حذرت وزارة الخارجية الأميركية يوم الاثنين إيران من تداعيات محتملة جراء تدخلها في الانتخابات الأميركية، بعد مزاعم لفريق حملة دونالد ترامب الانتخابية عن قيام "خصم أجنبي" بقرصنة وثائق. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيدان باتيل، في حديث للصحفيين إن "هذه المحاولات الأخيرة للتدخل في الانتخابات ليست بالأمر الجديد بالنسبة للنظام الإيراني"، متّهماً طهران "بتقويض الديمقراطيات".اتّهامات سابقة لإيران قبل أقل من أسبوعين من الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020، تم إرسال عشرات الآلاف من رسائل البريد الإلكتروني التي زُعم أنها صادرة عن جماعة "Proud Boys" اليمينية المتطرفة، تتضمن تهديدات مباشرة لمؤيدي الحزب الديمقراطي ومرشّحه آنذاك (الرئيس الحالي) جو بايدن. وتضمّنت التهديدات في حينه "مواجهة من لا يصوّت لصالح الرئيس السابق دونالد ترامب عواقب وخيمة". واعتبرت السلطات الأميركية آنذاك الرسائل بأنها "جزء من حملة تضليل واسعة النطاق تقف وراءها إيران، وتهدف إلى إثارة الانقسامات داخل الولايات المتّحدة وزعزعة الثقة في نزاهة العملية الانتخابية". وفي تطور لاحق، أعلنت وزارة العدل الأميركية عن كشف لائحة اتهام ضد اثنين من المواطنين الإيرانيين بتهمة تنفيذ تلك الهجمات الإلكترونية، بالإضافة إلى اتهامات أخرى، وهما سيد محمد حسين موسى كاظمي، البالغ من العمر 24 عاماً، وسجاد كاشيان، البالغ من العمر 27 عاماً، وأنّهما كانا يعملان لصالح شركة "Emennet Pasargad"، الإيرانية المتخصصة في الأمن السيبراني، وفق الادعاء الأميركي. وبحسب الوثائق القضائية الأميركية، فإن المتهمين لم يكتفيا فقط بحملة بريد إلكتروني تهديدية، بل توسع نشاطهما ليشمل محاولة اختراق قواعد بيانات تسجيل الناخبين في 11 ولاية أميركية، وقد نجحا في اختراق إحدى تلك الولايات، حيث تمكّنا من الوصول إلى معلومات شخصية لأكثر من 100,000 ناخب نتيجة لوجود خطأ تقني في إعدادات النظام. وعلى الرغم من أن المسؤولين رفضوا الكشف عن اسم الولاية المتضررة، إلا أن صحيفة "وول ستريت جورنال" أفادت في أكتوبر 2020 بأن الولاية المعنية كانت ألاسكا. ويرى المحلل السياسي وجدان عبد الرحمن في حديثه إلى منصّة "المشهد" أن "التدخلات الإيرانية واردة جداً في الانتخابات الأميركية القادمة، وهذه ليست المرة الأولى التي تتدخل فيها إيران، روسيا والصين وكوريا، كل واحدة وفق نظرتها للرئيس الأميركي المرغوب من جانبها".إيران متّهمة مجدداً أفاد "مكتب التحقيقات الفيدرالي" في الولايات المتّحدة الاثنين، أنه يحقق في اختراق لحملة دونالد ترامب الرئاسية. وفي بيان موجز، أكدت المتحدثة باسم الوكالة أن المكتب يحقق في "اختراق إلكتروني لحملة انتخابية"، بعد أيام من اتّهام الرئيس السابق دونالد ترامب إيران باستهداف حملته الانتخابية. ولم يذكر المكتب إيران أو ترامب على وجه التحديد، كما أنّه لم يتطرق إلى نطاق الاختراق أو احتمال شمله لحملات انتخابية أخرى أو شخصيات سياسية.وأصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي تحذيرات متكررة بخصوص احتمال تدخل دول أجنبية في الانتخابات الأميركية المقبلة، مشيراً إلى أن هذا التدخل قد يتم من خلال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لنشر معلومات مضللة تهدف إلى التأثير على الرأي العام وتوجيه العملية الانتخابية لصالح أجندات خارجية. وذكر المكتب على وجه الخصوص دولًا مثل إيران والصين، وروسيا التي سبق لواشنطن أن اتهمتها بالتدخل في انتخابات عام 2016 من خلال استهداف "اللجنة الوطنية الديمقراطية".ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن مسؤولين في الاستخبارات، أن اختراق الحملة الانتخابية لترامب جعل المسؤولين الأميركيين يعتبرون إيران أكبر تهديد مؤثر على الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر القادم.تؤكد المختصّة في الشأن الإيراني، سمية عسلة، في تصريح إلى منصّة "المشهد" على وجود مخاوف "جدّية وواضحة لدى الأميركيين من الاختراقات الإيرانية ليس فقط على مستوى سيبراني بالسطو على بعض الوثائق الإلكترونية لحملة الرئيس ترامب ولكن الاختراقات من الممكن أن تمتد أيضاً إلى مستوى استخباراتي بزرع خلايا موالية لطهران داخل الولايات المتّحدة، مثل التي سبق وأعلنت عنها أوروبا الفترة الماضية قبل أن تقوم بطرد العديد منها من أراضيها وتوجيه اللوم لإيران في هذا الشأن". وتقول عسلية "في العموم بالنسبة للمخاوف الأميركية فهي مبنية على حادث سابق خلال الأشهر القليلة الماضية حيث قامت عصابات قرصنة بالسطو على بعض الملفّات الإلكترونية وبعد قواعد بيانات العملاء لعدد من البنوك الأميركية". تأتي هذه التحذيرات في ضوء تقرير آخر نشرته شركة "مايكروسوفت"، حيث أعلن باحثون في الشركة عن محاولات قام بها قراصنة يشتبه في ارتباطهم بالحكومة الإيرانية لاختراق حسابات مسؤولين سياسيين في الولايات المتحدة. وأفادت الشركة بأن هؤلاء القراصنة حاولوا مؤخرا اختراق حساب لمسؤول كبير في حملة انتخابية رئاسية أميركية، بعد أن نجحوا في اختراق حساب آخر لمسؤول أميركي يعمل على مستوى المقاطعات قبل بضعة أسابيع. وفقاً للتقرير، فإن هذه الهجمات تشكل جزءا من حملة متزايدة تقوم بها مجموعات إيرانية تسعى للتأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية. وأوضح التقرير أن إحدى هذه المجموعات، التي تُدار بواسطة وحدة استخباراتية تابعة للحرس الثوري الإيراني، أرسلت رسائل بريد إلكتروني احتيالية إلى مسؤول رفيع المستوى في حملة انتخابية، بينما قامت مجموعة أخرى ذات صلة بالحرس الثوري باختراق حساب مستخدم يتمتع بصلاحيات موسعة على مستوى المقاطعة. ويتماشى تقرير "مايكروسوفت" مع التحذيرات الأخيرة التي أطلقها مسؤولون في الاستخبارات الأميركية، حول عزم "أميركا نشر ادعاءات كاذبة ومثيرة للجدل على الإنترنت قبل عملية التصويت في نوفمبر المقبل".إيران ترفض الاتّهامات اتّهامات رفضتها طهران حيث قالت بعثتها لدى الأمم المتحدة في نيويورك في بيان مرسل لوكالات الأنباء إن قدراتها الإلكترونية "دفاعية ومتناسبة مع التهديدات التي تواجهها" وإنها لا تخطط لشن هجمات إلكترونية. وأضافت البعثة ردّاً على الاتهامات الواردة في تقرير "مايكروسوفت": "الانتخابات الرئاسية الأميركية مسألة داخلية لا تتدخل فيها إيران". وتتوقع عسلة أن "تقوم إيران بعمليات قرصنة تستهدف كلا من الولايات المتحدة وإسرائيل في ظل وجود توترات بين طهران وتل أبيب بعد مقتل إسماعيل هنية داخل إحدى دور الضيافة التابعة للحرس الثوري".وتضيف عسلة:السيناريو المتوقع للرد هو أن تقوم إيران كما اتّهمها المرشّح دونالد ترامب بقرصنة حملته الانتخابية عبر الفضاء السيبراني.قد يمتد الأمر إلى قرصنة إيرانية تستهدف مواقع مهمة داخل إسرائيل والولايات المتّحدة، بل واستهداف شخصيات استخباراتية ساعدت في مقتل إسماعيل هنية، وهناك تقارير دولية سابقة أكّدت أن إيران تعتبر خامس قوة سيبرانية على مستوى العالم". أوجه التدخّل الإيراني في الانتخابات الأميركية القادمة تتمثل في خروقات إلكترونية بمواقع المرشّحين وحملتهم الانتخابية، كذلك الدفع بالكتلة العربية المتعاطفة مع غزة داخل الولايات المتّحدة للتظاهر في أي وقت. ومن الممكن حينها أن تنزلق الأمور إلى فوضى في الشوارع وعملية تشتيت لقوات الأمن التي سيصعب عليها القيام بأكثر من مهمة في وقت واحد سواء كان بتأمين الحملات الانتخابية للمرشحين أو السيطرة على الفوضى في الشوارع.رغبة إيرانية بفوز هاريس على الرغم من عدم إعلان التقارير الاستخباراتية الأميركية عن الجهة والشخصيات السياسية التي تم محاولة اختراق حساباتها، إلا أن التقديرات الأكاديمية والإعلامية في واشنطن تميل إلى الاعتقاد برغبة طهران في رؤية المرشّحة الديمقراطية كامالا هاريس في البيت الأبيض بدلاً من ترامب. ويرى الخبير عبد الرحمن أن "الصين وإيران ترغبان عادة في أن يكون الرئيس الأميركي من الديمقراطيين لأنه أقل ضغطاً عليهم في حال وصوله إلى السلطة فيما تفضّل روسيا وكوريا الشمالية الرؤوساء الجمهوريين". فيما ترسم عسلة "سيناريو آخر من التدخلات الإيرانية في الانتخابات الأميركية تدعم فيه طهران مرشحاً دون الآخر يتمثّل في زيادة إيران والميليشيات التابعة لها وفي مقدّمتهم "حزب الله" من تعقيد الأزمة في غزّة والمنطقة، مما سيضع المرشّح الأميركي في حرج كبير يلزمه بتقديم ما يثبت أنه قادر على التصدّي لكل هذه الفوضى في المنطقة والحفاظ على المصالح الأميركية ومصالح الحلفاء معا". (المشهد)