منذ 8 أكتوبر لم تشهد الحدود بين لبنان وإسرائيل كالتصعيد الذي حصل أمس بين "حزب الله" وإسرائيل، التي عمّقت من ضرباتها الجوية داخل لبنان إلى مدينة النبطية، ليردّ "حزب الله" بقصف صفد، وكريات شمونة، وغيرهما في الجليل. ولم يسلم مقرّ قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيليّ من وابل صواريخ "حزب الله"، الذي أدى إلى مقتل جندية وجرح 8 آخرين، وفق وسائل إعلام إسرائيلية أكدت بأنّ "حزب الله" نجح في فرض حزام أمنيّ شماليّ إسرائيل، حيث باتت المستوطنات مهجورة. وفي المقابل، هدد قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيليّ أوري غوردين، حول استعداد الجيش الإسرائيليّ لتوسيع الحرب في لبنان والاستمرار في شن هجمات ضد "حزب الله". يتزامن التصعيد في الهجمات المتبادلة بين إسرائيل و"حزب الله" مع إصرار رئيس الوزراء الإسرائيليّ نتانياهو على اجتياح مدينة رفح، وتعميق العملية العسكرية نحو المدينة المكتظة بالنازحين جنوبيّ غزة، فيما تتوالى التحذيرات الدولية من مذبحة مؤجلة في رفح. فهل يدفع الجيش الإسرائيليّ بحرب تجاه لبنان للتغطية على تداعيات العملية البرية في رفح، أو العكس؟ وماذا عن قدرة إسرائيل لفتح جبهة حرب ثالثة مع "حزب الله"؟ خبراء ومنخصّصون يجيبون منصة "المشهد" في هذا التقرير.إسرائيل ودفع الأثمان من جهته، قال الخبير في الشأن الإسرائيليّ أمير مخول لمنصة "المشهد"، إنّ "التهديدات الإسرائيلية بتوسيع الحرب، ليست إلّا محاولة لردع "حزب الله"، لأنّ قدرة إسرائيل على شنّ الحرب ضئيلة، فهي تدرك بأنّ إعلان حالة حرب شاملة مع لبنان، سوف يكون أصعب بكثير من غزة، لأنّ قدرات "حزب الله" أكبر بكثير من قدرات "حماس"، ولا تستطيع السيطرة على مجريات الحرب، ولا نتائجها، ولا متطلباتها العسكرية". ويدافع مخول عن رأيه من خلال تقديم الأدلة، قائلًا: "حتى لو شنت إسرائيل حربًا على لبنان ستكون قصيرة، لأيام معدودة، لكي لا تؤدي إلى حرب شاملة ويتسع نطاقها، هي محاولة إسرائيلية لجعل "حزب الله" يدفع ثمنًا باهظًا عبر استهداف بنيته العسكرية وقياداته، وإبعاده عن الحدود، ولا نغفل بأنّ واشنطن ترفض توسيع الصراع مع لبنان، وبالتالي إسرائيل ليست جاهزة للحرب". ويستبعد الخبير الإسرائيليّ في حديث لمنصة "المشهد"، أن يكون "ما يحدث من تصعيد إسرائيليّ على الجبهة اللبنانية، متعلق بطبيعة المواجهات التي تستعدي القصف الإسرائيلي، وليس للتغطية على مجازر قد تحدث في رفح، وتسعى إسرائيل لترويع المفاوضين الفلسطينيّين والعرب، حتى يتم فرض صفقة من نوع آخر وفق رغباتها وشروطها". حرب حتمية مع "حزب الله"في قراءة ثانية لا تتطابق مع الخبير الإسرائيلي، يعتبر المحلل السياسيّ أشرف عكة في حديثه لمنصة "المشهد"، بأنّ "الهجوم العسكريّ البرّي على رفح، سيؤدي إلى مجازر وخسائر فادحة بين صفوف النازحين فيها، وبالتالي إسرائيل تسعى لفتح جبهة حرب في جنوب لبنان، للفت نظر المجتمع الدوليّ عما سترتكبه ضد المدنيّين في حال اجتاحت رفح برًا". ويضيف، قائلًا: "جبهة لبنان ستكون للإلهاء عن الكارثةوالمجازر التي سوف تقع في رفح، نتانياهو يريد البقاء في الحكم، فهو بحاجة إلى هذا التصعيد، والجيش الإسرائيليّ يريد تحقيق إنجازًا ما ليقدمه للمجتمع الإسرائيلي، وبالتالي إسرائيل عازمة على توسيع الحرب مع "حزب الله" اللبنانيّ، لأنّ فيها من الأهداف الآنية والاستراتيجية التي تخدم مصالحها". احتمالات اشتعال الحرب تزداد وفي قراءة ثالثة لما قد تحمله الساعات المقبلة على جبهتَي معبر رفح وجنوب لبنان، يوضح الباحث السياسيّ الحنان ميلير لمنصة "المشهد"، بأنّ "الأوضاع السياسية في إسرائيل، تشير إلى أنّ الحرب قد تتسع شمالًا ضد "حزب الله" اللبناني، حيث إنّ الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في أهبة الاستعداد، وفي حالة الجاهزية القصوى لحرب متعددة الجبهات، فالوضع في الشمال بات أكثر إلحاحًا مع تصعيد "حزب الله" عملياته العسكرية تجاه المواقع الإسرائيلية". ويردف ميلير قائلًا: "الآلاف من سكان شمال إسرائيل لن يعودوا إلى منازلهم في ظل القصف والضربات من قبل "حزب الله"، وهناك حالة إحباط، إذا لم يتحقق الردع الإسرائيلي، حيث يتوجس المجتمع الإسرائيليّ من قيام الحزب بهجوم شبيه بـ 7 أكتوبر، وبحجم أكبر لأنّ الحزب أقوى بكثير من "حماس"، ويمتلك خبرات قتالية وأسلحة نوعية تشكل تهديدًا خطيرًا على إسرائيل". وختم قوله بأنّ "الأنباء عن هجوم برّي وشيك على رفح، وفق ما يتم تداوله، يهدف ربما للضغط على الدول العربية، من أجل إقناع "حماس" بالبدء في البحث عن طريقة لإنهاء الحرب وإتمام صفقة التبادل".(القدس - المشهد)