في الذكرى السنوية الأولى لوفاة مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاما، على يد شرطة الأخلاق الإيرانية، يتساءل البعض عن سبب فشل حركة الاحتجاج، التي تُعتبر الأكبر منذ ما يقرب منذ 4 عقود، لكن ما يجب أن نسأله، بدلًا من ذلك، هو لماذا نجح النظام في إسقاط الشاه رضا بهلوي حاكم إيران قبل الثورة؟ وفقا لصحيفة "فورين بوليسي" الأميركية.العودة إلى تاريخ إيرانهناك جدل حول متى بدأت الاحتجاجات ضد الشاه على وجه التحديد، والأمر الواضح هو أنه بحلول عام 1978، اندلعت الاحتجاجات التي تحولت إلى دعوات مفتوحة للإطاحة بالنظام. وقد أُخذ الشاه، الذي حكم البلاد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، على حين غرة. لقد شعر بالفزع من "جحود" شعبه، وكما أعرب لاحقا عن أسفه أثناء منفاه، فإنّ "جحود الجميل هو من اختصاص الشعب".بحسب "فورين بوليسي"، كان لافتا انزعاجه من سياسة إدارة كارتر الجديدة التي تركز على حقوق الإنسان، والتي شجبت سجل الشرطة السرية للشاه (السافاك)، وإذا كان يريد تعزيز العلاقة بين إيران وضامنها الأمنيّ، فعليه أن يتعامل بحذر. كان سجن الأشخاص ومضايقة المنشقين الإيرانيين تصرفات لا تتفق مع أجندة السياسة الخارجية للرئيس جيمي كارتر، ومن أجل رفع مكانته كان على الشاه أن يلتزم بمعايير "العالم الحر".وعلى الرغم من أنّ مستشاريه طالبوا باتخاذ إجراءات حاسمة وحركية ضد الاحتجاجات والأشخاص والمنظمات التي تقودها، إلا أنّ الشاه فعل العكس، لقد حاول التفاهم مع معارضيه، وقدّم مبادرات لقادتها وسمح لهم بمواصلة تنظيمهم وتحريضهم. وعندما لم ينجح ذلك، ذهب إلى التلفزيون وقرأ خطابا، يُعرف الآن بالعبارة المشؤومة "سمعت صوت الثورة"، حيث اعترف بفساد النظام ومظالمه، ووعد بقمع الفساد.فشل إعادة النظاموبحسب الصحيفة، فإنّ فشل الحكومة العسكرية في إعادة النظام إلى البلاد، إلى جانب الاعتقالات الجماعية لخدم الشاه المخلصين من قبل الحكومة العسكرية، بما في ذلك رئيس الوزراء أمير عباس هويدا، لم يؤدِّ إلّا إلى مزيد من الفوضى داخل النظام.ولا يُظهِر زعيم الجمهورية الإيرانية اليوم، آية الله علي خامنئي، الكثير من التردد في قمع نشاط المعارضة، وذلك لأنه ليس لديه القيود نفسها على العمل، ولا الحوافز لتوفير مساحة للتعبير السلميّ عن المعارضة. وعلى النقيض من إيران الإمبراطورية في عهد الشاه، لا تقيم الجمهورية علاقات تجارية أو دبلوماسية مع الولايات المتحدة، كما أنّ علاقاتها مع الديمقراطيات الليبرالية الأخرى مشحونة بالتوتر. وفي الواقع، كثيرا ما تتهم نشطاء حقوق الإنسان والصحفيين بالعمل لصالح الولايات المتحدة لإسقاط النظام. وتُعتبر إيران معزولة عن جزء كبير من الاقتصاد الدولي، فهي الدولة الأكثر فرضًا للعقوبات في العالم إلى جانب فنزويلا، وقد أدت هذه العزلة، على نحو معاكس، إلى جعل النظام أكثر ميلًا إلى العنف وقمع التعبير والحرية.ومن خلال التعلم من التجربة، ومراقبة الأنظمة الاستبدادية الأخرى التي تواجه الاضطرابات الشعبيّة، والدروس المستفادة من الثورة "الإسلامية"، رفضت الدولة الاستجابة لدعوات المتظاهرين للتغيير. وبدلًا من ذلك، شددت قبضتها على النساء والمجتمع المدنيّ، وفرضت تدابير جديدة صارمة بشأن العفّة، وأُغلقت الشركات التي لم تطبق قانون الحجاب الحالي. كيف يمكن للثورة أن تنجح؟بالنسبة للمتظاهرين، يُظهر التاريخ الإيراني أنّ المعارضة يجب أن يكون لها قيادة محددة، ويجب عليها إزالة احتكار الدولة للقوة من خلال تشجيع الانشقاقات في القوات المسلحة، ويجب عليها تقويض، بل وتفكيك، احتكار الدولة لوسائل الإعلام والإنترنت الوطني، ويجب ألا يتوقف أبدا.بالنسبة للمجتمع الدولي، في ضوء التاريخ والملاحظات حول تكتيكات واستراتيجيات هذا النظام، هناك دروس يمكن تعلّمها أيضا، ويجب على الولايات المتحدة إنهاء العقوبات الاقتصادية غير الفاعلة والعزلة الدبلوماسية، والعمل على مواجهة الأساليب الضارة التي تدفع الأجهزة الأمنيّة إلى ارتكاب الجرائم، كذلك يجب على المجتمع الدوليّ ككل، أن يعمل على تمكين الشعب الإيرانيّ من خلال تكنولوجيا الاتصالات والمعرفة.(ترجمات)