قدّم العراق بشكل رسمي عبر وزير دفاعه ثابت العباسي طلبا إلى تركيا لإطلاق المياه إلى شرياني العراق، نهري دجلة والفرات، في ظل أزمة المياه الحادة التي تعاني منها بلاد الرافدين.ويتضمن الطلب المقدم إلى تركيا زيادة المياه الواصلة إلى العراق عبر نهري دجلة والفرات، بواقع 900 متر مكعب بالثانية.وقال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية خالد شمال الأربعاء الماضي إن "الوفد العراقي الذي زار تركيا أخيرا، برئاسة وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي قدم طلبا رسميا إلى أنقرة لإطلاق المياه إلى العراق.وأوضح العباسي أنه "من المفترض أن تكون الإطلاقات المائية الجديدة يوم 5 مارس الجاري، وبالتالي في حال أطلقت تركيا المياه فإن وصولها قد يستغرق أياما عدة"، وذلك في إشارة ضمنية إلى موافقة تركيا على الطلب العراقي.وأضاف "ننتظر الأيام المقبلة لمعرفة التصاريف الجديدة وكمية الإطلاقات"، مشيرا إلى أن "الطلب تم لرفع الإطلاقات المائية بواقع 400 متر مكعب في الثانية من نهر دجلة و500 متر مكعب في الثانية من نهر الفرات".أسباب الشحّوبات ملفّ المياه يشكّل تحديا أساسيا للحكومة العراقية في البلد شبه الصحراوي والذي يبلغ عدد سكانه أكثر من 42 مليون نسمة، وكانت بغداد قد حملت مرارا وتكرارا جارتيها تركيا وإيران مسؤولية خفض منسوبات المياه الواصلة إليها. ويوضح المستشار السابق للجنة الزراعة والمياه في مجلس النواب العراقي عادل المختار أن "العراق يمرّ للسنة الرابعة في الجفاف والوضع خطر والخزين المائي انخفض لدرجة كبيرة تقدّر بـ 8 مليارات متر مكعب ولديه فراغ خزني يقدّر بـ 92 مليار متر مكعب".وعن السبب وراء ذلك، يقول المختار إنه "نتيجة سنين الجفاف والاستهلاكات المائية وقلة الإطلاقات من دول الجوار وتحديدا تركيا وشح الأمطار". وأضاف: "ما يفاقم الوضع هو درجة الحرارة العالية نتيجة التغيرات المناخية، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة التبخر وكذلك عوامل أخرى مثل العواصف الترابية التي مرت على العراق". أنقرة رفضت الطلبوحول مدى استجابة تركيا للطلب، يقول المختار إنه "بحسب المعلومات، رفضت أنقرة لكنها قد تستجيب على ذلك بشكل غير رسمي ومثبت". وأشار إلى أنه "بعد أن تستجيب تركيا نحتاج لـ 4 أو 5 أيام حتى تصلنا المياه، لأننا لا نتوقع إطلاقات قوية حتى تأتي بسرعة". ويعدّ العراق الغني بالموارد النفطية من الدول الـ 5 الأكثر عرضة للتغير المناخي والتصحر في العالم، وفق الأمم المتحدّة، خصوصا بسبب تزايد الجفاف مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز في مرحلة ما من فصل الصيف 50 درجة مئوية. ويمتلك العراق 19 سدا معظمها مشيّد على نهري دجلة والفرات وروافدهما في عموم أنحاء البلاد، ويعتمد للحصول على المياه بشكل رئيسي على هذين النهرين وروافدهما والتي تنبع جميعها من تركيا وإيران. طلب مقدّم من وزير الدفاع ويؤكد خبير الإستراتيجيات والسياسات المائية رمضان حمزة لمنصة "المشهد" أن "طلبات الملف المائي لا تُقدم من قبل وزير الدفاع بل من قبل وزارة الخارجية أو وزارة الموارد المائية حتى يأخذ السياق الرسمي بينما عندما يكون الطلب من خلال عابر سبيل أو وزير دفاع يزور هذا راح يكون له إشكال آخر ومعطيات أخرى لأن وزير الدفاع لا يعرف بحيثيات ومشاكل هذا الملف". وأضاف حمزة: "هذا الملف الشائك لا يناقش بجلسة أو جلستين، والوفد المرافق طبعا لا يحق له التكلم لأن الوزير هو من سيتكلم وهو من أخذ المعلومات من وزارة الموارد أو الخارجية وهذا السياق غير صحيح حقيقة". واعتبر أن "إرسال وزير الدفاع بمثابة رسالة إنذار إلى الدولة المقابلة (تركيا)"، معتبرا أن "هذا يكون صحيحا عندما يكون بدولة قوية جدا".دور إردوغان وعن سبب عدم التعاون التركي يقول رمضان "السدود التركية متأثرة جدا بسبب الزلازل التي حدثت مؤخرا، تركيا ورئيسها مصرّان أن يبقيا المياه خلف السدود حتى وإن انهارت". واعتبر أن "تركيا تغامر بسدودها في سبيل الحصول على مبالغ من النفط العراقي عبر الأنبوب العراقي". واتهم رمضان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأنه "يتحكم في الملف النفطي ولا يقبل أي مفاوضات في هذا الخصوص إلا عن طريقه، خصوصا أنه بأمس الحاجة لأموال هذا القطاع قبيل الانتخابات الرئاسية". وأشار إلى أنه "كان من الأجدر أن يقوم بالزيارة رئيس الجمهورية، وأن تكون هناك زيارة مماثلة إلى إيران". ويعاني العراق من تراجع منسوب مياه نهريه دجلة والفرات في جنوب العراق بشكل واضح أخرها رؤية قاع نهر الفرات ظاهرا عند الضفاف ودعّامات الجسور العابرة لنهر ابو لحية في محافظة ذي قار جنوبي العراق. ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، خبرا مقتضبا عن الحكومة مفاده "أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أوعز باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتفعيل ملفّات التفاوض مع تركيا وإيران وسوريا".(المشهد)