أصيبت مفاوضات وقف إطلاق النار والتوصل لهدنة خلال شهر رمضان إلى انتكاسة جديدة بعد رفض إسرائيل مقترح "حماس" بشأن خطتها للهدنة.ووصف بيان مجلس الوزراء الإسرائيلي مطالب "حماس" بأنها "سخيفة وغير منطقية".ووصف محللون مقترح "حماس" بأنها خطوة "هامة وإيجابية" نحو وقف إطلاق النار في غزة، في انتظار أن تقابل برد إيجابي من قبل الجانب الإسرائيلي، الذي سيتضح موقفه جلياً بعيد اجتماع متوقع لمجلس الحرب الإسرائيلي. الاقتراح الجديد الذي عرضته حركة "حماس" على الوسطاء للتهدئة ووقف إطلاق النار يشمل مرحلتين، الأولى الإفراج عن النساء والأطفال وكبار السن والمرضى من الإسرائيليين، مقابل إطلاق سراح 700 إلى 1000 أسير فلسطيني، من بينهم 100 أسير فلسطيني يقضون أحكاماً مدى الحياة في السجون الإسرائيلية، مقابل إطلاق سراح المجندات الإسرائيليات النساء. وفي المرحلة الثانية يتم إطلاق سراح جميع المحتجزين من الجانبين، ووفقاً للمقترح أشارت "حماس" أنها ستوافق على موعد لوقف دائم لإطلاق النار بعد أول تبادل للأسرى، وأن الموعد النهائي للانسحاب الإسرائيلي من غزة سيتفق عليه بعد المرحلة الأولى. وفي رد إسرائيلي أولي، صدق رئيس الوزراء نتانياهو على مخطط لتنفيذ الهجوم البري على رفح، رغم التحذيرات الدولية من مغبة مجزرة بحق النازحين فيها، كما وأشار ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلي إلى أن مطالب حركة "حماس" "لا تزال غير واقعية، وأنها سخيفة وغير منطقية". بدوره سوف يعقد مجلس الحرب الإسرائيلي جلسة أخرى للتباحث في الرد على مقترح "حماس" للتهدئة، على وقع تظاهرات إسرائيلية طالبت بإبرام صفقة تبادل لإعادة الأسرى الإسرائيليين، فيما تتواصل المحاولات المصرية والقطرية لتضييق هوة الخلافات بين "حماس" وإسرائيل، حول الشكل الذي سيبدو عليه وقف إطلاق النار، في ظل الأزمة الإنسانية العصيبة التي دفعت معظم أهالي قطاع غزة إلى آتون المجاعة، والحرب المستمرة لليوم ال161 على التوالي."مبادرة مرنة"يرى الأمين العام للمبادرة الوطينة الفلسطينية مصطفى البرغوثي، أن "العرض منطقي وعقلاني حيث أبدت فيه حركة "حماس" مرونة عالية لمساعدة أهالي غزة على الخروج من الظروف المأسوية القاسية التي يعيشونها بفعل الحرب الإسرائيلية على غزة، وفي نفس الوقت تمسكت بالمطالب الجوهرية والأساسية، والكرة الآن في ملعب نتانياهو" وقال البرغوثي في حديث مع منصة "المشهد": "لا يمكن للجانب الفلسطيني أن يقدم تنازلات أكثر، بل أمر مستحيل، ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو هو من يعطل الصفقات المطروحة، والمبادرات التي تصب لوقف إطلاق النار، والسبب أنه يدافع عن بقائه في الحكم، ويحاول منع ذهابه إلى السجن، من خلال إطالة أمد الحرب، لكنه الآن بات يواجه ضغوطاً أميركية شديدة جدية لأول مرة، وضغوطاً داخلية إسرائيلية كبيرة". وأوضح أن "إسرائيل تحاول إطالة أمد المفاوضات وتتلاعب بها، في محاولة للهروب من المسؤولية ولكن في نهاية المطاف عليها أن تجيب، وإذا أجابت بشكل سلبي سوف تدفع ثمنا أكبر في المستقبل". من جانبه، قال القيادي في حركة "حماس" محمود مرداوي: "لن تتجاوز عن الأساسيات الجوهرية الضرورية للاتفاق وتبادل الأسرى، التي تضمن الحياة الكريمة للشعب الفلسطيني، وهي عودة النازحين، وإغاثة المنكوبين، ووقف إطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة".وأضاف مرداوي في حديث مع منصة "المشهد" أن "المقترح الجديد يتسم بالمرونة لكي نظهر للعالم أجمع، بأن إسرائيل تضع العثرات والعقبات، لأنها لا تريد صفقة ولا وقفا لإطلاق النار، وتفشل المقترحات المقدمة من الإقليم والمنظومة الدولية".فزاعة إسرائيل بدوره، يوضح الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة، أن "الرد الإسرائيلي على مقترح "حماس" لوقف إطلاق النار في غزة، ليس مرتبطا بإشعال القدس والضفة أو تصاعد الأحداث فيهما كما تروج إسرائيل، بل هي تستخدم هذه الذريعة، كفزاعة للتضييق على الفلسطينيين وتمرير مخططاتها، ونتانياهو يخشى التحولات الخطيرة التي تشهدها الساحة الداخلية الإسرائيلية، بالتزامن مع رفع منسوب الخطاب الأميركي المحتج لإدخال إسرائيل في مسار الهدنة". وتابع هلسة في حديثه مع منصة "المشهد" أن "نتانياهو يستمر في المعاندة ورفع الصوت بالرغبة بمواصلة الحرب، الرد الإسرائيلي سيكون بين نعم ولا، بمعنى أن إسرائيل ستأخذ من المقترح ما تريده وتمريره في هذه الأجواء، وسترفض ما ترى بأنه سيضيق عليها وعلى نتانياهو شخصياً وسيقدمه كمستسلم في وقف الحرب". وأردف قائلاً "المساحة التي قدمتها حماس في مقترحها جيدة، وتتيح لها فكرة المناورة، وسحب البساط من تحت أقدام نتانياهو للرفض المطلق، وبالتالي لن يكون رفضا إسرائيليا مطلقا، ستقول نعم للقضايا التي تريدها ولا للقضايا التي لا تريدها، وربما هذا سيعيد الكرة إلى ملعب حماس وقيادتها، وهنا يأتي دور الوسطاء وتحديداً الولايات المتحدة، التي تريد بشكل مستميت فرض الصفقة على إسرائيل، في هذه الحالة يمكن أن يفرض عليها شيء ما بفعل ضيق المساحة الإسرائيلية، والتأزم الداخلي الذي تشهده".خطأ في التقديرات ولفت الباحث والمحلل السياسي إيال عليما، إلى أنه "منذ مؤتمر باريس في شهر فبراير، تعاملت الحكومة الإسرائيلية بشكل خاطئ مع قضية الأسرى لدى حماس بغرة، فلا يوجد صوت موحد بخصوص هذا الملف".وقال عليما في حديثه مع منصة "المشهد" إن "إسرائيل كانت تظن أن حركة حماس سوف تخضع للإملاءات والشروط لوقف إطلاق النار قبل رمضان وهذا لم يحدث، بل إنها تحاول استغلال شهر رمضان، وتحقيق أهدافها لتوحيد الجبهة بين غزة والضفة".وأضاف: "الجانب الإسرائيلي لم يقرأ بشكل صحيح نوايا حماس، لذلك كانت هناك أخطاء كثيرة ارتكبت، أبرزها تباين المواقف داخل مجلس الحرب، حيث إن قضية الأسرى بدت وكأنها ليست أولية في اعتباراتهم، وكل ما يحدث حالياً، هو لصالح حماس وتحقيق أهدافها، التي تستغل الوضع الراهن والظروف، ولا تأبه لإنجاح وقف إطلاق النار في غزة". (المشهد - القدس)