أثار نبأ تلقي محكمة العدل الدولية طلباً من جنوب إفريقيا لبدء إجراءات ضد إسرائيل لاتهامها بارتكاب أعمال إبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ضجة واسعة، فالدعوى القضائية التي رفعتها جنوب إفريقيا تعتبر فارقة، لأنها استخدمت ورقة الاتفاقية الدولية لمناهضة الإبادة الجماعية، التي تعد إسرائيل أحد الموقعين عليها.وتريد جنوب إفريقيا من محكمة العدل الدولية أن تأمر إسرائيل بصورة عاجلة، أن تجمد عملياتها العسكرية في غزة، مشيرة بأن إسرائيل انخرطت وتنخرط وقد تستمر في الانخراط بأعمال إبادة ضد الفلسطينيين في غزة، ونفت إسرائيل من جهتها هذه الاتهامات، فالحكم لمصلحة جنوب إفريقيا والفلسطينيين، سيزيد من الضغوط الكبيرة على إسرائيل والولايات المتحدة. في حين وافقت إسرائيل ولأول مرة في تاريخها على الوقوف أمام محكمة العدل الدولية، من أجل الطعن في الدعوى المرفوعة ضدها من جنوب إفريقيا، مبينة بأنها وقعت على اتفاقية مناهضة الإبادة الجماعية منذ عقود، وأنها لن تقاطع هذه المعاهدة، بل ستتصدى للمؤامرة الدموية العبثية ضدها، وفي السياق ذاته عبرت المؤسسة الأمنية والنيابة العامة في إسرائيل من خشيتهما من أن تنسب محكمة العدل الدولية لإسرائيل جرائم إبادة جماعية في غزة، منصة "المشهد" تحدثت مع خبراء في هذا الموضوع حول المحكمة ومدى إلزامية قراراتها، وكيفية المحاكمة وموعدها.قرار المحكمة إلزاميوحول آلية الدعوى القضائية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، يقول الأكاديمي الحقوقي في جامعة القدس د. منير نسيبة لمنصة "المشهد":هناك جلسة استماع الأسبوع القادم يومي الخميس والجمعة، ومن المتوقع أن يصدر القرار قريباً من قبل محكمة العدل الدولية، لأن هذه المحاكمة ستبدأ في طلب أمر احترازي وهذا ما طلبته جنوب إفريقيا، أن يكون مستعجلا لحقن الدماء، كون إسرائيل تقوم بجريمة الإبادة الجماعية في غزة.وبالتالي هذا الأمر الاحترازي فيه عدد من المطالب أبرزها: وقف إطلاق النار، وقف التهجير القسري للسكان في قطاع غزة، وفتح الممرات الإنسانية، وإدخال المساعدات بشكل يكفي السكان، وأمور أخرى كثيرة.ستتم المحاكمة بالتركيز على الأوامر الاحترازية المطلوبة وبعد ذلك أتوقع أنه سيصدر في غضون شهر، بعد ذلك ستنتقل المحكمة إلى مناقشة الملف الكامل وهذا سوف يأخذ سنوات، حيث سيطلب من المحكمة أن تقرر إذا ما كانت إسرائيل فعلاً ترتكب الإبادة الجماعية أم لا.وأشار د.نسيبة إلى أن "هذه الدعوى مع أنها تتحدث عن جريمة ولكنها ليست جنائية، لأن الجنائية عادة تكون ضد أفراد وهذه ضد إسرائيل، فهي لا تطلب محاسبة الأفراد بالسجن وما إلى ذلك، ولكنها تطلب من إسرائيل القيام بإجراءات معينة". وقال د.نسيبة "لا يوجد دول مع جنوب إفريقيا، لكننا نطالب دول العالم أن تنضم إليها، هذا ممكن لأن كل الدول الأطراف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، لهم الحق بالدخول في هذه الدعوى، وقرار المحكمة سوف يكون إلزاميا، لأن إسرائيل وجنوب إفريقيا هما دولتان أطراف في اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها".إدانة إسرائيل بالإبادة الجماعية أمر وارد من جهته، أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان مناحيم كلاين لمنصة "المشهد" أن جنوب إفريقيا تقدم ادعاءين رئيسيين في محكمة العدل الدولية، الأول أن إسرائيل لا تعمل على منع التصريحات التي تدعو إلى الإبادة الجماعية، والثاني بأنها تقوم بأعمال إبادة جماعية، ويجب على إسرائيل والمجتمع الإسرائيلي بشكل عام عدم تجاهل مثل هذه الدعوى، ويجب الرد عليها بشكل جدي".كما اعتبر أستاذ العلوم السياسية كلاين "بأنه يجب علينا عدم الاستهتار بهذه الشكوى التي قدمتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، لأن محكمة العدل الدولية تتمتع بتأثير كبير في تشكيل القانون الدولي، وكذلك أحكامها تؤثر على تصورات المجتمع الدولي في جميع القضايا، فليس من المستبعد على الإطلاق أن تصدر محكمة العدل الدولية مثل هذا الأمر القضائي ضد إسرائيل، وتحكم على عملياتها في غزة".وأردف كلاين "أمام كل هذه المعطيات، فإنه يجب على إسرائيل أن تقدم رداً مفصلاً يفند الاتهامات الموجهة إليها، وإذا لم تفعل ذلك فإنه من المرجح أن تفعل المحكمة ذلك". وأضاف قائلاً "كان هناك العديد من التصريحات الإسرائيلية غير المسؤولة عن محو غزة، وهذا سيتطلب من إسرائيل أن تشرح كيف ولماذا هذه التصريحات، كذلك من الصعب إثبات نية الإبادة الجماعية، لأنه لم يكن هناك تصريحات علنية بهذا المعنى في أثناء القتال والحرب على غزة، أعتقد أنه سيتعين على جنوب إفريقيا إثبات وجود علاقة سببية بين تصريحات السياسيين وتصرفات الجيش، حيث سيكون من الصعب القيام بذلك. (المشهد)