مقترحٌ فرنسيٌ لهدنة بين إسرائيل و"حزب الله" يُفصّل 3 خطوات تُتخذ على مدار 10 أيام، بحسب وكالة "رويترز" التي أشارت إلى أن الخطوة الأولى منه هي إيقاف العمليات العسكرية بين الطرفين. وفي غضون 3 أيام، تقضي الخطوة الثانية بأن يسحب "حزب الله" مقاتليه على الأقل 10 كيلومترات شمالي الحدود مع إسرائيل، لينتشر الجيش اللبناني بعدها، على أن توقف إسرائيل التحليق فوق الأراضي اللبنانية. أما الخطوة الثالثة، فتقضي باستئناف لبنان وإسرائيل المفاوضات حول ترسيم الحدود البرية "بطريقة تدريجية" وبدعم من "اليونيفيل".هذا التصور الذي حمله وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، إلى بيروت جاء بعد زيارة عاجلة له إلى تل أبيب، إلا أن الاقتراح ليس تصوّرًا رسميًا ولم يُمهر بالتوقيع الفرنسي.الجواب لدى إسرائيل أمام هذا الواقع، لا يؤكد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب أشرف بيضون، في حديث خاص لمنصة "المشهد" صحة هذا الاقتراح، مشيراً إلى أنه لم يرد أيّ مقترح للحكومة اللبنانية بصورةٍ رسمية. وشدد بيضون على أن ما ينزع فتيل الحرب ويمنع انتشارها وتوسعها هو فقط امتثال إسرائيل والتزامها بالقرار 1701 بكامل مندرجاته وانسحابها من الأراضي اللبنانية كافة، بدءا من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا مرورا بقرية الغجر، موضحاً أن القرار 1701 يفرض تسليم هذه الأراضي بحسب الفقرة 7 منه إلى الأمم المتحدة، على أن تسمح الأمم بدورها للأهالي الاستفادة من أراضيهم ومحاصيلها، وأن تنسحب إسرائيل منها. وتابع بيضون: "بالإضافة إلى التزام إسرائيل الكامل بالخط الأزرق وعدم خرقه بشكل يومي وهي التي تخرقه منذ العام 2006 جوًا أو برًا أو بحرًا والأخذ بعين الاعتبار بالتحفظات التي تضعها الحكومة اللبنانية على هذا الخط، خط وقف العمليات القتالية المتمثلة بالـ13 نقطة بما فيهم نقطة الـB1، هذا هو فقط ما ينزع فتيل الحرب والجواب يبقى عند إسرائيل إذا أرادت أن توقف اعتداءاتها وأن تعيد للدولة اللبنانية الأراضي التي احتلها سابقا".المقترح الفرنسي "محكوم بالفشل"تجدر الإشارة إلى أنه تم تحديد الخط الأزرق في العام 2000 بشكل مشترك من قبل مسؤولين أمميين ولبنانيين وإسرائيليين. أما عملية التعليم المرئية للخط الأزرق فقد بوشر العمل بها في العام 2007، وهي تعد إحدى أهم أنشطة "اليونيفيل" لبناء السلام والحد من النزاعات، فضلاً عن أنها مثال كبير عن مدى المساعدة التي توفرها التكنولوجيا لناحية المساهمة في تدابير بناء الثقة بين مختلف الأطراف. وحينما وضع الجانب الإسرائيلي ما يسمى "خط العوّامات" غداة الانسحاب من جنوب لبنان عام 2000، لم يكن يهدف من خلاله إلا منع الصيادين اللبنانيين من العبور إلى شواطئ فلسطين وحسب، إنما حدّد إحداثيات العوّامات لتكون منطلقاً لتغيير أو تعديل إحداثيات الحدود البرية مع لبنان، وتحديداً النقطة B1 التي تعد الأساس مع نقطة رأس الناقورة في كل عمليات ترسيم الحدود اللبنانية البرية جنوباً منذ قرن من الزمن، بدءاً من اتفاقية بوليه – نيوكومب عام 1923 إلى اتفاقية الهدنة عام 1949 وصولاً إلى "الخط الأزرق" عام 2000.ورأى بيضون أنه من الواضح أن هذا المقترح أو أي مقترح آخر يأخذ بعين الاعتبار مصالح إسرائيل من دون أي اعتبار لمصالح لبنان، وبالتالي هو محكوم بالفشل خصوصا أن المعادلة تقول "ما لم يستطع أن يأخذه الإسرائيلي بالقوة في العام 2006 لن يستطيع أخذه اليوم بالمفاوضات الدبلوماسية". في المقلب الثاني، رأت عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب غادة أيّوب، أن هذه المقترحات ليست بجديدة سواء سُميت أميركيّة أم فرنسيّة، وفعليًّا لم يتم تبليغ هذا المقترح بشكلٍ رسميٍّ إلى "القوات اللبنانية" لكي تعطي موقفها به. وأكدت أيوب في تصريحات خاصة لمنصة "المشهد" أن موقف "القوات" هو موقفٌ معلنٌ وهو ضرورة تطبيق القرار 1701 انطلاقاً من تمسّكنا بالشرعية الدولية وانطلاقاً من حماية لبنان من حرب لا يمكن تدارك نتائجها، وانطلاقاً من أهمية استرجاع الحدود اللبنانية وقرار السلم أو الحرب إلى الحكومة اللبنانية وعدم ترك أي ذريعة لأي كان للاعتداء على سيادة لبنان.انسحاب المسلحين بكافة أشكالهم وبما يخص المقترحات، شددت أيّوب على موقف "القوات اللبنانية" بضرورة تطبيق القرار 1701 وأن يتم انسحاب المسلحين بكافة أشكالهم من جنوب الليطاني وبالتالي عدم ربط انتهاء الحرب في غزة بتطبيق الـ1701 أو للقيام بأي مقايضات سواء بعملية مفاوضات أم بعملية داخلية بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة. وأعلنت أن "القوات" ترفض ربط مسار الحرب في غزة بمسار الاستحقاق الرئاسي الداخلي وترفض أن يُبنى على هذا الأمر أي مقترحات أو اتفاق أو مقايضات. وأضافت: "لقد سبق وتم التوقيع من قبل "حزب الله" والحكومة اللبنانية على قرار مجلس الأمن 1701 عشية انتهاء حرب تموز 2006 وشهدنا من 14 أغسطس لغاية اليوم على مدى سنوات لم يتم تطبيق الـ1701 بشكل عملي وجدي، وإنما تم إقراره على ورق وفسخه بشكل غير معلن بالعملي". ولفتت إلى أن البلاد شهدت كيف تطوّرت أسلحة "حزب الله" وكيف عزز وجوده بمنطقة جنوب الليطاني وكيف تم الاعتداء على الأجواء اللبنانية من قبل الإسرائيليين، مضيفة: "من هنا لم يعد لدينا ثقة بأي انسحابات شكليّة واستلام الجيش اللبناني "بعض الحدود" وإنما نريد تطبيق الـ1701 بشكلٍ رسميٍّ ومعلنٍ وأن يتم التأكيد من قبل الجيش اللبناني و"اليونيفيل" على تسليم المسلحين كافة وأن تصبح الأرض منزوعة السلاح بشكل يضمن عودة أهالينا آمنين إلى جنوب لبنان لتبدأ بعدها عملية إستقرار المنطقة، وفي المقابل، أن تلتزم إسرائيل بتطبيق ما كتب بهذا الاتفاق.واعتبرت أيّوب أنه لا شك بأن هذه الاقتراحات وسيلة ضغط إعلامية من قبل فرنسا وأميركا ومن كل اللجنة الخماسية والأعضاء الذين يتحدثون عن ضرورة عدم ربط مصير غزة بمصير لبنان، وضرورة أن يتم الانسحاب بغض النظر عن نتيجة حرب غزة. وتابعت: "كأنهم يقولون لحزب الله إنه لا يمكن أن يعود إلى ما قبل 7 أكتوبر، ولا يمكنه أن يعود إلى قواعد الاشتباك السابقة، وأن يسحب فقط قوات "الرضوان" وأن يبقى على الوجود العسكري المدني بشكل يعرض جنوب لبنان للخطر". وأكدت أيّوب أن هذه الاقتراحات رسالة إلى "حزب الله" لدعوته إلى الانسحاب وتطبيق القرار 1701 اليوم قبل الغد وإلا سيتم اعتبار سحب قوات "الرضوان" عملية شكليّة لا تُعطي رسالة باحترام الـ1701 ما قد يعرّض لبنان إلى حرب. وختمت: "هذا ما يحذّرنا منه الجميع، وهو حرب لا يمكن أن يتحمل لبنان تبعاتها". (المشهد - بيروت)