تزامنًا مع تعثر المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في غزة ومخاوف من انهيار الهدنة قبل الوصول إلى المرحلة الثانية، تستعد مصر لإطلاق خطة شاملة لإعادة إعمار غزة من دون تهجير سكانها.يأتي ذلك في الوقت الذي عاد فيه الحديث عن رؤية ترامب بشأن تهجير سكان القطاع، ولكن بطريقة مختلفة، ففيما يبدو أنّ الرئيس الأميركي أقل حماسة حول تنفيذ خطته بشأن غزة، ما يثير تساؤلات حول دوافع وحساباته. فهل يشير ذلك إلى تحوّل في الموقف الأميركي تجاه قضية التهجير أم إنها مُجرد مراوغة سياسية؟وقال محللون إنّ إعادة إعمار غزة لن يبدأ قبل أن يتم الاتفاق على إبعاد "حماس" عن السيطرة على قطاع غزة، وذلك وفقًا للمفاوضات التي من المقرر أن تشهدها المرحلة الثانية والثالثة من اتفاق وقف الحرب في القطاع.توظيف الأزمةفي التفاصيل، قال مدير مركز صقر للدراسات الإستراتيجية، مهند العزاوي، إنّ الإدارة الأميركية تقوم بتوظيف الأزمة للحصول على أعلى مكاسب، خصوصًا في ظل وجود ترامب في البيت الأبيض والذي يختلف عن ترامب في ولايته الأولى.وقال في مقابلة مع برنامج "في الواجهة" الذي يقدمه الإعلامي معتز بالله عبد الفتاح، على قناة "المشهد"، إنّ ترامب يتبع إستراتيجية التصريحات المجنونة منذ دخوله البيض الأبيض في ولايته الثانية، لافتًا إلى أنّ مثل هذه التصريحات تعطي سقوفًا عالية لاستنزاف الأطراف المختلفة في تقديم حلول، وبالتالي هذه تتم هذه الحلول بأسرع وقت وأقل موارد ممكنة.وأشار العزاوي إلى أنّ تراجع ترامب عن مقترح تهجير سكان قطاع غزة، معنى ذلك أنه فقط يتنازل عن الفكرة الرئيسية بعد أن شاهد استنفارًا عربيًا رافضًا لهذه الخطة، لافتا إلى أنّ الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة لن تُعيد القطاع كما كان قبل اندلاع الحرب.مبادرة عربية متكاملةمن جانبه، قال المحلل السياسي المصريّ، سمير غطاس، إنّ مصر والأردن هما أكثر الدول التي يمكن أن تتضرر من مقترح ترامب بشأن غزة على مستويات عدة:المساس بالقضية الفلسطينية، فلا يمكن لمصر أو الأردن أن يشاركا في تصفية القضية الفلسطينية وفقًا للمخطط المرسوم.المساس بالأمن القومي لكلا البلدين، ففي الأردن يشكل هذا المقترح خطورة على التشكيلة الديموغرافية للبلاد في حين تهدد هذه الخطة باقتطاع جزء من سيناء لصالح إقامة منطقة للفلسطينيين وهو ما ترفضه مصر بشكل قاطع.وأوضح غطاس في مقابلة مع قناة "المشهد" أنّ مصر أخذت على عاتقها أن تقدّم مشروعًا بديلًا لإعادة إعمار غزة ولا تترك الأمر إلى الاشتباك الكلامي مع المشروع الذي تحدث عنه ترامب، مبينًا أنّ الإدارة الاميركية قالت إنّ ترامب منفتح على أيّ خيارات بديلة بشرط أن تكون قابلة للتحقق ومصر تعمل على ذلك.وأشار المحلل السياسي المصري، إلى أنّ مصر ستكون جاهزة بمقترح شامل قبل يوم 4 مارس المقبل، لكي تتبناه الدول العربية من خلال القمة التي ستعقدها القاهرة، مضيفًا، "المشروع لن يكون مصريًا إلا من حيث الصياغة فقط، ولكن سيتم طرحه باعتباره مبادرة عربية".وقال إنّ المباحثات التي شهدتها الرياض ربما تطرقت إلى مناقشة تفاصيل المبادرة المصرية وسبل تمويلها من الدول العربية.حل الدولتينوأكد غطاس ضرورة أن يقترن مشروع إعادة إعمار غزة بأفق سياسي لحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية، لأنّ بناء المساكن ليس كافيًا لإنهاء الصراع في المنطقة، لافتًا إلى أنّ مشروع القرن الذي تبناه ترامب في ولايته الأولى كان يتحدث عن دولة فلسطينية مستقلة ويجب الحديث عن هذا خلال هذه الفترة.في ما يتعلق بوجود "حماس" في القطاع، قال غطاس إنّ التصريحات الصادرة من الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد أبو الغيط عن ضرورة تخلي "حماس" عن السلطة في غزة، ليست موقفًا شخصيًا له، ولكنها وجهة نظر عربية وموجهة بالأساس إلى السلطة الفلسطينية.ولفت إلى أنّ قطاع غزة من المقرر أن يتم إدارته من خلال لجنة مشتركة ربما تشارك فيها دول عربية وتكون منبثقة من السلطة الفلسطينية عبر حكومة تكنوقراط، فضلًا عن إيجاد إصلاحات حقيقية في السلطة الفلسطينية والالتزام بقواعد الحكم الرشيد.وأضاف غطاس "على حماس أن تتعامل مع الوقائع الجديدة فلن يتم إعادة إعمار غزة قبل خروج الحركة من القطاع".(المشهد)