دخلت الحرب في السودان الثلاثاء عامها الثالث بعد أن خلفت عشرات الآلاف من القتلى وأدّت إلى تشريد 13 مليون شخص متسببة بأكبر أزمة إنسانية في التاريخ الحديث من دون أن تلوح لها نهاية في الأفق.واشتدت المعارك في إقليم دارفور غرب السودان بعد إعلان الجيش استعادته السيطرة على العاصمة الخرطوم.واندلع النزاع في السودان بين الحليفين السابقين، عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني ونائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023 وسرعان ما امتدت الاشتباكات التي بدأت في الخرطوم إلى معظم ولايات البلد المترامي الأطراف. وفي غضون ساعات تحولت مدينة الخرطوم الهادئة إلى ساحة حرب تملؤها الجثث بينما لاذ مئات الآلاف بالفرار. وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، في بيان الثلاثاء إن السودانيين "محاصرون من كافة الجهات - حرب وانتهاكات واسعة النطاق ومهانة وجوع وغيرها من المصاعب. يواجهون حالة من اللامبالاة من العالم الخارجي، والذي لم يُبدِ خلال العامين الماضيين اهتماما يُذكر بإحلال السلام في السودان أو إغاثة جيرانه".كابوس لا ينتهي في ولاية الجزيرة بوسط السودان يؤكد محمد الأمين (63 عاما) أن مواطني مدينة ود مدني يعيشون "بلا كهرباء". مستعرضًا الأزمات التي يعيشها السودانيون جراء نقص المياه.وتقول زينب عبد الرحيم لوكالة "فرانس برس" إن المدينة محرومة من مياه الشرب والكهرباء، مشيرةً إلى صعوبة الحصول على الأدوية أو الوصول لمستشفى ما زال يعمل. وتضيف "للحصول على المواد الغذائية علينا الذهاب إلى أم درمان (على بعد نحو 9 كيلومترات) فسوق مدينة بحري محطم واحترق".ويرى محللون أن قوات الدعم السريع ستركز في الفترة المقبلة على تأمين المناطق الحدودية وضمان خطوط إمدادها.ويسيطر الجيش السوداني على شمال السودان وشرقة، بينما تسيطر الدعم السريع وحلفاؤها على الغرب ومناطق في الجنوب.وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش الاثنين إن السودان "ما يزال عالقا في أزمة ذات أبعاد مذهلة يدفع فيها المدنيون الثمن الأعلى" داعياً إلى "إنهاء هذا الصراع العبثي". ودعا غوتيريش "المتمتعين بأكبر قدر من النفوذ لدى الأطراف" المتحاربة إلى "استخدام هذا النفوذ لتحسين حياة شعب السودان بدلا من إطالة أمد هذه الكارثة". وشدد غوتيريش في بيانه على أهمية "وقف الدعم الخارجي وتدفق الأسلحة" مشيراً إلى "مواصلة تدفق الأسلحة والمقاتلين إلى السودان بما يسمح باستمرار الصراع وانتشاره". وجاء بيان غوتيريش عشية اجتماع دولي تستضيفه لندن الثلاثاء "للاتفاق على خارطة طريق لإنهاء المعاناة"، وفقاً لوزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الذي حذر من أن استمرار العنف في السودان يدفع الآلاف إلى اللجوء إلى دول المنطقة مؤكداً أن "السودان المستقر والآمن هو أمر حيوي لاستقرار المنطقة". خسائر بشرية فادحة - واتسمت الحرب بالعنف المروع ضد المدنيين، لكن أيضا بعدم وجود حصيلة مؤكدة للقتلى. وفي الخرطوم وحدها، لقي أكثر من 61 ألف شخص حتفهم خلال الأشهر الـ14 الأولى من الحرب، من بينهم 26 ألفا نتيجة العنف المباشر، وفقا لكلية لندن للصحة والطب الاستوائي. وقال توم بيرييلو، مبعوث واشنطن السابق إلى السودان، في مايو من العام الماضي إن بعض التقديرات تشير إلى أن إجمالي عدد القتلى يصل إلى 150 ألفا. واتهم كلا الجانبين باستهداف المدنيين عمدا ونهب المنازل وعرقلة وصول المساعدات المنقذة للحياة. ويتفاقم الجوع مع إعلان المجاعة العام الماضي في 5 مناطق في كل أنحاء البلاد. ووفقا للأمم المتحدة، يعيش ثمانية ملايين شخص حاليا على شفا مجاعة شاملة، بينما يواجه قرابة 25 مليون شخص، أي حوالى نصف السكان، جوعا حادا. تدمير نظام الرعاية الصحيةبعدما كانت البنية التحتية الصحية في السودان هشة في السابق، أصبحت الآن في حالة يرثى لها. وتؤكد بيانات رسمية أن قرابة 90% من المستشفيات في المناطق المتضررة من النزاع أصبحت خارج الخدمة، إما بسبب القصف أو اقتحام المقاتلين لها أو خلوها من الموظفين والإمدادات. منذ بدء الحرب، قتل ما لا يقل عن 78 عاملا صحيا بنيران الأسلحة أو القصف على منازلهم أو أماكن عملهم، وفقا لنقابة الأطباء. ومع حلول أكتوبر من العام الماضي، سجلت منظمة الصحة العالمية 119 هجوما على المرافق الصحية. وقد تورط كلا الطرفين المتحاربين في هذه الهجمات.(أ ف ب)