تشهد الدول المجاورة لسوريا، حركة نشطة وبارزة لعودة آلاف العائدين إلى "سوريا الجديدة"، وسط مواكبة أمنية شديدة تتصل بإجراءات بين سوريا وهذه الدول. وبالفعل، بدأ العديد من اللاجئين السوريين في لبنان وتركيا بشكل خاص، بالتدفق إلى المعابر الحدودية، منذ إعلان المعارضة السورية عن سيطرتها على مدن حلب وحماة وحمص ثم دمشق والإطاحة بنظام الأسد بعد ذلك.وشجعت استعادة الفصائل المعارضة لمساحات واسعة من سوريا، العديد من اللاجئين السوريين في لبنان وتركيا، على التفكير بالعودة إلى وطنهم، لإعادة بناء حياتهم ومستقبلهم من جديد، خصوصًا مع شبه توقف الأعمال العسكرية في البلاد، وبدء قوات المعارضة بتقديم الخدمات الأساسية في مدن عدة.آمال كبيرة وتساؤلات كثيرةوعن أوضاع اللاجئين السوريين. قالت المتحدثة الرسمية باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا رولا الأمين لقناة "المشهد": "عدد الذين قرروا العودة أو عادوا فعليًا وعبروا الحدود إلى سوريا، ليس كبيرًا جدًا حتى الآن، هناك أمال كبيرة عند أكثر من 6 ملايين سوري منتشرين في أنحاء الأرض، 5 ملايين منهم في المنطقة، وعلى الرغم من آمالهم الكبيرة، لديهم أيضًا تساؤلات كثيرة، فهم يريدون أن يتأكدوا أن الوضع قد أصبح آمنًا فعلًا، حتى يتمكنوا من العودة حتى بعد سقوط النظام".وتابعت قائلةً: "لا يوجد لدينا حتى الآن أرقام دقيقة عن عدد العائدين إلى سوريا، مثلًا من الأردن، فإن عدد العائدين حتى الآن قليل جدًا، ومن لبنان هناك المئات الذين يعودون إلى سوريا كل يوم، ومن تركيا أيضًا أرقام مماثلة، ونعتقد أنه ينبغي أن يكون هناك إجماع على توفير الأمن والأمان في البلاد، حتى يتمكن هؤلاء من أن يكونوا واثقين أن عودتهم ستكون آمنة، وهذا طبعًا يستدعي انتقالا سلسا وسلميا وآمنا للسلطة، إلى جانب سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، فهذه كلها أمور مهمّة، خصوصًا أن سوريا تعاني انهيارا كبيرا في البنى التحتية والمدارس والمستشفيات والكهرباء والماء".الأمم المتحدة جاهزة لمساعدة اللاجئينوأردفت بالقول: "المفوضية موجودة على الأرض في سوريا منذ عقود ولم نتركها ليوم واحد، ونحن نحاول اليوم أن نستعيد قوتنا ونعاود برامجنا للمساعدات الإنسانية.. طبعًا خلال أول أسبوع على اندلاع المواجهات الأخيرة، تأثر معظم موظفي المفوضية بسبب الوضع الأمني الهش، أما الآن وبينما تستقر الأمور الأمنية ويستقر الوضع، بدأنا في معاودة بعض هذه البرامج، واللاجئون الذين يعودون إلى أماكن نحن موجودون فيها، يحق لهم أن يتقدموا بالطلبات للحصول على المعونات، وهذه المعونات ربما قد تكون مساعدات نقدية أو فرشات أو أغطية خصوصًا في فصل الشتاء، فالاحتياجات كبيرة جدًا".واستطردت قائلةً: "لا توجد لدينا مراكز لاستقبال العائدين اليوم، ولكن الكثير من هؤلاء يعودون إلى بيوتهم المدمرة، أو تلك التي عانت بعض الدمار، يعني لا توجد فيها شبابيك ولا أبواب، بالتالي نحاول بشتى الطرق المساعدة، حيث إن المساعدات النقدية قد تساعد السوريين على إصلاح بيوتهم، والمساعدات العينية كالفرشات والأغطية البلاستيكية لتغطية الشبابيك والأبواب أيضًا".وتابعت: "كما أن هناك مساعدات أخرى ومتنوعة، ولكن لا شك طبعًا أن الاحتياجات ضخمة، وهي في ازدياد، فخلال الأسبوعين الماضيين فقط، أكثر من مليون شخص في سوريا اضطروا للهروب خوفًا من المعارك، بعضهم عاد والبعض الآخر ما زال نازحًا، وهذا يزيد من عدد الذين يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية، من هنا نناشد الدول القادرة والغنية من المنطقة ومن خارج المنطقة، للمساهمة بمساعدة السوريين حتى يتمكنوا من العودة إلى بلادهم".عقبات أساسية وعن العقبات التي تواجهها المفوضية اليوم في تأمين احتياجات اللاجئين السوريين سواء في الدول الجوار أو في الأراضي السورية، قالت رولا الأمين:العقبة الأساسية هي الوضع الأمني الهش، وينبغي أن تكون هناك تطمينات وضمانات للمؤسسات العاملة في الإغاثة الإنسانية لتتمكن من القيام بعملها على أكمل وجه، وتطمينات للعاملين فيها بأن وضعهم الأمني وسلامتهم مضمونة، حتى يتمكنوا من مواصلة أعمالهم والوصول إلى كل من يحتاج المساعدة.الأمم المتحدة بدأت باتصالات مع القوى الموجودة على الأرض أي قوى المعارضة السورية، وهناك تطمينات مبدئية، وعلى المجتمع الدولي أن يستثمر في بناء سوريا حتى يتمكن السوريون من العودة وبناء هويتهم ومجتمعاتهم وبلادهم، ولن يستطيعوا القيام بهذه المهمة بدون مساعدة المجتمع الدولي والتزام المجتمع الدولي بمساعدتهم.(المشهد)