بعد فترة من التباعد والخلاف عززتها مسائل أمنية واقتصادية، يحاول الحليفان الإستراتيجيان الجزائر وروسيا حل الإشكالات الحالية بينهما سعيا إلى عودة العلاقات بين البلدين إلى مسارها السابق. وتجري في الجزائر وموسكو اجتماعات لزيارة مرتقبة لرئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين، وهي زيارته الثانية للجزائر في خلال 6 أشهر بهدف تعزيز التفاهمات بين البلدين.خلافات بين روسيا والجزائرتأتي الزيارة بعد خلافات حادة بين الجزائر وموسكو بشأن القضايا الإقليمية لاسيما في منطقة الساحل بمالي وليبيا. وسبق الزيارة سلسلة لقاءات برلمانية وسياسية وعسكرية مكثفة لوضع إطار لتجاوز سوء تفاهم سياسي نتج عن مشاركة قوات "فاغنر" الروسية في أبريل الماضي، بشن غارات على الطوارق في مالي وبالتحديد على مقربة من الحدود الجزائرية، إضافة إلى مساعدة روسيا لقائد الجيش الليبي خليفة حفتر للتقدم نحو الحدود الجزائرية في محاولة فاشلة للسيطرة على المعابر والحدود. ولا شك أن تصريحات وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطّاف، التي قال فيها إن روسيا والجزائر استهدفتا آلية للتنسيق والتشاور ذات طابع مؤسساتي تجتمع دوريًا للتعبير عن المخاوف والانشغالات لكلا الطرفين ومعالجة المشكلات المستجدة تسير في طريق حلحلة الخلافات بين البلدين.تحييد أنشطة "فاغنر"وفي التفاصيل، قال أستاذ العلوم السياسية الجزائري، الدكتور توفيق بوقاعدة، إنّ الاجتماعات التي جرت بين الجزائر وروسيا نتج عنها خطوات جيدة منها وقف محاولة هجوم بالطائرات لقوات فاغنر على الطوارق بعد الخسائر التي مُنيت بها هذه القوات في مناطق عدة بمالي. وأضاف في مقابلة مع قناة "المشهد" أن الاجتماعات أثمرت عن تحييد قوات "فاغنر" في العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش المالي على الحدود الجزائرية، لافتا إلى أن الجزائر عبرت عن انزعاجها الشديد من نشاط مجموعة فاغنر في مالي واستقواء الحكام الجدد في مالي بهم للخروج من اتفاق السلام الموقع في الجزائر عام 2015. وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن أي تهديدات على الحدود الجزائرية لا شك تنعكس على الأمن القومي الجزائري، مضيفا "موقف الجزائر واضح من الشركات الأمنية وطالب في السابق الأمم المتحدة بإصدار قرارات لمنع أنشطة هذه الشركات التي تتجاوز في تهديداتها الدول. وأوضح أن الموقف السلبي الجزائري من الشركات الأمنية سابق لهذه الأحداث التي شهدتها حدودها مع مالي، لافتا إلى أنّ الماليين لم ينعموا بالسلام إلا في إطار اتفاق المصالحة والسلام.فشل الحلول العسكريةوقال بوقاعدة إنّ الجزائر ترى أن الخيارات العسكرية مآلها إلى الفشل وأن المسار السلمي هو الأفضل للشعب المالي، لافتا إلى أن ملف نقل الأسلحة الروسية إلى بعض الدول الإفريقية عقب سقوط نظام بشار الأسد في سوريا لم تتضح معالمه حتى الآن. وأضاف "لا يمكن أن تجني روسيا ثمار فيلق إفريقيا دون أن تكون مسؤولة عن الخروقات التي يقوم بها هذا الفيلق من ضرر سواء للمواطنين أو ضرر أمني للدول". وأكد ضرورة أن تتبنى روسيا سياسة تتسم بالمسؤولية سواء في المكاسب أو الخسائر جراء تحركات قوات فاغنر في بعض الدول، مشيرا إلى أن الجزائر تتبنى موقفا رافضا يتعلق بوجود الشركات الأمنية التي تحارب دون أن يكون لها مسؤولية أخلاقية أو سياسية. وأشار إلى أن سكان مناطق شمال مالي يرتبطون بعلاقات اجتماعية مع سكان جنوب الجزائر ما يجعل أي تحركات عسكرية في المنطقة تهديدا للأمن القومي الجزائري خصوصا في فترات نزوح السكان خلال المواجهات.(المشهد)