على غرار الانتخابات الأميركية السابقة، اختلفت وجهة نظر كل من روسيا وإيران اللتين تشتركان في العداء للولايات المتحدة، تجاه المرشح الرئاسي، والذي ينظر إليه من قبل كل دولة بناءً على مواقفهم تجاه سياساتهما الدولية. ويأتي دعم موسكو وطهران لمرشحين مختلفين (هاريس وترامب) في إطار التنافس بين الجانبين ومحاولتهما للتأثير على السياسة الأميركية بما يخدم مصالحهما الإستراتيجية، ففي الوقت الذي تميل فيه روسيا نحو دونالد ترامب، تبدو إيران أكثر ارتياحًا لكامالا هاريس. روسيا تميل نحو ترامب في انتخابات 2020، أظهرت موسكو ميولاً نحو المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وذلك لأنه خلال فترة وجوده في البيت الأبيض بعدما فاز على نظيرته هيلاري كلينتون في انتخابات 2016، أبدى سياسة أقل عدائية تجاه روسيا. وفيما يلي أبرز المواقف التي اتخذها ترامب والتي صبت في صالح روسيا: ينتقد دونالد ترامب التمويل الأميركي الكبير لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، حتى أنه تحدث عن انسحاب واشنطن من الحلف، وفصل مصالح الولايات المتحدة عن مصالح الدول الأجنبية، الأمر الذي يصبّ في مصلحة روسيا، التي تعتبر الناتو تهديدًا لأمنها. مرات عدة، أظهر ترامب إعجابًا بشخصية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما تحدثت بعض التقارير عن مكالمات سرية بين الزعيمين وعلاقات قوية لم تظهر إلى العلن. دعا ترامب مرات عديدة إلى ضرورة إنهاء الحرب في أوكرانيا، وإلى تخفيف الدعم المقدم لكييف، الأمر الذي أيضا يصبّ في صالح روسيا. يقول الأستاذُ المساعدُ في الأكاديمية الرئاسية الروسية ومديرُ مركز خبراء رياليست الدكتور عمرو الديب، في حديث إلى منصة "المشهد" إنّ "مسألة وجود رئيس معين في البيت الأبيض أصبحت لا تلعب دوراً محوريا في تشكيل السياسة الخارجية الأميركية، والتي أصبحت بشكل أكبر في أيادي الدولة العميقة الأميركية. لكن في نهاية الأمر شخصية الرئيس لديها سلطات ووجهات نظر في تشكيل علاقة واشنطن مع الدول الأخرى". ويضيف الديب أن "إيران تمتلك تاريخًا غير جيد مع إدارة ترامب التي ألغت الاتفاق النووي، وترى في الـ4 سنوات القادمة إذا ما نجح ترامب غير مواتية لها، في حين أن الـ4 سنوات الماضية في ظل إدارة الديمقراطيين لم تكن ناجحة كذلك، فالأراضي الإيرانية استبيحت بشكل غير مسبوق من جانب إسرائيل في ظل إدارة بايدن، الأمر الذي لا يرى فيه السياسيون الإيرانيون أيّ معنى في شخصية الرئيس القادم ومن أيّ حزب". الأمر نفسه بالنسبة لروسيا، فموسكو لا ترى فارقًا حقيقيًا بين شخص ترامب أو كاملا هاريس بالرغم من أن فرص التواصل مع ترامب أكبر من هاريس، وفقًا للديب الذي يضيف قائلًا: روسيا ترى في ترامب ورغبته في إنهاء الحرب الأوكرانية فرصة وإن كانت غير قوية لبدء مفاوضات جادة في هذا الخصوص. أما شخصية كاملا هاريس والحزب الديمقراطي فلا فرص نهائيًا للتوصل لأيّ اتفاق أو حتى البدء في مفاوضات جادة. إيران لا تتبنى أي مرشح تفضل إيران دعم المرشحين الذين يعارضون العقوبات الصارمة عليها أو يدعمون الاتفاق النووي معها، وهو الأمر الذي يتحقق مع وجود الديمقراطيين بشكل عام في البيت الأبيض، وظهر هذا الأمر بشكل واضح مع وصول الرئيس الأسبق، باراك أوباما، الذي عقد الاتفاق النووي مع إيران. وفي هذا الإطار، تميل هاريس إلى تبني دبلوماسية الحوار مع إيران بدلًا من التصعيد العسكري، وهو ما أظهرته مرارًا عبر تصريحاتها، على عكس التوترات التي سادت بين أميركا وطهران بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض، والذي عمل على خروج بلاده من الاتفاق النووي، وعلى فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران، وأمر باغتيال قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، في وقت لم تكن فيه الحرب المباشرة قائمة بين إيران وخصومها.يشرح المحلل السياسي الإيراني حسين رويوران في حديث إلى منصة "المشهد" أن "إيران لا تدعم أيّا من المرشحين، لأن طهران واجهت عقوبات من قبل أميركا سواء كان ساكن البيت الأبيض ديمقراطيًا أم جمهوريًا. واشنطن تعاملت مع الثورة الإسلامية منذ بدايتها بموقف سلبي، ومن هنا إيران لا تهتم بالانتخابات الأميركية، ولا تدعم أيّ مرشح دون الآخر، طهران تتجاهل الانتخابات في أميركا، وترى أن الدولة العميقة فيها تستعديها". ويضيف رويوران: هناك يمين ويسار في الحزب الديمقراطي، الاختلاف ليس كبيرًا، لكن اليمين يتماهى مع إسرائيل بشكل كبير جدا، في حين أن اليسار في الموقف السياسي هو أقل حدة في تأييد إسرائيل. من هنا، قد تكون هاريس أقل ضرراً من بايدن بسبب أن انتماءها لليسار الديمقراطي الذي يفرض عليها استحقاقات تلتزم فيها.اليسار أساساً في الحزب الديمقراطي هو من الملونين، السود، الإسبانيول، ومن الشرق الأوسط، وهذه الأطراف التي تواجدت داخل الحزب الديمقراطي تطالب بمقاربة مختلفة وعدم الانصياع الكامل للوبي الإسرائيلي. وبيرني ساندرز الذي يمثل هذا التيار، خير دليل على ذلك، وعلى الرغم من أنه يهودي إلا أنه لا يدعم إسرائيل.تأثير إيراني روسي على الانتخابات في الأشهر الأخيرة، بدأت تصريحات الساسة الأميركيين تظهر إلى العلن، متهمة روسيا وإيران بالتدخل بالانتخابات الأميركية. وقال مسؤول كبير بالمخابرات الأميركية، إنّ روسيا هي الخصم الأجنبي الأكثر نشاطاً في محاولة التأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في الخامس من نوفمبر المقبل. وأضاف أن إيران أصبحت أكثر نشاطاً مقارنة بالدورات السابقة، وكثفت جهودها للتأثير على الناخبين في الفترة التي تسبق انتخابات الرئاسة والكونغرس، مشيرًا إلى أن مجتمع المخابرات الأميركي يعزز استخدام التحذيرات لأهداف عمليات التأثير الأجنبي.ليس ذلك فحسب، بل تم توجه اتهامات لإيران بنيتها اغتيال ترامب، إلّا أن طهران نفت ذلك، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن "من الواضح مثل هذه الاتهامات مجرد جزء من أجواء الانتخابات في الولايات المتحدة.. ولا تستحق حتى الرد".وحول ذلك يبين رويوران أن "إيران لا تستطيع التأثير في الانتخابات الأميركية، حتى أن الجاليات الإيرانية الموجودة في الولايات المتحدة تختلف في التوجهات، البعض منها معاد للثورة الإسلامية، والبعض مؤيد للثورة الإسلامية، وليس هناك وحدة حقيقة في الجالية الإيرانية التي يصل عددها إلى 4 ملايين شخص". وبحسب رويوران قد يكون هناك بعض الأشخاص الذين ينشطون في المجال السيبراني ويقومون بأعمال لدعم طرف دون آخر، على خلفية فهمهم لكلا المرشحين، من منطلق أن هاريس أقل عدوانية تجاه إيران، لكن هذا لا يعني أن النظام الإيراني يتبنى موقفًا مؤيدًا لهاريس. يوافقه في الرأي الديب الذي لا يرى أيّ تأثير روسي على الانتخابات الأميركية، ومجرد الحديث عن ذلك هو مهانة للنظام الديمقراطي الأميركي. وقال مسؤولون أميركيون أمام لجنة في مجلس الشيوخ في مايو الماضي، إن عدداً متزايداً من الأطراف الأجنبية، من بينها جهات غير حكومية، تسعى للتأثير على الانتخابات الأميركية، وإن روسيا والصين وإيران ليست وحدها التي تفعل ذلك، لكنها الأبرز.(المشهد )