دخلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة الشهر الرابع على التوالي، ودخلت معها المنطقة في اضطرابات عديدة ومرشحة بالازدياد حال استمرار هذه الحرب، وعدم وجود حلول ناجعة وتوافقات إقليمية ودولية قادرة على وقفها، فالضبابية ما تزال تحيط بالقضية الفلسطينية، التي أصبحت وعلى ما يبدو مستعصية على الحل، خصوصا مع استمرار احتدام المعارك بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، ووسط تباين التصريحات بالأهداف من الحرب.منصة "المشهد" حاورت وزير الخارجية المصري الأسبق نبيل فهمي، بشأن الأزمة المتفاقمة في غزة والحديث عن رؤيته لما يجري، وكيف يمكن وقف هذا الصراع الذي أحدث تداعيات عديدة على المنطقة برمتها.كيف ترى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؟بداية، يقول السفير نبيل فهمي، إن الأحداث الأخيرة مع بشاعتها، ليست إلا حلقة جديدة في ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الظالم والبغيض، والذي امتد عبر عقود وأجيال متواصلة، حلقات أفقدت المنطقة إنسانيتها، وعلينا اتخاذ الإجراءات لوقفها وتوفير المتطلبات الضرورية الآنية، مع وضعها في سياق حل جوهري للنزاع لمنع تكرارها، وإلاّ سنشهد تباعاً في المستقبل المنظور حلقات جديدة من القتل والتدمير والعنف والعنف المضاد، ولنكن صرحاء فإنه لن يكون هناك أمن أو أمان لإسرائيل في ظل احتلالها الظالم للفلسطينيين، ولن تنكسر عزيمة الشعب الفلسطيني أمام القوة الإسرائيلية المفرطة، ولن تتحقق الأماني المشروعة للشعب الفلسطيني إلاّ في سياق ممارساته لحقوقه الوطنية، أسوةً ببقية شعوب المنطقة بما في ذلك إسرائيل، وكان هذا في سياق دولة مستقلة ذات سيادة، وفقا لحل الدولتين على أساس حدود 67، رغم كل الصعوبات التي تضعها إسرائيل لمنع ذلك، أو بتأمين حقوق متساوية في دولة واحدة تجمع الفلسطينيين والإسرائيليين وهو أصعب البدائل.ما أبرز الحلول للأزمة الحالية من وجهة نظرك؟يجب التعامل مع أحداث غزة بترتيبات عاجلة، وفي إطار معالجة جوهرية لجذور المشكلة والأزمة، وذلك وفقاً لخطة عمل متكاملة ومحددة الزمن، تجمع العناصر الآتية:الإعلان العاجل عن وقف إطلاق النار في غزة وبدء انسحاب القوات الإسرائيلية.الإفراج عن الأسرى لدى الفلسطينيين مقابل المحتجزين في السجون الإسرائيلية.الاتفاق على ترتيبات فلسطينية إسرائيلية لعدم استخدام العنف وإشراف قوات دولية على مراقبة الأوضاع الأمنية في القطاع مع تدريب كوادر فلسطينية لتولي تلك المهمة.اتفاق الفلسطينيين على تشكيل وزارة فنية لإدارة قطاع غزة والضفة الغربية كوحدة متكاملة.وضع خطة متكاملة لإعادة بناء غزة على غرار مشروع مارشال بدعم أوروبي وعربي.إصدار إعلان دولي بالاعتراف بدولة فلسطين تحت الاحتلال.الاتفاق على عقد الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي انتخابات وطنية قبل نهاية 2024.تأكيد الجانبين على الالتزام بإقامة حل سلمي على أساس دولتين ذات سيادة وهوية مستقلة.إصدار مجلس الأمن الدولي قرار يشمل هذه العناصر كخطة متكاملة لأن تنفيذها يتطلب ضغطاً ودعماً دولياً متواصلا.على العرب مواصلة التحرك لتحقيق السلام الشامل والعادل رغم كل الصعاب وترجمة فقرات بيان قمة الرياض الأخيرة من أقوال إلى أفعال بالمصارحة الكاملة والحازمة مع الإسرائيليين والمجتمع الدولي.متى تتوقف الحرب في فلسطين؟الحرب الدائرة في غزة لن تتوقف قبل 6 أو 8 أشهر، ولن تتوقف إلا نتيجة لتفاعل الأوضاع السياسية وبين تفاعل الحرب، إضافة إلى الأوضاع السياسية في الانتخابات الأميركية، والأوضاع السياسية الداخلية في إسرائيل، وهذا هو الذي سوف يشكل عنصرا هل الحرب ستستمر أو تنتهي.ما تأثير رفض نتانياهو لحل الدولتين على أمن المنطقة؟رئيس وزراء إسرائيل غير مؤهل لكي يكون شريكا في سلام عربي إسرائيلي، وظهر هذا في ضوء قراراته الأخيرة وسعيه لجر المنطقة إلى صراع إقليمي، موضحاً أن نتانياهو لا يؤمن بدولة فلسطينية، ولم ولن يتبنى قيام هذه الدولة. وبدون حل للقضية الفلسطينية سنشهد مزيداً من حلقات العنف والعنف المضاد، فالشعب الفلسطيني لن يرضى بهذه المعاناة، وإذا شعر بأن الظلم يتضاعف عليه فحتماً سيكون له ردة فعل لطالما ليس له سيادة على أرضه.وكشف عن محاولات أجراها بنفسه مع الأميركيين قبل ذلك للعمل على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، لكن الأميركان أبلغوه أن نتانياهو رافض وبشدة هذا الأمر، ولم ينجح أحد في إقناعه به، لذا يؤكد على أن الرهان على تغيير وجهة نظر نتانياهو هو رهان "فاشل".كيف ترى موقف المجتمع الدولي من حرب غزة؟أولا، أطالب بضرورة التزام الجميع بقواعد القانون الدولي واحترام حقوق الإنسان حتى في أحلك الظروف، ويجب التنويه إلى أن المجتمع الدولي عامة، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية والكثير من الدول الغربية الصناعية بوجه خاص، فقدت المصداقية بعدم تطبيق المعايير، ومعارضة وقف إطلاق النار، وعدم التصدي للتجاوزات والممارسات الإسرائيلية في غزة.ما تعليقك على القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية؟اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، بشأن مخالفة إسرائيل لاتفاقية الإبادة الجماعية خطوة هامة، وعلى العرب اللجوء إلى كافة المحافل الدولية القانونية والسياسية، لإثارة التجاوزات الإسرائيلية الحقوقية والإنسانية بدون استثناء، وأشار إلى أن طرح جنوب إفريقيا فيما يخص غزة له شقان، أولها خاص بإجراءات احترازية عاجلة إلى حين يتم البت في القضية التي قد تأخذ من سنة إلى خمس سنوات حسب جدول المحكمة، والشق الثاني يتمثل في ضرورة أن تكون الدولة التي أقدمت على رفع الشكوى عضواً في اتفاقية روما، مطالباً باتخاذ خطوات عاجلة لوقف إطلاق النار في غزة وتوفير الاحتياجات الإنسانية.ما تأثيرات الحرب في غزة على المصالح المصريةلا توجد سياسة خارجية لأي دولة وضعها الداخلي غير مستقر، وإنما هناك ظروف لكل دولة تحدد حجم التفاعل بين الأوضاع الداخلية والخارجي، وبدون مبالغة فإنني أرى أن السياسية الخارجية والانغماس مع العالم ليس منهجاً اختيارياً لمصر، فهي دولة تعيش في آسيا وإفريقيا وتمتد سواحلها على بحرين (الأبيض شمالاً والأحمر شرقاً)، واضطراب الساحة ينعكس سريعاً وبشكل مباشر على الأمن القومي المصري، مما لا يسمح لنا بالتكاسل أو الابتعاد أو تجاهل الأحداث، وإن مصر دولة تستورد نسبة كبيرة من غذائها وعتادها الأمني، وتؤمن مياهها عبر حدود دول أخرى، وتسعي لجذب السياحة والموارد من الخارج، فضلا عن ارتباط قناة السويس بحرية الملاحة والتجارة العالمية، لذلك تأثرت مصر سلبيا بالاضطراب الأمني والسياسي في الشرق الأوسطهل تأثر العالم بأحداث غزة؟ أكثر الأدوات فاعلية في التأثير على العالم لصالح الفلسطينيين، هي الصورة المرئية لما يحصل في غزة والدمار والقتل ضد المدنيين، فهذه الصورة حقيقةً أثرت في الرؤى الدولية أكثر من البيانات والشعارات والهتافات، وذلك لأن أغلب العالم ليس موجوداً في الساحة، ولكن حينما تصل الساحة عنده فيكون غير قادر على تجاهل ما يراه، ومن ثم فهناك تأثير قوي لأحداث غزة على المواطن الغربي، وبدأ الرأي العام العالمي يأخذ في الاعتبار الوضع الفلسطيني، ولكن علينا جميعا أن نستثمر في هذا الجهد الكثير والكثير، وأردف قائلا "أنا شخصياً أخبرت الفلسطينيين منذ عامين أن الظروف ليست مناسبة لحل سريع، وطلبت منهم التركيز على الجانب القانوني والإنساني، لأن إسرائيل لديها مخالفات كثيرة في هذا الشأن، وبالتالي سيكون لهذا الأمر تداعيات إيجابية على المستوى الدولي.(المشهد)