نسبت الحكومة الأميركية الهجوم المميت الأخير على جنود أميركيّين في الأردن، إلى ميليشيات "المقاومة الإسلامية" في العراق. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القوميّ بالبيت الأبيض جون كيربي في مؤتمر صحفيّ في واشنطن: "نعتقد أنّ الهجوم في الأردن تم التخطيط له وتمويله وتسهيله من قبل مجموعة محلية تسمى (المقاومة الإسلامية) في العراق، والتي تشمل مجموعات متعددة، بما في ذلك كتائب (حزب الله)". وقُتل 3 جنود أميركيّين وأصيب أكثر من 20 آخرين في هجوم بطائرة مسيّرة على موقع عسكريّ أميركيّ في الأردن الأحد الماضي، يُعرف باسم قاعدة "البرج 22". وألقى الرئيس الأميركيّ جو بايدن باللوم على الجماعات المسلحة المتطرفة المدعومة من إيران في الهجوم وهدّد بالرد. وتُعدّ كتائب "حزب الله" المتحالفة مع إيران، والتي تدعمها طهران، واحدة من أقوى الميليشيات في العراق. وتطالب بانسحاب القوات الأميركية من البلاد. وعندما سئل عما إذا كانت ميليشيات "حزب الله" على وجه التحديد تقف وراء الهجوم على الأردن، قال كيربي إنّ "هذا بالتأكيد له سمات أنواع الأشياء التي تقوم بها كتائب (حزب الله)، ولكن في الوقت الحاليّ فإنّ الإسناد الذي يشعر مجتمع الاستخبارات لدينا بالارتياح تجاهه، هو أنّ هذا تم من قبل مجموعة مظلية تسمى (المقاومة الإسلامية) في العراق". ومنذ بدء حرب غزة بين إسرائيل وحركة "حماس" في أكتوبر، تشنّ ميليشيات موالية لإيران هجمات شبه يومية على قواعد عسكرية أميركية في العراق وسوريا. وتردّ الحكومة الأميركية بضربات جوية في كلا البلدين.ما هي الميليشيات العراقية المسلحة؟ رغم أنّ الميليشيات العراقية لم تعلن مسؤوليّتها عن الهجوم الأخير في الأردن، إلا أنه يشبه في طريقة تنفيذه الهجمات الصاروخية وضربات المسيّرات التي بدأ تنفيذها منذ منتصف أكتوبر ضد القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي لمكافحة الإرهابيّين في العراق وسوريا. وأعلنت ميليشيات "المقاومة الإسلامية في العراق"، وهي مجموعة من المقاتلين من جماعات مسلحة موالية لإيران، مسؤوليّتها عن معظم هذه الهجمات 165 وفقًا لواشنطن. وقالت "المقاومة الإسلامية" في بياناتها، إنها تتضامن مع غزة وتدعو إلى انسحاب الجنود الأميركيّين المنتشرين ضمن قوات التحالف من العراق. وفي نهاية نوفمبر أعلنت ميليشيات "حزب الله" أسماء بعض الجماعات المنضوية معها في "المقاومة الإسلامية"، مشيرة على وجه الخصوص إلى كتائب "سيّد الشهداء" و"النجباء". وتفتخر هذه الحركات بكونها جزءًا من "محور المقاومة" الذي يوحدها مع طهران والفصائل الإقليمية الأخرى، مثل "حزب الله" اللبنانيّ، أو "الحوثيّين" في اليمن. لكنّ ميليشيات "حزب الله" العراقية أعلنت الثلاثاء، "تعليق" هجماتها على القوات الأميركية بغية عدم "إحراج" الحكومة العراقية. وردًا على الإعلان قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الجنرال بات رايدر في مؤتمر صحفيّ بواشنطن، إن "الأفعال أبلغ من الأقوال". وأضاف "كنا قد دعونا المجموعات التابعة لإيران إلى وقف هجماتها. لكنها لم توقفها. سنردّ في التوقيت الذي نختاره وكما نشاء". واتهمت الولايات المتحدة كتائب "سيّد الشهداء" بتنفيذ هجمات على القوات الأميركية. وتصنف واشنطن هذه الجماعات على أنها "إرهابية". وفي الأسابيع الأخيرة، ردًا على الهجمات، استهدفت القصف الأميركيّ في العراق ميليشيات "حزب الله" و"النجباء". ولديهم مقاتلون يشاركون باسمهم في الصراع الدائر في سوريا المجاورة، دعمًا لنظام دمشق، بحسب المرصد السوريّ لحقوق الإنسان. وترتبط هذه الميليشيات بـ"الحشد الشعبي"، وهو تحالف غير متجانس من القوات شبه العسكرية السابقة التي ظهرت في يونيو 2014، لدعم قوات الأمن ضد تنظيم داعش الذي اجتاح نحو ثلث اراضي العراق وسيطر عليها. وتشكل الحشد استجابة لفتوى المرجع الشيعيّ الأعلى آية الله علي السيستاني، الذي دعا إلى "الجهاد الكفائيّ" ضد تنظيم داعش. وفي عام 2016، صدر قانون بدمج الحشد في القوات النظامية وجعله مؤسسة رسمية تابعة لأوامر رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة. وكانت ميليشيات الحشد تستمد أعدادها من الجماعات الشيعية المسلحة التي حاربت القوات الأميركية بعد سقوط نظام صدام حسين. وساهم الحشد في دحر تنظيم داعش عام 2017 على يد قوات الأمن العراقية، بدعم من التحالف الدولي نفسه الذي تقوده واشنطن وتستهدفه حاليًا الهجمات. ويضم الحشد حاليًا عشرات المجموعات وأكثر من 160 ألف عنصر بحسب التقديرات، ولم تقدّم السلطات ولا أيّ مؤسسة أرقامًا رسمية عن اعداده. على مرّ السنين، ظهر العديد من القادة، وأبرزهم أبو مهدي المهندس، المعارض السابق الذي لجأ ذات يوم إلى إيران والمقرب من قاسم سليماني. وقُتل الرجلان في يناير 2020 في بغداد بضربة طائرة أميركية مسيّرة. (د ب أ - أ ف ب)