باتت فرصة التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى المحتجزين في غزة، ووقف مؤقت لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس"، شبه معدومة وضئيلة، وقبل ساعات من حلول شهر رمضان، تسود حالة من الانتظار والترقب، حيث من المقرر أن تستأنف جهود الوساطة الأميركية -المصرية- القطرية، في العاصمة المصرية القاهرة، بعد أن تعثرت المفاوضات في التوصل إلى وقف القتال في غزة.وتبادلت إسرائيل و"حماس" الاتهامات حول عدم التوصل إلى اتفاق هدنة بين الجانبين لمدة 40 يومًا، على أن تقوم "حماس" بتحرير بعض الأسرى الإسرائيليّين لديها، في المقابل تفرج إسرائيل عن سجناء فلسطينيّين لديها. من جانبها، حمّلت حركة "حماس" مسؤولية تعثّر المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار، والإفراج عن 134 رهينة من الإسرائيليّين، وأشارت بأنّ إسرائيل ترفض تقديم ضمانات بإنهاء الحرب أو سحب قواتها من قطاع غزة، وأكدت بأنها أبدت ما يكفي من مرونة مع جهود التوصل إلى تهدئة في غزة. بدوره وصف رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو شروط حركة "حماس" لوقف إطلاق النار، بأنها "وهمية"، وصرح الموساد بأنّ "حماس" تتمسك بموقفها وتسعى لتصعيد العنف في المنطقة خلال شهر رمضان، وصرح مسؤولون إسرائيليون أنّ الحرب لن تنتهي إلا بالقضاء على "حماس". وبفعل العراقيل التي اكتنفت عملية التفاوض بين الجانبين الأسبوع الماضي، سيكون توصل الوسطاء إلى اتفاق وقف النار قبيل الساعات الأخيرة قبل حلول شهر رمضان، أشبه بالمعجزة، في وقت تستمر فيه التظاهرات الإسرائيلية في مناطق عدة، التي تدعو إلى استرجاع الأسرى الإسرائيليّين من غزة، ووقف الحرب. وقف إطلاق النار في غزة معلّق ذكرت القناة 13 الإسرائيلية، أنّ إسرائيل تستعد لتوسيع العمليات العسكرية في غزة، على ضوء عدم التوصل إلى اتفاق، وأشارت إلى أنّ الجيش الإسرائيليّ يعتبر الأحد يوم الامتحان الرئيسيّ كونه اليوم السابق لبدء رمضان، ففي حال عدم تحقيق تقدُّم في المفاوضات، إسرائيل تستعد لتوسعة العملية العسكرية، وأشارت إلى أنّ البداية ستكون توسيع العمليات العسكرية في مخيمات بمنطقة الوسط، ومن ثم منطقة رفح. عوامل عدة أثّرت على تعثّر الهدنة بين إسرائيل وحركة "حماس"، كشف عنها الباحث والمحلل السياسي د. أيمن يوسف لمنصة "المشهد"، فالحديث عن ممر مائي، والإنزالات الجوية، كلّها رسائل لإسرائيل أن تستمر بالمعركة، وأنّ الولايات المتحدة قادرة على معالجة بعض الأوضاع الإنسانية في شمال غزة، وأكد بأنّ "إسرائيل هي من أفشلت كل المحاولات للوصول إلى وقف إطلاق النار في غزة، عبر محاولاتها فرض استراتيجية الاستسلام على حركة "حماس" من خلال الحديث عن هدنة إنسانية، ومساعدات، وعدم عودة النازحين إلى منازلهم، واستمرار التصريحات الإعلامية الإسرائيلية أنهم يستعدون إلى معركة رفح، ويهددون ليل نهار".وتابع د.يوسف قائلًا: "الإدارة الأميركية ضعيفة، لم تستطع فرض رؤيا أميركية واضحة على إسرائيل، فغاب تأثيرها بشكل جزئي، لأنّ الإدارة الحالية دخلت في المزاج الانتخابي، تحتاج إلى اليهود والجماعات المتضامنة معهم، من أجل أصواتهم، بالتالي استمر الدعم الأميركيّ لإسرائيل، رغم عدم راحة أميركا مع بنيامين نتانياهو"، وأضاف، "التفاف نتانياهو على مطالب أهالي الأسرى الإسرائيليّين وتمكن الخروج من أزمة التظاهرات، لأنها لم تتبلور بالشكل النهائيّ، ولم تخرج بالأعداد الكبيرة، كان له بالغ الأثر في إبرام التهدئة". حركة "حماس" رفضت الاستسلام بل تمسكت بالثوابت أهمها، عملية الانسحاب الكامل، وعودة النازحين إلى الشمال، ولتكون معادلة عادلة في ما يخص الأسرى من كلا الجانبين، والاستفزازت الإسرائيلية لقادة "حماس"، أنّ معركة مدينة رفح قائمة قبل أو بعد رمضان، سواء ذهبنا إلى هدنة إنسانية أو لم نذهب". الوقت يمر على حساب التهدئة في هذا السياق، نقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن مصدر إسرائيليّ رفيع قوله: "إنّ الجانب الإسرائيليّ من يتعنّت في موضوع صفقة تبادل الأسرى مع حركة "حماس" فالوقت يمر، وقريبًا لن يكون هناك جدوى من التفاوض، لأنه لن يبقى هناك أسرى، فيما كشفت تقارير إسرائيلية نشوب خلافات بين المستويات السياسية والمهنية في الحكومة الإسرائيلية، تسببت في تعثّر المفاوضات، فيما يروّج جهاز الاستخبارات الخارجية "الموساد"، بشأن عدم اهتمام "حماس" بصفقة التبادل. ومن جانبه، أوضح الكاتب والمحلل السياسيّ شلومو غانور لمنصة "المشهد"، بأنّ "إسرائيل لم تحصل على الردّ الحمساويّ الواضح، بالنسبة للاتفاقية التي وُقّعت في باريس، بل زادت حركة "حماس" من تصلّبها وتعنتها، وكثفت المطالبة الخارجة عن إطار الاتفاق، وبحسب موقف المجلس الحربي، فإنّ "حماس" لم تقدّم الردّ الرسمي، لم تكتفِ بالمطلوب للاستمرار بالمفاوضات". وختم غانور قولة لمنصة "المشهد"، أنّ "حركة "حماس" تسعى إلى استغلال قدوم شهر رمضان، لتصعيد الأمور في القدس والضفة الغربية، خصوصًا في المسجد الأقصى، بهدف فرض الضغط الأمنيّ على إسرائيل، لكي تتمكن من تحقيق المزيد من المكاسب الميدانية والسياسية على حساب إسرائيل، وفي هذا السياق ضغطت الإدارة الأمريكية على إسرائيل في ما يتعلق بالممرّ البحري، وهو بمثابة مكسب حمساويّ وليس فلسطينيًا".(المشهد)