جاءت الصفقة الاستثمارية الكبرى التي وقعتها الحكومة المصرية بالشراكة مع دولة الإمارات، لتطوير منطقة رأس الحكمة بالساحل الشمالي، كطوق نجاة للاقتصاد المصري، الذي يعاني أزمة طاحنة، وفقًا لخبراء اقتصاد.وتكمن أهمية الصفقة بحسب الخبراء، كونها ستوفر سيولة نقدية دولارية مباشرة، وبشكل عاجل، لحل أزمة شح النقد الأجنبي، الأمر الذي يتيح لصانعي القرار تدبير الاحتياجات الأساسية التي تستوردها مصر، والتي تعتمد على الدولار الأميركي.وكان رئيس الوزراء المصري، قد أعلن نهاية الأسبوع الماضي، في مؤتمر صحفي، تفاصيل المشروع، إذ من المقرر أن يتم ضخ 35 مليار دولار مقسمة على دفعتين خلال شهرين، فيما ستبلغ القيمة الإجمالية للاستثمارات في المشروع نحو 150 مليار دولار.أزمة نقص العملة الصعبة في مصر، أدت إلى ارتفاع كبير في أسعار كافة السلع خاصة الغذائية، بسبب وجود سوقين لسعر صرف الدولار أمام الجنيه، أحدهما رسمي (30.9 جنيهًا للدولار الواحد)، والآخر سوق موازية وتراوح سعر صرف الدولار فيها ما بين 62 إلى 72 جنيهًا.وبمجرد الإعلان عن الصفقة، تراجع هذا السعر في السوق الموازية إلى حدود الـ 50 جنيهًا للدولار، وفقًا لمتابعين.وأشار خبراء اقتصاد في حديث لمنصة "المشهد" إلى أنّ مشروع رأس الحكمة بالتأكيد له تداعيات إيجابية على الاقتصاد المصري بشكل كبير، فعلى الرغم من أن الاتفاقات المالية لم تدخل حيز التنفيذ فإن سعر صرف الدولار في السوق السوداء المصرية تراجع خلال الأسبوع الماضي بشكل كبير.ولكن في الوقت نفسه، يرى الخبراء أنّ انعكاس التطورات الجديدة لن تؤثر على أسعار السلع الغذائية سريعًا، ولكن سيحتاج الأمر لبعض الوقت واستقرار السوق لكي يكون هناك تحسن ملحوظ في أسعار المواد الغذائية.تراجع سعر الدولار في السوق السوداءواعتبر الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور علي مسعود، صفقة مشروع رأس الحكمة طوق النجاة للاقتصاد الذي كان يعاني موقفا صعبا للغاية.وقال في حديث لـ"المشهد"، إنّ الإعلان عن الصفقة أدى إلى تراجع سعر صرف الدولار في السوق السوداء بنسبة كبيرة، لافتًا إلى أنّ الأخبار الإيجابية ساهمت في هذا التراجع بشكل كبير.وأوضح مسعود، أنّ الوقت حاليًا مناسب للغاية من أجل قيام مصر بتحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار في البنوك، مُضيفًا: "هذه الخطوة سوف تقضي على السوق الموازية بشكل كامل".الصفقة أيضًا لها فوائد أخرى وهي رسالة طمأنة للعالم بأن الموقف الاقتصادي المصري يسير بشكل جيد، وهو ما يشجع مستثمرين آخرين على الدخول للاستثمار في السوق المصرية، بحسب الخبير الاقتصادي المصري.هل انعكست هذه التطورات على أسعار السلع الغذائية في مصر؟ يجيب مسعود بقوله، بالطبع لم تؤد إلى انخفاض أسعار السلع الغذائية، ولن يحدث ذلك في الفترة القصيرة المقبلة.وأشار إلى أنه من السهل رفع سعر أي سلعة غذائية سريعًا ولكن انخفاضها يحتاج إلى استقرار السوق لفترة من الوقت.ومن هنا، يرى مسعود أنّ ما تقوم به الدولة من طرح سلع غذائية في الأسواق من خلال المعارض المُجمعة في المحافظات هو أفضل وسيلة للسيطرة على أسعار السلع الغذائية خاصة مع حلول شهر رمضان.وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت إقامة معارض (أهلا رمضان) لبيع سلع غذائية في المحافظات المختلفة بالتزامن مع حلول شهر رمضان، بأسعار مُخفضّة في خطوة للتخفيف عن المواطنين الذين يعانون بسبب ارتفاع الأسعار.وطالب الخبير الاقتصادي المصري، الحكومة بضرورة الاستمرار في عمل هذه المعارض خلال الشهور المقبلة، لأنها إحدى أدوات الدولة للقضاء على ظاهرة "جشع التجار" الذين يقومون برفع أسعار السلع بشكل مبالغ فيه.انخفاض أسعار المنتجات بنسبة 30%من جانبه، قال عضو شعبة المستوردين، ياسر القماش، في تصريحات لقنوات محلية، إن أسعار المنتجات في الأسواق انخفضت لـ30% بسبب مشروع رأس الحكمة.وأشار إلى انخفاض المواد الخام التي تدخل في عمليات التصنيع والتي تعتمد على الاستيراد من الخارج، قائلًا: "أقل طن من خامة تصنيع مواسير المياه انخفض 10 آلاف جنيه ومواد أخرى انخفض سعرها 20 ألفا".على الجانب الآخر، اتفق الخبير الاقتصادي المصريّ، الدكتور إيهاب الدسوقي، مع ما طرحه الدكتور علي مسعود حول تراجع سعر صرف الدولار بسبب الصفقة.وقال الدسوقي في حديث لـ"المشهد"، إنّ الإعلان عن الصفقة أدى إلى تراجع الدولار بشكل كبير حتى قبل أن يتم ضخ التحويلات الدولارية في البنوك وهو مؤشر جيد، لافتًا إلى أنّ ما يجري حاليًا هو انعكاس للأخبار الإيجابية التي أعلنها رئيس الوزراء.ولكن في الوقت نفسه، رأى أن أسعار السلع الغذائية لن تتراجع خلال هذه الفترة، لافتًا إلى أن آلية رفع السعر تختلف عن آلية الانخفاض، وبالتالي ما يحدث هو استقرار لسعر المواد الغذائية بعد القفزات الكبيرة التي شهدها خلال الأسابيع الماضية.(المشهد - القاهرة)