طالب الحزب الرئيسي المعارض في كوريا الجنوبية الأربعاء الرئيس يون سوك يول بالتنحّي، متّهما إياه بـ"التمرد" بعد فشل محاولته فرض نظام الأحكام العرفية في البلاد.وقال زعيم الحزب الديمقراطي بارك تشان-داي في بيان "حتى لو تمّ رفع الأحكام العرفية، فمن المستحيل تجنّب تهمة التمرّد"، مضيفا "يجب عليه أن يتنحّى".وأعلن الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول ليل الثلاثاء الأربعاء، أنّه سيلتزم قرار الجمعية الوطنية رفع الأحكام العرفية التي فرضها في وقت سابق، ما تسبّب بأزمة نددت بها المعارضة وأثارت قلقًا دوليًا خصوصًا لدى حليفته الولايات المتحدة.وقال يون في خطاب متلفز "قبل قليل، كان هناك طلب من الجمعية الوطنية برفع حالة الطوارئ، قمنا بسحب الجيش الذي نشر لتطبيق عمليات الأحكام العرفية. سنقبل طلب الجمعية الوطنية ونرفع الأحكام العرفية".فرحة في الشوارعوقوبل الإعلان بفرحة في أوساط متظاهرين نزلوا إلى الشوارع احتجاجًا على فرض الأحكام العرفية، خصوصًا عند البرلمان.وكانت الجمعية الوطنية التي تهيمن عليها المعارضة، سارعت الى التصويت على رفع الأحكام. لكن الجيش أكد أنه لن يقوم بذلك دون قرار من الرئيس. وأغلق مبنى البرلمان بعد فرض الأحكام العرفية، وحطت مروحيات على سقفه. وتولى قائد الجيش الكوري الجنوبي الجنرال بارك آن-سو مسؤولية تنفيذ قانون الأحكام العرفية، وأصدر مرسومًا بحظر "كل النشاطات السياسية". ودخل جنود ملثمون إلى البرلمان لفترة وجيزة، بينما تواجه المئات خارجه مع قوات الأمن المكلفة حماية المبنى وهم يهتفون "أوقفوا يون سوك يول".وتعد كوريا الجنوبية ذات النظام السياسي الديمقراطي حليفًا رئيسيًا في آسيا للولايات المتحدة التي تنشر آلاف الجنود على أراضيها.إعلان مفاجئوأتى الإعلان المفاجئ عن فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية للمرة الأولى منذ أكثر من 40 عامًا، في خضم أزمة سياسية بين الرئيس والمعارضة تتمحور حول الميزانية العامة. وقال يون في خطاب متلفز للأمة "من أجل حماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تمثّلها القوات الشيوعية، والقضاء على العناصر المناهضة للدولة التي تنهب حرية الناس وسعادتهم، أعلن بموجب هذا الأحكام العرفية الطارئة". ولا تزال كوريا الجنوبية وجارتها الشمالية المسلحة نوويًا، في حالة حرب رسميًا منذ نهاية النزاع في شبه الجزيرة الكورية عام 1953. وأضاف "من دون أيّ اعتبار لحياة الناس، قام حزب المعارضة بشلّ الحكم"، مشددًا على أنّ "جمعيتنا الوطنية أصبحت ملاذًا للمجرمين، ووكرًا للديكتاتورية التشريعية التي تسعى الى شلّ النظم القضائية والإدارية وقلب نظامنا الديمقراطي الليبرالي". وكان زعيم المعارضة لي جاي-ميونغ اعتبر أن فرض الأحكام العرفية خطوة "غير دستورية وباطلة وغير قانونية". وتمكن نحو 190 نائب (من أصل 300) من دخول البرلمان وصوّتوا بالاجماع لرفع الأحكام العرفية. قلق أميركي وتحذير صينيوقبل إعلان يون احترامه التصويت البرلماني، دعت الولايات المتحدة السلطات الى الالتزام به. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل للصحفيين "بالطبع ما نأمله ونتوقعه هو أن يتم التزام القوانين والقواعد المرعية في بلد ما. هذا يشمل تصويت الجمعية الوطنية" في كوريا الجنوبية. وقال نائب وزير الخارجية الأميركي كورت كامبل "نتابع عن قرب التطورات الراهنة في جمهورية كوريا بقلق عميق"، مضيفا "لدينا كل أمل ونتوقع بأن أي خلافات سياسية سيتم حلّها سلميا وبما يتلاءم مع سيادة القانون". وأكد البيت الأبيض أنه لم يكن على علم مسبقا بفرض الأحكام العرفية. بدورها، حضت الصين الحليفة لكوريا الشمالية، مواطنيها على التزام أقصى درجات الحيطة والحذر. وكان القلق سمة طاغية في غالبية المواقف الدولية، اذ قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إن "الوضع مقلق. نحن نتابعه عن كثب"، بينما أكد متحدث باسم الأمين للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن الأخير يتابع الوضع الذي "يتطور بشكل سريع". وكان قائد الجيش الكوري الجنوبي أعلن في بيان بعد قرار الرئيس، حظر كل النشاطات السياسية، على أن تصبح كل وسائل الإعلام تحت مراقبة الحكومة. لم يعد "رئيسا شرعيا"وتتمتع المعارضة بالغالبية في مجلس النواب المؤلف من 300 مقعد. وقد اعتبرها الرئيس يون "قوى مناهضة للدولة عازمة على قلب النظام". وشدد الرئيس على أن فرض قانون الأحكام العرفية كان "لا مفر منه لضمان استمرارية كوريا الجنوبية الليبرالية"، مؤكدا أن هذه الخطوة لن تؤثر على السياسة الخارجية للبلاد. أضاف "سأعيد البلاد الى وضعها الطبيعي من خلال التخلص من القوى المناهضة للدولة في أقرب وقت ممكن"، من دون أن يعلن إجراءات سوى الأحكام العرفية. واعتبر أن البلاد بلغت "شفير الانهيار، مع جمعية وطنية تتصرف كوحش عازم على إسقاط الديمقراطية الليبرالية".وأتى فرض الأحكام العرفية بعدما تراجعت شعبية يون إلى 19% فقط في أحدث استطلاع لمعهد غالوب الأسبوع الماضي، مع إبداء كثيرين عدم رضاهم على إدارته للاقتصاد والجدل المحيط بزوجته كيم كيون هي.(وكالات)