أثارت حركة "حماس" الغموض بشأن وجود وسلامة الأسرى الإسرائيليين لديها، حيث صرحت أن مصير العديد من أسرى إسرائيل في غزة بات غير معروف، محملة القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية المسؤولية بسبب استمرار القصف الذي سيزهق أرواحهم.تقديرات إسرائيلية، أشارت بأن إسرائيل، وقعت أمام ثلاثة أفخاخ، بعد 100 يوم من الحرب على غزة، وهي عدم عودة الأسرى، وأزمة الاقتصاد، وتردي الوضع على الجبهة الشمالية مع لبنان، وحول إعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة، بات يسود الشارع الإسرائيلي، بأن عودتهم مرتبطة بوقف الحرب بل على رأس الأولويات.لكن الخلافات الداخلية بين أعضاء كابينت الحرب الإسرائيلي، تعود وتطفو على السطح يومياً، خصوصا بشأن إنجاز صفقة تبادل الأسرى، ففي وقت يشدّد فيه أعضاء الكابينت على ضرورة إتمام صفقة لتبادل الأسرى، يمتنع نتانياهو ويصر على مواصلة القتال العسكري رغم عدم تحقق الأهداف الميدانية والعسكرية والسياسية، فما مصير هؤلاء الأسرى؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة للإفراج عنهم واستعادتهم؟ منصة "المشهد" ترصد هذا الملف من خلال استضافة عدد من الباحثين والمختصين. حقائق وسيناريوهاتأشارت د.دلال صائب عريقات، أستاذة الدبلوماسية وحل النزاعات في الجامعة العربية الأميركية لمنصة "المشهد"، إلى أنه "فيما يخص أسرى الحرب، اتفاقية جنيف الرابعة والقانون الدولي الإنساني ينصان على إطلاق الأسرى الإسرائيليين، وهذا أيضاً ينطبق على كل الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ومن خلال الأدوات الدبلوماسية والمفاوضات بوساطة قطرية تمت عملية مبادلة الأسرى، لكن التعنت الإسرائيلي أوقف عمليات التبادل، ومواصلة الحرب والقصف العنيف على أرجاء غزة، فالقيادة العسكرية الإسرائيلية تدرك تماماً بأن أرواح الأسرى في خطر، لكنها تخاطر بهم، لأنها تدرك بأن المقاومة في غزة تستخدمهم كورقة ضغط على إسرائيل لتحقيق مطالبها، ناهيك عن مصلحة نتانياهو بإطالة عمر الحرب". وتؤكد عريقات بأن هنالك ثلاثة سيناريوهات أمام إسرائيل حول مصير الأسرى في غزة، "السيناريو الأول، يتعلق بالوقف الكامل لإطلاق النار، وسوف يؤدي إلى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة، والثاني مقتل هؤلاء الأسرى بفعل القصف الإسرائيلي المكثف على غزة والتي تتبع سياسة هانيبال أي بمعنى جندي قتيل خير من جندي أسير، والثالث التوصل لصفقة تبادل أسرى بين الجانبين، من خلال مبادرة دولية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال إيجاد أفق سياسي واسع للقضية الفلسطينية". تضليل ومخاطرة من جانبه، يشير عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، محمد الحوراني بأن نسق السياسة التي تنتهجها حكومة نتانياهو بممارسة الخداع على الرأي العام الإسرائيلي لن تجلب الأسرى ولا الحل السياسي للإسرائيليين، ويعود السبب بأن "حكومة نتانياهو التي تخاطب الرأي العام الإسرائيلي، أنها تعمل من أجل إعادة الأسرى الإسرائيليين مقابل صفقات، وفي المقابل تمارس ضده وعكسه تماماً على أرض الواقع، فكيف بإمكانها أن تستعيد الأسرى تحت الضغط وتحت النار؟".وأضاف "هناك نية مبطنة لدى نتانياهو، فهو لا يكترث بالأشخاص، بل يريد أن يواصل حرباً شاملة ضد الشعب الفلسطيني وضد "حماس"، معتقداً أنه بالقوة المجردة أن يحل هذه المواضيع، فهو يمارس الكذب والتضليل والخداع على الرأي العام الإسرائيلي، وأكبر دليل على ذلك عندما اقترب موعد تنفيذ صفقة تبادل جديدة قبام باغتيال القيادي صالح العاروري، وهذا يدل بأن نتانياهو وحكومته لا تريد أن تتوقف عن الحرب ولا تتعاطى جدياً مع صفقة تبادل أو وقف إطلاق النار" وأضاف الحوراني "وبالتالي الخيارات اليوم صعبة على الحكومة الإسرائيلية، فما تقدم عليه من عدوان وحرب شرسة على غزة، فالحرب معقدة، والخيار أمام نتانياهو هو الاستمرار فيها، واستعمال القوة بهذا المقدار، الإسرائيليين يخرجون من أجل عقد صفقة حتى لو كانت مؤلمة مع الفلسطينيين، فما يشغل نتانياهو هو مصير ائتلافه الحكومي ومصيره الشخصي وليس الأسرى الإسرائيليين فهو يعرضهم للخطر والقتل في كل لحظة". عامل الوقت يداهم حياة الأسرىويعلق الباحث السياسي والعسكري إيال عليما لـ"المشهد" في هذا الخصوص ويقول: "إسرائيل في مأزق حقيقي في الحرب ومصير الأسرى بغزة مجهول وغامض، رغم الإنجازات العسكرية من ناحية الجيش، ولكن المعركة لم تحسم حتى الآن في غزة، بالمقابل تزداد الضغوطات الداخلية الإسرائيلية لإعادة المختطفين، وفقاً للانطباع الحاصل من قبل الجمهور الإسرائيلي، الحرب مستمرة دون أن تؤدي إلى الأهداف التي حددتها إسرائيل، وهي القضاء على "حماس" وإعادة المختطفين، وهذا انعكس وينعكس على الساحة السياسية الإسرائيلية". وأضاف عليما "الحكومة تسعى لمواصلة الحرب، وعامل الوقت يلعب دورا كبيرا مع الولايات المتحدة، فالمعركة حالياً في مرحلة حساسة ليس فقط ميدانياً وعسكرياً وإنما من ناحية سياسية وقدرة الحكومة على مواصلة الحرب، من دون أي نتائج ملموسة، فالجمهور يقول بأنها مستمرة ولا يوجد أفق، لذلك يتوجب على القادة العسكريين والسياسيين للحرب، أن يغيروا استراتيجتها تماماً لاستعادة الأسرى في ظل الحراك الشعبي القائم من قبل عائلاتهم والجمهور الإسرائيلي". وأشار إلى أن "عامل الوقت بات يداهم حياة الأسرى في غزة، وكل يوم يمر يضع علامات استفهام، والحراك الشعبي الداخلي يطالب بإعادتهم فوراً، وإذا تمت إعادتهم في نعوش الموتى، فهذا لن يكون إنجازا إسرائيليا، بل سيضع إسرائيل في مأزق ومرحلة جديدة، في ظل أن الأسرى باتوا ورقة ضغط في يد (حماس)". خيارات إسرائيل لتحرير الأسرىمن جهته، يؤكد د.مئير مصري الأكاديمي المحاضر في الجامعة العبرية بالقدس لمنصة "المشهد" بأن "إسرائيل لا تفاوض "حماس" وإنما الدوحة، ليكن واضحاً، فليست قطر بوسيط وإنما طرف داعم وراع رسمي لـ"حماس" على طول الخط، حيث تمدها بالمال وتأوي مكتبها السياسي وثروات قادتها، لقد نجحنا في التوصل إلى صفقة أولى بفضل الضغوط الأميركية غير المسبوقة التي مورست على حاكم الدوحة، ونستمر في بذل الجهود للتوصل إلى صفقة جديدة، طالما أن ذلك لا يؤثر على مجرى العمليات العسكرية الدائرة في القطاع والهادفة إلى القضاء على سلطة (حماس)". وتابع قائلاً: "التنظيمات المختلفة في القطاع، "حماس" وغير "حماس"، قتلت عددا من المختطفين. عثرنا على سبيل المثال على جثث لمختطفين قتلوا رمياً بالرصاص أو جراء عمليات تعذيب أو إهمال طبي، ادعت "حماس" أنهم لا يزالون على قيد الحياة أو أنهم قتلوا أثناء قصف الطيران الإسرائيلي لمواقع المقاتلين. ليست لدينا أي ثقة في المعلومات التي تأتي من غزة، فالهدف منها هو التضليل، الإرباك وإدارة الحرب النفسية". وأضاف بأن "عددا كبيرا من الأسرى قد لقوا حتفهم، و"حماس" سوف تحتفظ بـ40 إلى 50 منهم كبوليصة تأمين لقياداتها. لقد رصدنا موقع اختباء السنوار في خان يونس، وعدد من الأسرى في مربع تواجده، وبالتالي فربما تتم عملية مقايضة بعد الإجهاز على "حماس" نهائياً نحصل من خلالها على عدد من المختطفين والرفات مقابل السماح لبعض العناصر الحمساوية بمغادرة القطاع. هذا هو السقف المحتمل. أما من يظن أن بإمكان إسرائيل وقف العمليات العسكرية في مقابل تحرير الأسرى، فهو حالم". (المشهد)