أصيب لبنان منذ سنوات بشلل تام في قطاعاته كافة، بسبب التدهور الاقتصاديّ والشلل السياسيّ والأزمات المالية وعلى رأسها أزمة القطاع المصرفي، التي أثقلت كاهل اللبنانيّين وكاهل الاقتصاد اللبناني.. واليوم، لم يتبقَ أمام لبنان واللبنانيّين سوى القليل من العزيمة للبقاء على قيد الحياة والثبات، في خضمّ الصراع المستمر بين إسرائيل و"حزب الله"، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".وبالفعل، ومنذ بدء تبادل الضربات الجوية وإطلاق الصواريخ عبر الحدود بين إسرائيل و"حزب الله"، اندلعت الحرب كما في غزة في الجنوب اللبناني، حتى لو لم تعلن إسرائيل عن ذلك رسميًا، كما فعلت عند إعلانها الحرب في غزة.و"حزب الله"، الجماعة الشيعية المموّلة من إيران، والتي أثبتت نفسها كحزب سياسيّ رئيسيّ في البلاد، وكمنظمة خدمات اجتماعية، لا تدير لبنان بأيّ معنًى رسمي. لكن في عهد حسن نصر الله، بدا الأمر أحيانًا كما لو كان "حزب الله" في لبنان القوة الوحيدة المهيمنة، حيث تحدث مراقبون ومحللون دائمًا عن مفهوم "دولة ضمن دولة" إشارة منهم إلى "حزب الله"، الذي يمتلك بالفعل جيشًا ومدارس ومستشفيات وبرامج شبابية.صاعقة قلبت الموازينأما الآن، جاءت وفاة حسن نصر الله كآخر صاعقة تهز لبنان الغارق بالفعل في حالة طوارئ منذ سنوات. ومعاناة لبنان الحالية بدأت: في عام 2019، عندما انهار الاقتصاد اللبنانيّ وزعزع معه الطبقة الوسطى القوية في البلاد. ولم تفضِ الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة لسياسات الحكومة اللبنانية بالإطاحة بالطبقة السياسية الحاكمة.في عام 2020، زاد انتشار فيروس كورونا من تدهور الاقتصاد اللبناني، ليأتي انفجار بيروت المدمر ليسحق الاقتصاد في البلاد، بعد تحطّم أحياء بأكملها في العاصمة.في عام 2023، اندلاع المواجهة العسكرية بين إسرائيل و"حزب الله" التي كان آخر نتائجها، نزوح ما لا يقل عن 1.5 مليون لبناني.الحكومة اللبنانية غائبةوفي هذا الشأن، قال النائب اللبنانيّ مارك ضو: "الحكومة اللبنانية كانت بحالة قصوى من الذهول بسبب ما جرى في الأسابيع الأخيرة، خصوصًا بعد نزوح الآلاف بسبب الغارات الإسرائيلية المكثفة على مناطق لبنانية متعددة". وأضاف ضو: "ليس لدى الحكومة اللبنانية أموال ولا حتى سيطرة على ما يحدث على الأرض"، مشيرًا إلى أنّ "الجيش اللبنانيّ لا يملك سوى القليل من القوة الفعلية، وهم جميعا رهينة لما يقرره "حزب الله" في لبنان".وفي الوقت الذي فتحت فيه الحكومة اللبنانية مئات المباني العامة كملاجئ للنازحين، فهي في المقابل، لم تقدم أيّ فرش أو طعام أو أيّ إمدادات أخرى للنازحين.وانتشرت الأخبار حول مراكز الإيواء المتوافرة للنازحين بشكل عشوائيّ من خلال منشورات على الـWhatsApp، مع القليل من التوجيه الرسمي. وبالفعل، امتلأت الملاجئ بسرعة فائقة، تاركة المئات من اللبنانيّين في الساحات العامة وعلى الممشى الساحليّ في منطقة الروشة وتحت الجسور. واستطرد ضو قائلًا: "لبنان غارق في الشلل السياسي، و"حزب الله" عرقل محاولات الحلول في البلاد، فقد مضى ما يقرب من عامين بدون رئيس للجمهورية، وليس لدى لبنان سوى حكومة تصريف أعمال".كل هذا، والدولة اللبنانية غير قادرة حتى على تأمين الكهرباء لمواطنيها، ناهيك عن أزمة المستشفيات اللبنانية، حيث قال نقيب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون: "لا يمكن للبلاد من نواحٍ كثيرة أن تصمد أمام حرب طويلة الأمد، وعلى الرغم من أنّ أداء نظام الرعاية الصحية كان جيدًا حتى الآن، إلا أننا قلقون من عدم بقاء عدد كافٍ من المهنيّين الطبيّين للتعامل مع الهجوم الإسرائيليّ المستمر".(ترجمات)