وسط تصاعد النقاشات العربية والدولية حول مصير قطاع غزة، ومستقبل إعادة الإعمار والتنمية في القطاع، تأتي الخطة التي أعلنتها جمهورية مصر العربية خلال قمة غير عادية لجامعة الدول العربية، تهدف للتصدي لمقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورفض تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، واعتماد الخطة المصرية العربية الجامعة بشأن التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة، بهدف تحسين الأحوال الإنسانية والتنموية، وتأهيل البنية التحتية وتعزيز التعافي المبكر بعيداً عن الملفات الأمنية والسياسية الحساسة.وتواجه الخطة المصرية التي أقرتها القمة العربية الطارئة في القاهرة، انتقادات إسرائيلية ورفضاً عبر عنه بيان وزارة الخارجية الإسرائيلية، حيث جاء فيه "القمة العربية التي عقدت في القاهرة لبحث إعادة إعمار غزة لم يتناول حقائق الوضع في أعقاب هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023"، "نرفض خطة الدول العربية للتعامل مع غزة، الاعتماد على السلطة الفلسطينية والأونروا، فشل في حل القضية". خطة مصر وخطة ترامبفي السياق، اعتبر الأكاديمي والمحلل السياسي د.أحمد رفيق عوض أن "الخطة المصرية بالغة الأهمية في الظرف الراهن، وتضع أساسًا لإعادة إعمار قطاع غزة، وأضحت خطة عالمية ومقبولة، كل الأطراف الدولية أيدتها، بالمقابل إسرائيل والولايات المتحدة لم تعودا ترغبان بالتسوية، حيث إن موجة التصلب والتطرف والتعنت وعدم الرغبة في التسوية تسيطر عليهما".وتابع في تصريح لـ"المشهد": "وكأن الخطة المصرية جاءت متأخرة، حيث رفضت إسرائيل وأميركا هذه الخطة، وتصران على تنفيذ خطة ترامب، وهذا يعني بأنها رؤيا إسرائيلية أميركية، وفي حال قدم العرب بديلًا يتم رفضه ومجابهته، ولتثبيت وتمرير الخطة المصرية لابد من أن يكون هناك ضغط عبر المقاطعة العربية واستدارة الظهر لكلا الطرفين".وأكد د.عوض لـ"المشهد" بأن تحديات جمة ستواجه الخطة المصرية:أولاً، إسرائيل ترفض الخطة جملة وتفصيلاً. ثانياً، الولايات المتحدة تعارض الخطة وترفضها، ولابد أن تكون هناك ضمانات بعدم الاعتداء والخرق، وأن تدعم واشنطن الخطة. ثالثاً، قبول حركة "حماس" للخطة المصرية. رابعاً، استعداد السلطة الفلسطينية وتأهيلها الجيد من أجل العودة إلى قطاع غزة. خامساً، التمويل، من الذي سوف يمول الخطة، والتي بحاجة لمليارات كثيرة. وأضاف خلال حديثه لـ"المشهد" بأن "الخطة بحاجة لضغط دبلوماسي كبير من قبل الدول العربية لتنفيذها، عبر التلويح بالعلاقات السياسية والإقتصادية، لدرجة التهديد باتفاقات السلام المبرمة، لابد من أن واشنطن وتل أبيب تعرفان أنه إذا لم يتم قبول الخطة المصرية، سيكون هناك خسارة كبرى، لذلك يجب أن يكون الموقف حقيقيًا وحازمًا ورادعًا في تعديهما واستخفافهما بالعرب". فرص نجاح خطة مصر حول غزةومن وجهة نظر الباحث والمحلل السياسي د. عمر رحال يقول لمنصة "المشهد" إن الخطة المصرية العربية ستنجح في حال "توفرت الإرادة السياسية، وانتقلنا من لغة الخطابات والتوصيف للفعل السياسي، إسرائيل ليست أقوى من العرب إذا كانوا موحدين مجتمعين، ومن الطبيعي أن ترفض إسرائيل الخطة العربية، لأن هذا جزء من استمرار الحرب على قطاع غزة وعموم الأراضي الفلسطينية، وستضع مزيداً من العراقيل أمام الخطة لإفشالها، لأنها تريد الوصول بالسياسة للأهداف التي لم تحققها بالحرب". وأشار د.رحال خلال حديثه لـ"المشهد"، إلى أن تحديات عدة ستواجه الخطة المصرية على ساحات مختلفة:أولاً، يجب أن يكون جميع الفلسطينيين متحدين ومتوافقين على برنامج سياسي لايقصي أحدًا بل إستراتيجية لإدارة الأمور.ثانياً، يجب على العرب أن يكونوا موحدين ولديهم نفس التوجه والموقف والإرادة حول إنجاح الخطة، ولا يكون هناك أي تراجع أو تراخ من قبل أي دولة. ثالثاً، الدعم المالي، توفير الأموال اللازمة من الدول العربية والدولية في صندوق أممي. رابعاً، التحدي الأبرز من قبل إسرائيل، العرب يمكن أن يضغطوا بمنطق المصالح على الولايات المتحدة الأميركية من أجل إنجاح الخطة المصرية، ويظل العرب رافضًا للتهجير، والخطة العربية تكون المرجعية والأساس لأي عملية إعمار، وليس أي خطة أخرى من واشنطن أو غيرها. وشدّد قائلاً "المطلوب من العرب أن يكونوا موحدين وبمستوى التحديات القائمة، فالتهجير الذي يتربص بالفلسطينيين له علاقة بالأمن القومي المصري، والأمن القومي الأردني والعربي، لذلك صمود الفلسطينيين وتعزيز وجودهم على أرضهم، يعني عدم شطب القضية الفلسطينية، والحيلولة دون تحقيق أهداف إسرائيل السياسية من الحرب كالتهجير، وهندسة الجغرافية والديمغرافية في غزة وفق متطلبات وأهواء إسرائيل". أولويات إسرائيل وفي هذا الصدد، أوضح المحلل السياسي الإسرائيلي يوآف شتيرن لمنصة "المشهد" بأن "إسرائيل غير موافقة على الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة، لأن أهم عنصر بالنسبة لها غير موجود بالخطة المصرية العربية، يتعلق بسلاح حركة "حماس"، وبقاء المنظمات الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة، طالما أن الخطة العربية لم تتطرق لهذا الموضوع، ليس مهماً لإسرائيل من يدير الأمور المدنية في قطاع غزة، بل الأهم التهديد الذي تشكله المنظمات الفلسطينية المسلحة على إسرائيل".واستطرد شتيرن حديثه قائلاً:أعتقد بأن هذا العنصر تم تجاهله بشكل كامل في الخطة.لهذا السبب لن يكون مقبولاً على الطرف الإسرائيلي على الإطلاق، فما يهم إسرائيل غير موجود بالخطة، طبعاً بشكل مقصود. وكل الأمور الموجودة بالخطة ليس لإسرائيل معارضة عليها، لكنها تبحث عن الأمور الأهم والمهمة بالنسبة لها، وتتعلق بها. وأكد شتيرن أنه "لا يمكن تنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في قطاع غزة، عبر تهجير الفلسطينيين لخارج قطاع غزة نحو الأردن ومصر، كونها خطة غير مدروسة، وليست عملية أو واقعية، بل تأتي في سياق تصريحات ترامب السياسية التي لم تترجم إلى أفعال وبنود عملية يمكن السير وفقها، ومن هنا يمكن القول إن الخطة العربية المصرية قد تكون أساسًا جيدًا للاعتماد عليها كمبدأ أساسي للتفاوض فيما بعد بمصير مستقبل قطاع غزة، ولكن لا يمكن لإسرائيل ان تقبلها كما هي، ولا حتى الطرف الأميركي".(المشهد)