يبدو أنّ الأوضاع الإنسانية ذاهبة إلى مزيد من التأزم في لبنان، في ظل استمرار الغارات الإسرائيلية المكثفة في أنحاء البلاد كافة. وتسود حالة من التخوف في صفوف اللبنانيّين الذين يفترش معظمهم الطرقات بلا مأوى، خصوصًا مع اقتراب فصل الشتاء والحاجة إلى التدفئة. والتخوف الأكبر الذي يقضّ مضاجع اللبنانيّين، يتصل بالخشية من فقدان المواد الأساسية والغذائية، تمامًا كما جرى في غزة.وتواجه الدولة اللبنانية الغارقة في أزمة اقتصادية حادة منذ سنوات، تحديات كبيرة في ظل هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد.كابوس المجاعةوفي هذا الشأن، قال وزير الاقتصاد اللبنانيّ أمين سلام لقناة "المشهد": "نحن في حالة حرب واعتداء مخيف على لبنان، وتداعيات هذه الحرب وتوسع هذه الحرب، أمر حذرنا منه مرارًا وتكرارًا منذ بداية هذه الأحداث، ومنذ ما يقارب العام".وتابع سلام قائلًا: "الكل يعلم أنّ الاقتصاد اللبنانيّ يواجه منذ سنوات مشاكل وصعوبات كبيرة، إضافة إلى تدهور سعر العملة اللبنانية وشلل القطاع المصرفيّ، وغيرها من التحديات التي أثقلت كاهل اللبنانيّين وأثقلت كاهل الاقتصاد بشكل عام".نزوح لم يشهد مثله العالموأردف سلام بالقول: "هذه الحرب أضافت عبئًا ثقيلًا وكبيرًا على الدولة اللبنانية، يتمثل بالنزوح الداخلي، فنحن اليوم نتكلم عن ما يقارب المليون و100 ألف نازح داخل لبنان، وهذا نزوح تاريخيّ لم يشهد مثله العالم في خلال فترة أقل من أسبوع، في أيّ بلد حول العالم، بالتالي الوضع المستجد سيؤثر دون أدنى شك على الناتج المحلي بشكل كبير، لأنّ القرى والمناطق والمحافظات الجنوبية والبقاعية وضواحي بيروت في حالة شلل كامل، والمؤسسات مغلقة والوظائف شاغرة، ومعظم الجيل العامل أو القوى العاملة اليوم باتت بلا عمل".واستطرد سلام قائلًا: "الدولة اللبنانية وكما يقال باللحم الحيّ تحاول تنفيذ خطة طوارئ، وتعمل بجهد كبير على تأمين حاجات المواطنين من موادّ غذائية وطبابة واستشفاء وغيرها، وكان لنا اجتماع لبحث هذه المعضلات في لجنة الطوارئ مع المجتمع الدوليّ، وتحديدًا مع الدول المانحة، وأجرينا مداولات كبيرة عن تكلفة هذا النزوح وتكلفة ما قد يحصل خلال الثلاثة أشهر القادمة حتى نهاية العام 2024، وقُدّرت هذه المبالغ التي يحتاجها لبنان وتحتاجها الدولة بما يقارب الـ500 مليون دولار، لتغطية كلفة النزوح وحاجات المواطنين".مخزون لخمسة أشهروفي موضوع تأمين المواد الغذائية، قال سلام: "دائمًا ما كنا نطمئن اللبنانيّين أنّ المواد الغذائية والمواد الاستهلاكية والأساسية لعامة الشعب اللبناني، تكفي لـ4 أو 5 أشهر من المواد الغذائية المخزنة والموجودة داخل البلد، وعدد كبير أيضًا من البواخر المستوردة اليوم في مرافق بيروت وطرابلس وصيدا تُفرغ حمولاتها من الموادّ الغذائية والمواد الإستهلاكية، بالتالي أمامنا 4 أو 5 أشهر من تأمين هذه الحاجات".وأضاف سلام قائلًا: "التصعيد الإسرائيليّ حتى هذه الساعة يحصل في المناطق الحدودية الجنوبية للبنان، وليس عبر المعابر أو المرافق التي تدخل من خلالها البضاعة إلى لبنان، وهذه المرافق ما زالت تعمل بشكل طبيعي، وهذا يُعتبر أمرًا جيدًا في هذه المرحلة الصعبة، ولكن علينا أن ننبّه دائمًا أنّ تعرّض أيٍّ من هذه المرافق إلى أيّ اعتداء، أو تعرّض لبنان لحصار بحريّ أو جوي، سيؤدي إلى شلل سلاسل الاستيراد ويؤدي إلى مشكلة في توافر البضاعة".وعن الخطط البديلة في حال استهداف المرافق في لبنان ومطار بيروت، قال سلام: "دائمًا ما تكلمت على نطاق شخصيّ كوزير الاقتصاد والتجارة، عن ضرورة تأمين مطارات أخرى في لبنان، وعندنا خيارات عدة أولها مطار رينيه معوض في منطقة الشمال، ومطارات أخرى في مناطق مختلفة من لبنان، ولكنّ هذا الموضوع بعيد المنال في هذه المرحلة، ويبقى من الأمور التي نسعى إليها لاحتواء أيّ أزمة في المستقبل القريب أو المستقبل البعيد، ولكن بسبب مشاكل الحدود بين لبنان وسوريا التي لم تنتهِ حتى اليوم، ليس أمامنا غير مطار بيروت ومرافق بيروت وطرابلس وصيدا كمنافذ للاستيراد والتصدير، ولهذا نحن نحذر من تفاقم هذه الحرب أو من توسع رقعتها، أو ضرب البنى التحتية، لأنّ هذا سيضع لبنان في مكان صعب وحرج جدًا".(المشهد)