في السنوات الأولى من القرن الـ 21، كان القادة العسكريين يفكرون فيما لا يمكن تصوره، هل أصبحت الدبابات بالية؟ حيث كان يُنظر إلى الطائرات دون طيار والحروب الإلكترونية وغيرها من التقنيات الناشئة على أنها أسلحة المستقبل، حسبما أوردت صحيفة "بوليتيكو" في تقرير لها. الصحيفة الأميركية تقول إنه في الآونة الأخيرة وتحديدا في عام 2020، اعتقد بعض القادة العسكريين أن بريطانيا ستتوقف عن استخدام دباباتها تماما، ولكن مع فجر عام 2023، ومع تفكير أوكرانيا في شن هجوم ربيعي حاسم ضد روسيا، تستعد كييف للعودة مرة أخرى إلى معدات الجيوش البرية التقليدية في حرب القرن الـ 21.العودة إلى الدباباتيسعى القادة العسكريون الأوكرانيون إلى الحصول على مئات الدبابات الغربية خلال المرحلة التالية من الحرب، في محاولة لمواجهة قوات موسكو واختراق التحصينات في أماكن مثل لوهانسك ومنطقة زابوريجيا. وبعد أشهر من المماطلة، بدأ الحفاء في حلف شمال الأطلس "الناتو" في رؤية الحكمة من هذه الاستراتيجية، حيث تعهدت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بتوفير مركبات مدرعة لأول مرة في الأسابيع الأخيرة. ويعد ذلك بمثابة تذكير أنه على الرغم من التطور التكنولوجي الفائق للحرب الحديثة، لا تزال القوة على الأرض أمر بغاية الأهمية. وتجادل كييف بأن حفنة المركبات التي يخطط الحلفاء الغربيون في تقديمها لها يجب أن تكون مجرد البداية، إذ تدافع من أجل الحصول على ما يتراوح بين 200 و300 دبابة و600 عربة مدرعة للمشاة بالإضافة إلى 500 مدفع "هاوتزر". الأرض المسطحةيستخدم الجيش الأوكراني بالفعل دبابات من الحقبة السوفيتية تبرع بها حلفاؤها من أوروبا الشرقية أو تم الاستيلاء عليها من الروس، لكن النماذج الغربية التي تتوق إليها كييف ستوفر تغييرا تدريجيا في القدرات قبل تصعيد محتمل للمعارك في الربيع.وبحسب "بوليتيكو"، يقول دبلوماسي من إحدى دول الاتحاد الأوروبي: "التنقل هو المفتاح في حرب هجومية". وأضاف: "إذا كان لأوكرانيا أي فرصة لشن هجوم، فإنهم بحاجة إلى بعض التنقل بالبنادق الثقيلة، لا يكفي فقط امتلاك سيارات لاند روفر من الدرجة العسكرية أو مركبات دورية مدرعة، إنهم بحاجة إلى شيء يمكنه في الواقع تدمير الدبابات الروسية عن بعد". فيما يقول الخبراء إن الأرض المسطحة في أوكرانيا تجعلها سيناريو مثالي للدبابات، إذ ستجعل كييف قادرة على استعادة المواقع المحصنة في المدن الرئيسية على طول خط المواجهة. وقال أستاذ دراسات الحرب في جامعة وارويك في المملكة المتحدة، أنتوني كينغ: "ستكافح أوكرانيا لشن هجوم مضاد ثان بقوة أكثر ثقلا".ويخشى المسؤولون الأوكرانيون من أن أنظمة الصواريخ المتعددة "هيمارس" التي تصنعها الولايات المتحدة، والتي دمرت القوات الروسية خلال عمليات الهجوم المضاد في الخريف الماضي، ستثبت أنها أقل فعالية هذه المرة لأن عدوهم ابتعد أكثر لتجنب التعرض للضرب، مما يجعل الدبابات ضرورية أكثر من ذي قبل، حسبما تقول الصحيفة الأميركية.وحذر كينج من أنه قد تظهر ضغوط إمداد فيما يتعلق بأنظمة "هيمارس" هذا العام، مضيفا: " كل الأدلة تشير إلى أنه لن يكون لديهم هذا القدر من المدفعية الدقيقة بعيدة المدى مرة أخرى. لذلك أنت بحاجة إلى قوة قريبة أثقل مثل الدبابات والمركبات القتالية لتعويض الفارق".تعهدات الحلفاء تتسارع المحادثات بين حلفاء "الناتو" بعد إعلان فرنسا أنها ستمنح الدبابات القتالية الخفيفة "AMX-10 RC" إلى كييف في غضون شهرين، فيما أكدت المملكة المتحدة خططها في نهاية الأسبوع لإرسال دبابات "تشالنجر 2" بريطانية الصنع إلى أوكرانيا. ويمكن للحكومات الغربية أن تتقدم بتعهدات أخرى قبل اجتماع وزراء دفاع الدول المتحالفة الجمعة القادم في قاعدة رامشتاين العسكرية الأميركية في جنوب غرب ألمانيا. وتأمل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من منطقتي البلطيق وأوروبا الوسطى أن تؤدي سلسلة من التعهدات إلى الضغط على ألمانيا للسماح لدول أخرى بتصدير دبابات "ليوبارد 2" الألمانية الصنع إلى أوكرانيا. وقال مسؤول غربي: "لن يكون الأوكرانيون قلقين بشكل خاص بشأن مصدر الدبابات، طالما أنها تأتي بكميات كافية". ومع ذلك، يُدرك المسؤولون الأوكرانيون جيدا الاختلافات الكبيرة بين النماذج التي قد يتلقونها من الغرب. تفوق الدبابات الألمانية وتمتلك دبابات "M1 Abrams" الأميركية الصنع مدى إطلاق نار طويل، ولكنها تشكل صعوبات في إعادة التزود بالوقود لأوكرانيا التي مزقتها الحرب لأن محركاتها التوربينية الكبيرة تستهلك كميات كبيرة من الكيروسين. وعلى الرغم من أن طراز "تشالنجر 2" البريطاني سيكون بمثابة تحسن كبير مقارنة بدبابات الحقبة السوفيتية التي تستخدمها القوات الأوكرانية حاليا، إلا أنها ليست منافسة للدبابات الألمانية "ليوبارد 2"، والتي يمكنها إصابة هدف بحجم ثلاجة على مسافة 3 كيلومترات. ويجادل المسؤولون الألمان بشأن إرسال دبابات "ليوبارد 2"، بشكل كبير على ما تقرر الولايات المتحدة القيام به، ويصرون على أن الحلفاء بحاجة إلى خطة مناسبة لتدريب القوات الأوكرانية على تشغيلها وصيانتها، وسيكون هذا أسهل إذا شاركت دول عدة.(ترجمات)