لم يكن يعرف الدبلوماسي الطموح أنّها ستكون الرحلة الأخيرة رفقة رئيسه والشخص الذي وثق فيه وعينه ليكون مهندسًا للسياسة الخارجية الإيرانية. ربما كانت أحلام وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، تتخطى كثيرًا منصبه الحالي، هذا المنصب الذي تولاه عام 2021 بعد أن حظي بثقة رجال الدين المحافظين في الجمهورية الإسلامية، وربما كان يرى أنها مجرد درجة بسيطة من درجات سلم طموحه ليتولى رئاسة الدولة الفارسية. بالأمس فقط، انتهى كل شيء: أحلامه وأجله، بعد أن تحطمت الطائرة التي كانت تقله برفقة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، خلال رحلة عودتهما إلى طهران، من زيارة التقوا خلالها الرئيس الأذربيجاني. ابن أسرة فقيرةولد حسين أمير عبد اللهيان عام 1964، ونشأ في أحد أفقر أحياء طهران.في عام 1980، تطوع للخدمة في الجيش الإيراني خلال الحرب الإيرانية العراقية، وهي تجربة وصفها بأنها نقطة فارقة. وقد دفعه ذلك إلى اعتناق مهنة سياسية قادته في النهاية إلى وزارة الخارجية الإيرانية.الدبلوماسي الإيراني المحافظ، عُرف بقربه من المرشد الأعلى علي خامنئي وكذلك الموالين لطهران في دول عربية منها "حزب الله " اللبناني.قاسم سليمانيكان يُنظر إلى أمير عبد اللهيان على أنه مؤيد للمتشددين الإيرانيين، وبلغت مشاجراته المتكررة مع سلفه الأكثر اعتدالا، محمد جواد ظريف، ذروتها بطرده المفاجئ من الوزارة في عام 2016.وقد ساهمت علاقاته الوثيقة مع قاسم سليماني وفيلق القدس في تشكيل نهجه في السياسة الخارجية. وأعرب عن اعتقاده الراسخ بأن القوة العسكرية الإيرانية والنفوذ الإقليمي يعززان مواقف إيران الدبلوماسية. ووفقا له، فإن استعداد الولايات المتحدة للتفاوض على الاتفاق النووي الإيراني كان نتيجة لقدرات إيران على الأرض ونفوذها في الشرق الأوسط.الصين وروسياوكان أمير عبد اللهيان أحد مهندسي سياسة "الانفتاح على الشرق" التي تهدف إلى تطوير علاقات إيران مع الصين وروسيا. بالنسبة له، كان هذا هو المحور الرئيسي للسياسة الخارجية للحكومة الإيرانية الجديدة. كما لعب دورا رئيسيا في صياغة ما وصفها باتفاقية تعاون "تاريخية" مدتها 25 عاما بين إيران والصين.وتحت قيادة أمير عبد اللهيان، التزمت طهران بتزويد روسيا بالمعدات العسكرية الحيوية، بما في ذلك طائرات شاهد بدون طيار، والتي كانت ضرورية لموسكو في حربها ضد أوكرانيا.وقبل تعيينه وزيرًا للخارجية جرى اختياره ليكون عضوًا في اللجنة الأمنية السياسية للمفاوضات النووية (بريطانيا وألمانيا وفرنسا).العلاقات مع السعودية ومصرلعب وزير الخارجية الإيراني الراحل دورًا في عودة إيران إلى المجتمع الدولي من خلال عودة العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران، فيما كان يسعى إلى عودة العلاقات مع القاهرة، بحسب تصريح له قبل أيام من موته.وقبل ساعات قليلة من موته، قالت مصادر إيرانية رسمية، إنّ مسؤولين إيرانيين التقوا بمسؤولين أميركيين في عمان، لبحث ملف إيران النووي، وأشارت المصادر إلى أن هذا اللقاء لم يكن الأول ولن يكون الأخير.وخلال رحلته العملية تم تعيينه في السلك الدبلوماسي الإيراني قبل أن ينتقل للعمل في سفارة بلاده لدى بغداد متقلدا منصب نائب السفير بين عامي 1997 وحتى 2001. كما تولى منصب نائب الدائرة الأولى للشؤون الخليجية بوزارة الخارجية طوال 3 أعوام، ثم وكيلًا للمساعد الخاص لوزير الخارجية في الشؤون العراقية حتى عام 2006، بالإضافة إلى منصب مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون العربية والإفريقية. وفي عام 2007، تم تعيينه سفيرًا في البحرين. ثم تولّى عام 2010 منصب نائب وزير الخارجية للشؤون الخليجية والشرق الأوسط مجددًا، كما عمل مساعدًا خاصًا لرئيس البرلمان الإيراني، واستمر في هذا المنصب حتى عام 2021 حيث تم تعيينه وزيرًا للخارجية.(المشهد)