناقشة والبحث في المرحلة الثانية". وأكد الكيلاني في تصريحات لمنصة "المشهد" أن الاتفاقية هي ليست اتفاقية تبادل أسرى فحسب، بل هناك اتفاقية متكاملة البنود من 3 مراحل. وأشار إلى أن الاتفاق نصّ على أنه بعد 16 يوما من بداية المرحلة الأولى، يتم التفاهم على المرحلة الثانية وهكذا تسير الأمور بهذا الاتفاق. ولفت الكيلاني إلى أن هناك بروتوكولا إنسانيا يجب على إسرائيل أن تنفذه، مشددا على أنه تم رصد خرق أكثر من 962 بندا في اتفاق وقف إطلاق النار من قبل إسرائيل. وقال إن الاتفاق نص على إدخال المساعدات بشكل كافٍ والمعدات الثقيلة الكرافانات والمواد الطبية والمعدات الصحية بالإضافة إلى خروج الجرحى من قطاع غزة وعودة دخول صهاريج الوقود إلى القطاع، مبينا أن جميع هذه البنود موجودة من ضمن الاتفاقية وتم خرقها من قبل إسرائيل. وأكد الكيلاني أن نتانياهو "مثل ما سمعنا تصريحاته أمس الأحد، يريد أن يساوم ويضغط على المقاومة من خلال المساعدات الغذائية وهذه السياسة والأفعال قد جرّبها سابقا ولم تفلح بالضغط على حماس". وشدد الكيلاني على أن "من حشد كل ألويته العسكرية وتلقى كل هذا الدعم العسكري من الولايات المتحدة وبعض العواصم الأوروبية لم يستطع إخضاع المقاومة ولم يستطع انتزاع مواقفها". وقال إن الأسرى لن يخرجوا إلا من خلال التفاوض وهذا يجب أن يكون معلوما لدى إسرائيل والإدارة الأميركية. وأضاف "ما لم يستطع أن يأخذه (الجيش الإسرائيلي) من خلال الميدان لم يأخذه من خلال طاولة مفاوضات"، مشددا على أن هناك اتفاقا تم التوقيع عليه ويجب تنفيذه. هل تقدّم الحركة تنازلات؟ "هذا غير وارد"، هكذا ردّ الكيلاني حول إمكانية تقديم "حماس" تنازلات لضمان الاستمرار باتفاق وقف إطلاق النار والانتقال إلى المرحلة الثانية. وأضاف "قلنا بكل وضوح إن حركة حماس نفذت كل بنود الاتفاقية بحذافيرها وتوقيتاتها وأسماء الأسرى ومواعيد الإفراج عنهم". وجدّد الكيلاني التأكيد أن من خرق الاتفاق وحاول ويحاول حتى هذه اللحظة الانقلاب عليه والسعي لإفشاله هو نتانياهو "وهذا سمعناه من قبل أهالي الأسرى الذين قالوا إن نتانياهو يريد الانقلاب على الاتفاق ويريد خرقه". واعتبر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يضغط حتى ينتزع سلاح "حماس" ويهجّر ويُخرج قادتها من قطاع غزة مؤكدا "أن اليوم التالي للحرب هو فلسطيني خالص.. من يقرر المصير الفلسطيني هم الفلسطينيون أنفسهم ولا نريد أي تدخل من أي طرف آخر". وشدد الكيلاني على أن "حماس" تقف إلى جانب ترتيب البيت الفلسطيني و"نحن مستعدون لأي مبادرة ترفع الحصار عن غزة وتعيد إعمار القطاع وعودة السكان إلى بيوتهم ومخيماتهم ولكن ليس على حساب إرادة الشعب الفلسطيني وحقوقه ومن هذه الحقوق حقه بالمقاومة وامتلاك السلاح لمقاومة هذا الاحتلال".سيناريوهات عدة أما بخصوص ترتيب البيت الفلسطيني، قال الكيلاني "قلنا إننا غير متمسكين بالحكم في قطاع غزة ولكن تم التوافق والتفاهم والالتقاء مع الكل الفلسطيني في القاهرة ومناقشة سيناريوهات عدة لمن يحكم قطاع غزة". وأشار إلى أنه من بين هذه السيناريوهات، أن تكون هناك إدارة أو حكومة تكنوقراط من الخبراء تدير غزة بالتوافق الفلسطيني أو إدارة مستقلة من الكفاءات تدير القطاع في المرحلة القادمة أو عبر ما طرحته مصر في أن تكون هناك لجنة إسناد مجتمعي تعمل على إدارة غزة". وأكد الكيلاني أن هذا هو "شأن داخلي فلسطيني لا دخل لإسرائيل به" مبينا أنه بات معروفا أن نتانياهو هو من يعرقل التوصل والاستمرار بهذا الاتفاق ولا يجوز الضغط على "حماس" التي نفذت كل بنود الاتفاقية بحذافيرها خلال الفترة السابقة. "مرحلة اللاحرب" من جانبه، قال الباحث والخبير في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور إن "المقترح الذي قُدّم على أنه مقترح ويتكوف هو عبارة عن عملية ابتزاز وإملاء، الهدف منها تجريد "حماس" من الأسرى الذين هم بيدها دون إنهاء الحرب ومن دون الانتقال للمرحلة الثانية، حسم مصير الهدنة وأنهاها بشكل كلي". وأضاف منصور في حديثه لـ"المشهد"، أنه بذلك لم يعد الاتفاق قائما، وأن "هناك ابتزازا من خلال الحصار والتجويع والقصف والملاحقات الأمنية والإجراءات المتصاعدة". وتابع "انتقلنا من وضع كان فيه اتفاق ومصادقة عليه من الكابينيت والدول الراعية لهما يما فيها الولايات المتحدة إلى وضع بدون اتفاق وفيه عرض مطروح وهو أقرب إلى الإذعان من أجل القبول به". وشدّد على أن المرحلة الحالية هي مرحلة ما بعد الاتفاق وهي تندرج ضمن "وضع جديد" وأن الهدنة بات مصيرها منتهيا "أي حالة اللاحرب واللاقتال وهي مرحلة قصيرة وانتقالية إما أن تُرسي لاتفاق ويكون هذا بقبول حماس بالشروط الإسرائيلية وهذا سيؤجل الحرب فقط ولن يلغيها أو بالعودة للقتال أو أن يقدّم المقترح المصري صيغة يمكن أن تمنع اندلاع الحرب وهذا أعتقد احتمالاته ضعيفة". وأكد منصور أن "حماس" تحاول أن تجد صيغة لتلائم الطرح مع الحد الأدنى التي من الممكن أن تقبل به، ولكن في حال عجزت عن ذلك فإن الوضع سيكون صعبا". هامش مناورة مفقود واعتبر منصور أن "حماس" لا تملك هامشا من الوقت للمناورة، لأن ما هو مطروح عليها هو إما الخضوع الكامل والاستسلام بصيغ مختلفة، لأنه طُرح عليها تسليم نصف الأسرى الأحياء والقتلى في أول يوم والنصف الثاني في آخر يوم من المرحلة الثانية بدون حديث عن أية التزامات إسرائيلية. واعتبر أن "حماس" لن توافق على الشروط الأميركية والإسرائيلية، وأنه من الممكن أن تطرح حلاّ وسطا في أن تفرج عن أسيرين أو ثلاثة أو أربعة خلال نحو أسبوعين كي تكسب وقتا على أمل أن يتم إيجاد مخرج أو أن تُطرح المبادرة العربية. (المشهد)