خطوة إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو "حلّ مجلس الحرب" لم تكن مفاجأة ولا خضة في الساحة السياسية والشعبية الإسرائيلية، بل كانت متوقعة إثر استقالة الوزيرين غانتس وآيزنكوت من عضوية مجلس الحرب الإسرائيلي الذي شكل لإدارة شؤون الحرب، وقبل نحو أسبوع انسحبا من حكومة الطوارئ، واتهما نتانياهو بأنه "يتردد ويؤجل اتخاذ قرارات استراتيجية مصيرية لاعتبارات سياسية". غانتس وآيزنكوت ومثّل مجلس الحرب طوال الأشهر المنصرمة، أضيق هيئة أمنية وسياسية إسرائيلية، لاتخاذ القرارات السياسية المتعلقة بالحرب، وكان يضم المجلس في عضويته نتانياهو وغانتس ووزير الدفاع يوآف غالانت، بالإضافة إلى مراقبين هم وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر والوزير السابق بلا حقيبة غادي آيزنكوت، وزعيم حزب "شاس" آرييه درعي. وأفادت مصادر إعلامية إسرائيلية عليمة بأنه "من المتوقع أن يعقد نتانياهو المشاورات حول حرب غزة مع مجموعة صغيرة من الوزراء، ومن بينهم وزير الدفاع يوآف غالانت، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر اللذان كانا ضمن أعضاء مجلس الحرب". وفي هذا الصدد، أكدت هيئة البث الإسرائيلية، أن "نتانياهو سيواصل التشاور مع غالانت وديرمر ودرعي بشأن تطورات الحرب"، فيما تتخذ الآن القرارات في الحكومة على مستويين، الأول هو الحكومة الموسعة، والثاني المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت). من جانبه، علّق زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد على قرار نتانياهو "كان ينبغي حلّ الحكومة برمتها، بدلاً من حل مجلس الحرب الإسرائيلي".إلغاء مجلس الحرب الإسرائيلي في السياق، أعرب الباحث المحلل في الشأن الإسرائيلي ساري عرابي عن اعتقاده لمنصة "المشهد" بأن خطوة حل مجلس الحرب الإسرائيلي كانت متوقعة منذ مدة، واستكمل حديثه "لم يعد ثمة قيمة لمجلس الحرب بعد انسحاب غانتس وآيزنكوت، لأن فكرته تقوم على توفير الشرعية الشعبية والإجماع الإسرائيلي خلف قرار الحرب، وبعد حلّه لم يعد بالإمكان توفير مثل هذه الشرعية والإجماع على خيارات ومسارات وإدارة الحرب". وأضاف عرابي "فلم يعد من المناسب لنتانياهو أن يضم لمجلس الحرب أمثال بن غفير وسموتريتش، لأنهما يمثلان تيارا له خصومة كبيرة مع شرائح واسعة داخل المجتمع الإسرائيلي، ومعروف عنهما لا يفكران بعقل استراتيجي أو سياسي بل بعقل غيبي وخلاصي، فلا يمكنهما اتخاذ قرارات ذات طبيعية استراتيجية وأمنية وسياسية صحيحة فيما يتعلق بالحرب، ووجودهما غير مقبول من قبل الولايات المتحدة". وأوضح "بالمحصلة، لم يعد هناك إمكانية للاحتفاظ بمجلس الحرب مع مطالب بن غفير للانضمام له، بقي خيار أمام نتانياهو حل مجلس الحرب وتشكيل مجلس استشاري مصغر ليس له قيمة كمجلس الحرب، وأهداف نتانياهو من تشكيل المجلس الاستشاري أن تبقى دائرة المعلومات والأفكار والمقترحات محصورة في دائرة ضيقة للغاية، حتى يمنع نفسه التشويش من الضغوط والابتزاز، وليحتكر المعلومة والتمكن من التلاعب بجميع الفرقاء". وأوضح عرابي لـ"المشهد" بأن "حلّ مجلس الحرب دلالة واضحة على فشل الحرب الإسرائيلية حتى اللحظة، فالحرب قتلت عشرات الآلاف من الفلسطينيين في غزة ودمرت القطاع، أثمان كبيرة دفعت لا يمكن التقليل من قدرها، لكن واضح هناك أزمة إستراتيجية في إسرائيل، واستمرارها بالحرب سيؤذيها استراتيجياً والانسحاب منها يبدو وكأنه هزيمة لإسرائيل بالنظر لتصريحات نتانياهو".وتوقع عرابي "اتساع المعارضة في الشارع الإسرائيلي وتعاظمها، وزيادة الشرائح الشعبية الرافضة لسياسة نتانياهو، لأنه يفترض أن ينضم حزب غانتس للشارع الإسرائيلي، وكون غانتس وآيزنكوت انسحبا فهذا سيضرب الشرعية الشعبية والجماهيرية لخيارات وسياسات وإدارة نتانياهو للحرب". مطبخ سياسي للتشاورووفق المحلل السياسي الإسرائيلي شلومو غانور فإن "فض مجلس الحرب لن يؤثر سياسياً ولا عسكرياً على سير الحرب والمعارك في قطاع غزة، فليس له صبغة قانونية في إسرائيل، وفضّه لن يترتب عليه أبعاد دستورية، فالقرارات تتخذ وفقاً للمتطلبات، ضمن استراتيجية معينة بالتنسيق بين رئيس الوزراء، ووزير الدفاع، وقادة الجيش، فليس للمجلس صلاحيات رسمية بل هي مخولة قانونياً للمجلس الوزاري المصغر، ومن ثم لهيئة مجلس الوزراء". وحسب غانور فإن "مجلس الحرب شكل اضطرارياً لحل مشكلة ائتلافية مع انضمام كتلة غانتس لمجلس الحرب حينذاك، ورغبة نتانياهو في تحييد بن غفير وسموتريتش من اتخاذ القرارات العسكرية، ورفع المعنويات خصوصا من قبل الجمهور الإسرائيلي، ومع انسحاب غانتس لم يعد هناك أهمية لوجود مجلس الحرب، خصوصا أن الوزراء المتشدّدين مثل بن غفير وسموتريتش يرغبان بالانضمام لمجلس الحرب". وختم غانور قوله "حل مجلس الحرب ليس معناه تغيير الاستراتيجية في إطار الحرب والسلم، نتانياهو سيشكل مطبخاً سياسياً أمنياً بلا قاعدة قانونية أو دستورية، عوضاً عن مجلس الحرب، لإجراء المشاورات الحساسة مع طاقم مصغر ليس له صبغة قانونية، لتفويت الفرصة على بن غفير وسموتريتش من الانضمام إليه، لأن مواقفهما تتعارض غالباً مع مصالح إسرائيل والولايات المتحدة". (المشهد)