يعتقد مسؤولون من الشرق الأوسط والولايات المتحدة، أنّ حجم الدمار في قطاع غزة الناجم عن الهجوم الإسرائيليّ المستمر منذ نحو 9 أشهر، ساهم على الأرجح في دفع حركة "حماس" إلى تخفيف مطالبها باتفاق وقف إطلاق النار.يبدو أنّ "حماس" تخلت خلال عطلة نهاية الأسبوع عن مطلبها الذي طال أمده بأن تتعهد إسرائيل بإنهاء الحرب في إطار أيّ اتفاق لوقف إطلاق النار.وأثار هذا التحول المفاجئ آمالًا جديدة في إحراز تقدّم في المفاوضات التي تتم بوساطة دولية.وتفاخر رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو، يوم الأحد، بأنّ الضغط العسكري – بما في ذلك الهجوم الإسرائيليّ المستمر منذ شهرين على مدينة رفح جنوبيّ قطاع غزة – "هو ما دفع "حماس" للدخول في المفاوضات".رسائل سرية بين قادة "حماس"يشار إلى أنّ "حماس" تتسم بالسرية الشديدة ولا يعرف سوى القليل عن أعمالها الداخلية.لكنّ رسائل وقعها العديد من كبار الشخصيات في "حماس" بغزة، والتي اطّلعت عليها الأسوشيتدبرس، حثت القيادة السياسية للحركة في المنفى على قبول مقترح وقف إطلاق النار الذي طرحه الرئيس الأميركيّ جو بايدن.ووصفت الرسائل، التي شاركها مسؤول في الشرق الأوسط مطّلع على المفاوضات الجارية، الخسائر الفادحة التي تكبدتها "حماس" في ساحة المعركة والظروف الصعبة في القطاع الذي تمزقه الحرب.تحدث المسؤول شريطة عدم الكشف عن هويته لمشاركة محتويات مراسلات "حماس" الداخلية.ليس من المعروف ما إذا كان هذا الضغط الداخليّ عاملًا في مرونة "حماس". لكنّ الرسائل تشير إلى انقسامات داخل الحركة واستعداد بين كبار المسلحين للتوصل إلى اتفاق سريعًا، حتى لو لم يكن المسؤول الأعلى لـ "حماس" في غزة، يحيى السنوار، في عجلة من أمره.السنوار مختبئ منذ اندلاع الحرب في أكتوبر أول الماضي. ويعتقد أنه متحصّن في نفق عميق تحت الأرض.ورفض المسؤولون الأميركيون التعليق على الرسائل."حماس" تكبدت خسائر كبيرةلكنّ شخصًا مطّلعًا على الاستخبارات الغربية تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة هذه المسألة الحساسة، قال إنّ قيادة الحركة تدرك أنّ قواتها تكبدت خسائر فادحة، وقد ساعد ذلك "حماس" على الاقتراب من اتفاق وقف إطلاق النار.ويقول مسؤولان أميركيان إنّ الأميركيّين يدركون الانقسامات الداخلية داخل حماس، وإنّ تلك الانقسامات والدمار في غزة أو الضغوط التي يمارسها الوسطاء مصر وقطر، يمكن أن تكون عوامل في تخفيف الحركة المسلحة لمطالبها بالتوصل إلى اتفاق.تحدث المسؤولان الأميركيان بشرط عدم الكشف عن هويتيهما لمناقشة وجهة نظر إدارة بايدن بشأن الوضع الحالي.وشارك المسؤول الشرق أوسطي تفاصيل من رسالتين داخليّتين لـ"حماس"، وكلاهما كتبهما مسؤولون كبار داخل غزة إلى قيادة الجماعة المنفية في قطر، حيث يقيم الزعيم الأعلى لـ "حماس"، إسماعيل هنية.أشارت الرسائل إلى أنّ الحرب كان لها تأثيرها السلبيّ على مقاتلي "حماس"، حيث حثت الشخصيات البارزة الجناح السياسيّ للحركة في الخارج على قبول الاتفاق على الرغم من عزوف السنوار.ونفى المتحدث باسم "حماس"، جهاد طه، أيّ تلميحات بوجود انقسامات داخل الحركة.وقال إنّ "موقف الحركة موحد ويتبلور من خلال إطار العمل التنظيميّ للقيادة".أظهر مسؤول الاستخبارات للأسوشيتدبرس نسخة من الرسائل باللغة العربية، لكنه رفض مشاركة تفاصيل محددة حول كيفية الحصول على المعلومات، أو الشكل الذي جرت به المراسلات.وقال المسؤول إنّ المراسلات جرت في مايو ويونيو، وجاءت من مسؤولين عدة كبار داخل الجناح العسكريّ للحركة في غزة.واعترفت الرسائل بمصرع مقاتلين من "حماس" وبحجم الدمار الذي لحق بقطاع غزة بسبب الحملة الإسرائيلية في القطاع.وتشير أيضًا إلى أنّ السنوار إما أنه لا يدرك تمامًا حجم خسائر القتال، أو أنه لا ينقلها بشكل كامل إلى أولئك الذين يتفاوضون خارج القطاع.وليس من المعروف ما إذا كان هنية أو أيّ من كبار المسؤولين الآخرين في قطر ردوا على تلك الرسائل.ورفض مسؤولون إسرائيليون التعليق على المراسلات.ولم يصدر عن مصر وقطر أيّ تعليق بعد.تفاؤل حذرتعمل مصر وقطر مع الولايات المتحدة للتوسط في وقف إطلاق النار، وإنهاء الحرب المدمرة المستمرة منذ نحو 9 أشهر.وبعد أشهر من التقلبات، استؤنفت المحادثات الأسبوع الماضي. ومن المقرر أن تستمر في الأيام المقبلة.الاتفاق ما يزال غير مضمون، إذ أعلن مكتب نتانياهو خلال عطلة نهاية الأسبوع، أنّ ”فجوات ما تزال قائمة”.وقال مسؤولون أميركيون إنهم متفائلون بحذر بشأن احتمالات وقف إطلاق النار بناءً على التطورات الأخيرة، لكنهم أكدوا أنّ العديد من الجهود بدت واعدة لكنها لم تنجح.ومع ذلك، يبدو أنّ الجانبين أقرب إلى التوصل إلى اتفاق عما كانا عليه منذ أشهر.وشنت إسرائيل الحرب على غزة بعد هجوم "حماس" في أكتوبر، والذي اقتحم فيه المسلحون جنوب إسرائيل، وقتلوا نحو 1200 شخص - معظمهم من المدنيّين - واختطفوا نحو 250 آخرين.وتقول إسرائيل إنّ "حماس" ما تزال تحتجز نحو 120 أسيرًا، يعتقد أنّ ثلثهم تقريبًا لقوا مصرعهم.ومنذ ذلك الحين، أدى الهجوم الجوّي والبرّي الإسرائيلي، إلى مقتل أكثر من 38 ألف شخص في غزة، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع.تسبب الهجوم في دمار واسع النطاق وأزمة إنسانية تركت مئات الآلاف من الأشخاص على حافة المجاعة، وفقًا لمسؤولين دوليّين.وأكد مسؤولون من "حماس" ومصر يوم السبت، أنّ الحركة تخلت عن مطلب رئيسيّ بأن تلتزم إسرائيل مقدمًا بإنهاء الحرب.وقد رفض نتنياهو مرارًا هذا الطلب، ما أدى إلى توقف المحادثات لأشهر عدة.وبدلًا من ذلك، قال المسؤولون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم لمناقشة المفاوضات الجارية، إنّ الاتفاق المرحليّ يبدأ بوقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع، حيث تطلق "حماس" سراح الأسرى المسنين والمرضى والنساء مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيّين.وأضافوا أنّ المحادثات بشأن اتفاق أوسع، بما في ذلك إنهاء الحرب، لن تبدأ إلا خلال هذه المرحلة.كان نتانياهو تقد عهد بمواصلة القتال حتى تقوم إسرائيل بتدمير قدرات "حماس" العسكرية، وكذلك قدرتها على حكم غزة، حتى لو تم إطلاق سراح الأسرى.(أ ب )