تداولت مواقع إعلامية عراقية، أخبارًا عن احتمال انتقال مكتب حركة "حماس" من العاصمة القطرية الدوحة إلى بغداد، وذلك بعد نقاشات بين رئيس المكتب السياسيّ للحركة إسماعيل هنية، والحكومتين العراقية والإيرانية.ومع تصاعد الضغوط الدولية التي تمارسها الدوحة وواشنطن على قيادات حركة "حماس"، لإبداء المزيد من المرونة من أجل وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في غزة، بدأ قادة الحركة التخطيط لمغادرة قطر، وفتح مقرات رسمية لهم داخل الأراضي العراقية.الانقسامات تبدو واضحة داخل الكتل السياسية المختلفة في العراق، فبينما يؤيد بعض قادة الإطار التنسيقيّ انتقال النشاط السياسي لحركة "حماس" إلى بغداد، يخشى الكرد وبعض السنّة أن يؤدي ذلك إلى تعميق الخلافات مع واشنطن.ونشرت مواقع إعلامية عراقية، أخبارًا عن محادثة هاتفية جرت الشهر الماضي بين إسماعيل هنية ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، من دون الإعلان عن نتائج هذه المحادثة."حماس" في بغداد وكشف مصدر مسؤول في الحكومة العراقية لمنصة "المشهد"، أنه تم انتقال مكتب "حماس" من الدوحة إلى بغداد، وتم افتتاحه بشكل عمليّ في أحد أحياء بغداد الراقية، وذلك بعد محادثات جرت على مدار أسابيع عدة.وأكد المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أنه تم افتتاح مكتب "حماس" في بغداد، وتم تعيين مُمثل له يقوم بزيارات وتُقام زيارات له، تحت رعاية "تنسيقية المقاومة العراقية"، مضيفًا أنّ الحكومة العراقية ليست رافضة لهذه الخطوة، لكنها لم تُعلن عنها بشكل رسمي، أما عمليًا فالمكتب موجود في بغداد.بدورها، أكدت مصادر مطلعة عدة في الحكومة العراقية لمنصة "المشهد" أنه "لا يوجد حاليا أي محادثات رسمية بما يخص موضوع انتقال مكتب "حماس" إلى بغداد".وقال المحلل السياسيّ محمد زنكنة لـ"المشهد" إنّ النقاش حول انتقال مكتب "حماس" إلى بغداد، بدأ بشكل سرّي، في إطار مجلس الوزراء العراقيّ والقوى السياسية المشاركة في الحكومة، والإطار التنسيقي، لمطالبة الحكومة بالموافقة، لكن لم يصدر أي قرار رسميّ بهذا الشأن. أوضح زنكنة أنّ الحكومة العراقية لا ترغب بنقل مقرات "حماس" إلى بغداد، "لكنّ الفصائل المسلحة ضغطت عليها لإجبارها على القبول، لأنّ هذه الفصائل هي جزء من المعركة، وتريد توريط الحكومة العراقية"، بحسب تعبيره.ويرى زنكنة أنّ القضية الفلسطينية ليست قضية عراقية، كما أنّ "حماس" لا تنتمي إلى أيّ حكومة، بل تخوض حربًا منفردة ضد إسرائيل، بالإضافة إلى ذلك، "حماس" دائمًا تقف ضد كل ما تقترحه حركة "فتح" التي تقود السلطة الفلسطينية، لذلك انتقال مكتبها من الدوحة إلى بغداد سيشكل عبئًا كبيرًا على الحكومة العراقية."مخاوف من التوتر"وعن نتائج انتقال مكتب "حماس" من الدوحة إلى بغداد، يشرح زنكنة: نستطيع وصف العلاقة بين الحكومة العراقية مع أميركا بالمتوترة، وانتقال مكتب "حماس" إلى العراق سيزيد من هذا التوتر.هناك مسائل تتعلق بالتهديدات الإيرانية للمنطقة، والإيرانيون يتواجدون بكثافة في العراق، وجميعهم مؤيدون لـ"حماس"، في المقابل الجانب الدوليّ ليس مع "حماس" ويتهمها بالإرهاب، لذلك أرى من الخطأ الكبير أن يتحمل العراق المسؤولية، لأنه سوف يلقي بنفسه إلى التهلكة، ولن يستطيع تحمل تبعات هذا الموضوع والعقوبات التي يمكن أن يواجهها من الجانب الأميركي.الحكومة العراقية لا تملك الاستقرار الذي تملكه الحكومة القطرية، فالدوحة لديها العديد من المعطيات التي تجعلها مستقرة سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، تستطيع أن توفّر الحماية لأغلب المعارضات في العالم، كما وفرتها لـ"الإخوان المسلمين"، وعندما تلقي قطر بهذا الحمل الثقيل على الحكومة العراقية، فهي تخلّص نفسها من مشكلة كبيرة لتتورط بها الحكومة العراقية.خطة "أميركية- إسرائيلية"ويرى الباحث في الشأن السياسيّ عصام حسين، أنّ عملية انتقال مكتب "حماس" من الدوحة إلى بغداد، هو "مطلب أميركيّ- إسرائيلي، لذلك حتى لو تم نقل المكتب، فلن يكون العراق في وجه العاصفة، لأنها خطة سياسية أميركية- إسرائيلية".ويضيف حسين في تصريحات لمنصة "المشهد": "منذ بداية الحرب في غزة لاحظنا أنّ قطر هي التي تتفاوض مع "حماس" وإسرائيل لوقف إطلاق النار".وتابع: "لا أعتقد أنّ حماس ستفرّط بالورقة القطرية، خصوصًا أنّ الدوحة تمتلك أوراق التفاوض ولديها قوة اقتصادية، أما العراق يُعتبر بلدًا ضعيفًا يمكن الضغط عليه بسهولة، لذلك لا أظنّ أنّ هذه الخطوة جاءت برغبة مباشرة من قادة "حماس" أو ساسة قطر، بل بضغط أميركيّ- إسرائيلي".وكانت الحكومة العراقية قد نفت منذ يومين، ما تناقلته وسائل الإعلام المحلية والدولية، عن انتقال مكتب "حماس" إلى العراق، وجاء النفي الرسميّ على لسان المستشار السياسيّ لرئيس الوزراء العراقيّ فادي الشمّري، الذي صرّح قائلًا: "لا يوجد أيّ مقر رسميّ لحركة "حماس" في العراق، كما يتم الترويج له، ولم نستلم أيّ طلب بانتقال قادة "حماس" إلى بغداد".ويرى محللون سياسيون أنّ الساسة القطريّين أدركوا أنّ ملف الوساطة التي تولتها الدوحة بين إسرائيل و"حماس"، لم يحقق النجاحات التي حققتها العديد من الملفات السابقة، كملف العلاقة مع طالبان، ما جعلهم يتخلّون عن أوراق التفاوض، بينما يرى البعض الآخر أنّ نقل مكتب "حماس" إلى العراق، هو مخطط إيرانيّ بهدف توسيع نفوذ إيران داخل العراق. (المشهد)