في تحول سياسي غير مسبوق، أعلنت الإدارة السورية الجديدة يوم الأربعاء 29 يناير 2025 تعيين أحمد الشرع، المعروف سابقا باسم أبو محمد الجولاني، رئيسًا لسوريا خلال المرحلة الانتقالية، وذلك بعد أكثر من شهر على الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد. وجاءت هذه الخطوة كجزء من عملية إعادة هيكلة سياسية وعسكرية واسعة، تم فيها حلّ مجلس الشعب وإلغاء الدستور السابق، إضافة إلى تفكيك الجيش السوري والفصائل المسلحة التي شاركت في سقوط الأسد. الرئيس السوري أحمد الشرعأعلن العقيد حسن عبد الغني، الناطق باسم الإدارة العسكرية السورية، خلال مؤتمر "إعلان انتصار الثورة السورية"، أن أحمد الشرع سيتولى مهام رئاسة الجمهورية ويمثل سوريا في المحافل الدولية، كما تم تفويضه بتشكيل مجلس تشريعي مؤقت يتولى مسؤولية صياغة دستور جديد للبلاد. وقال عبد الغني في البيان الرسمي: "نعلن تولية السيد القائد أحمد الشرع رئاسة الجمهورية العربية السورية في المرحلة الانتقالية، وتكليفه بمهمة بناء سوريا الجديدة، وتحقيق الاستقرار السياسي والأمني، وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة"، مضيفا أن الإدارة قررت تفكيك جميع الفصائل المسلحة، ودمج المقاتلين السابقين في جيش وطني جديد وقوات أمنية موحدة، في خطوة تهدف إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة من الصفر. خطاب أحمد الشرع الأول في أول خطاب له كرئيس للمرحلة الانتقالية، قال أحمد الشرع: "سوريا تحررت من قيود نظام مجرم جثم على صدورنا لعقود. لقد تحررت بتضحيات شهدائنا ومعتقلينا ومعذبينا، وبفضل جميع من دفعوا ثمن الحرية". وأضاف: "استنادًا إلى تفويضي بمسؤولياتي الحالية، سأعلن قريبًا عن تشكيل لجنة تحضيرية لاختيار مجلس تشريعي انتقالي، يتولى صياغة إعلان دستوري جديد، وتنظيم مؤتمر حوار وطني شامل، لمناقشة مستقبل البلاد". كما شدد أحمد الشرع على أولوية تحقيق المصالحة الوطنية، وبناء مؤسسات دولة قائمة على العدل والكفاءة، ومكافحة الفساد، وإنعاش الاقتصاد السوري المتضرر. هيئة تحرير الشام منذ سقوط الأسد، تحولت "هيئة تحرير الشام"، التي يقودها أحمد الشرع، إلى القوة الحاكمة في سوريا، حيث قامت بتشكيل حكومة مؤقتة تتألف من مسؤولين سابقين من إدارتها في محافظة إدلب، التي كانت خاضعة لسيطرة المتمردين. ووفقا لمصادر سياسية، فإن الحكومة الجديدة تسعى إلى دمج جميع الفصائل المسلحة السابقة تحت راية الجيش الوطني الجديد، لكن لا تزال هناك تحديات كبيرة بسبب التباين الأيديولوجي والعسكري بين هذه الفصائل. من هو أحمد الشرع؟ البدايات والتوجه الجهاديولد عام 1982 في السعودية لعائلة سورية هاجرت من هضبة الجولان بعد السيطرة عليها من قبل إسرائيل عام 1967.عاد لاحقا إلى دمشق ونشأ في حي المزة.انضم إلى تنظيم القاعدة في العراق عام 2003، وقاتل تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوي ضد القوات الأميركية.تم اعتقاله عام 2006، وسُجن لخمس سنوات في معسكر بوكا، حيث التقى بعدد من القادة الجهاديين، أبرزهم أبو بكر البغدادي.دوره في الحرب السوريةفي 2011، أرسله البغدادي إلى سوريا لتأسيس "جبهة النصرة"، كذراع لتنظيم القاعدة في الحرب ضد بشار الأسد.في 2013، صنفته الولايات المتحدة كـ"إرهابي"، واتهمته بتنفيذ هجمات انتحارية ضد مدنيين، ومحاولة فرض الشريعة الإسلامية.في 2016، أعلن انفصاله عن القاعدة، وأعاد تسمية جماعته إلى "هيئة تحرير الشام"، سعيًا للحصول على شرعية دولية.تحوله إلى رجل سياسةبدأ أحمد الشرع في تغيير صورته تدريجيًا، حيث تخلى عن الزي العسكري وظهر في ملابس رسمية غربية في مناسبات عديدة.أطلق مبادرات تهدف إلى إدارة المناطق الخاضعة لسيطرته بطريقة أكثر انفتاحًا، بما يشمل تحسين الخدمات، وإدارة القطاعات المدنية.في 2021، أجرى مقابلة مع محطة PBS الأميركية، زاعمًا أن جماعته لم تشكل تهديدًا للغرب، وداعيًا المجتمع الدولي إلى الاعتراف به كطرف شرعي في سوريا.تحديات أحمد الشرع 1. دمج الفصائل المسلحة في جيش وطني جديد: لا تزال العديد من الفصائل ترفض الخضوع لقيادته، مما قد يعيق استقرار المرحلة الانتقالية. 2. كسب الاعتراف الدولي: لا تزال الولايات المتحدة والأمم المتحدة تصنفه كإرهابي، مما قد يعقد مسألة الاعتراف الدولي بحكومته. 3. التعامل مع القوى الإقليمية والدولية: واشنطن، موسكو، أنقرة، وطهران لديهم مصالح مختلفة في سوريا، وقد يؤثر ذلك على قدرة حكومته في إدارة البلاد. 4. إعادة بناء الاقتصاد والبنية التحتية: سوريا تعاني أزمة اقتصادية خانقة، ودمارا واسعا في البنية التحتية، مما يجعل إعادة الإعمار تحديًا هائلًا. 5. الاحتفاظ بالسلطة وسط التوترات الداخلية: رغم تعيينه رئيسا، إلا أن هناك مخاوف من تصاعد المعارضة الداخلية، خاصة من الفصائل المسلحة الأخرى.مستقبل سوريا مع تولي أحمد الشرع قيادة سوريا، تدخل البلاد مرحلة جديدة من إعادة الهيكلة السياسية والعسكرية، لكن يبقى هناك ترقب لمجموعة من التساؤلات:هل سيتمكن الشرع من توحيد البلاد وإعادة الاستقرار؟هل سيتم الاعتراف بحكومته دوليًا؟كيف ستتعامل القوى الدولية مع سوريا في ظل قيادته؟المرحلة القادمة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت سوريا ستشهد ولادة نظام جديد مستقر، أم أن البلاد ستظل غارقة في دوامة الصراع والانقسامات. (المشهد)