يعبر سكان مدينة النجف العراقية عن مخاوفهم من نقص المياه الطبيعية النظيفة في المدينة، إذ يقول خبراء إن كثيرا من إمدادات المياه ملوثة بمياه الصرف الصحي التي تحتوي على معادن ثقيلة يمكن أن تسبب أمراضا.ويقف محسن الكرعاوي، أحد سكان المدينة، قرب تيارات مياه تمر عبر أكوام من القمامة التي يقول إنها تتراكم وتلوث المياه المحلية منذ أكثر من 5 سنوات، ولم تُتخذ إجراءات تُذكر لعلاج المشكلة.وقال الكرعاوي: "أكثر الأمراض تأتي بسبب هذه المياه الملوثة 'المجاري'. لم تظهر هذه المياه اليوم فقط، بل منذ 4 إلى 6 سنوات. حتى الحيوانات تمرض".وتابع: "ضفة النهر نظيفة، ولكن أصبحت تُرمى به النفايات والأوساخ".ارتفاع هائل لنسب الملوثاتوقال صفاء مجيد، وهو أستاذ متخصص في دراسة البيئة والتلوث، إن المياه التي تؤخذ لتحليلها في المختبر تظهر وجود تركيزات عالية لعناصر ومركبات مثل الرصاص والزنك بمستويات تتجاوز الحدود العالمية.وأضاف" "أكثر من 40 موقع صرف صحي متوزعات على شطي الكوفة والعباسية وبحر النجف، تُطرح العديد من المخلفات التي تحوي على الدهون والشحوم والعناصر الثقيلة والعناصر الخطرة".وتابع مجيد قائلا: "عند أخذ عينات من هذه المياه وتحليلها في المختبر، وُجد أن ارتفاع التراكيز للعناصر والمركبات الخطرة، الرصاص، الكادميوم، الزنك، الحديد، النحاس، الخارصين، إلى آخره أعلى من الحدود المسموح بها عالميا إضافة عندما أخذ عينات من هذه المياه وتحليلها ميكروبيولوجيا، وُجدت أعداد كبيرة من البكتيريا وعلى رأسها بكتيريا القولون. علاوة على البكتيريات الأنواع المختلفة، أيضا تم تشخيص في بعض المواقع وجود الكوليرا".وقال صادق الزرفي، الأستاذ في كلية العلوم بجامعة النجف: "مقارنة بـ10 سنوات سابقة، وبالنظر إلى الأبحاث الموجودة حاليا، فإن نسبة الأملاح مرتفعة بشكل كبير جدا، ونسبة التلوث ازدادت، مما أثّر على التنوع الأحيائي الموجود بالمياه".وتابع: "بعض الأنواع من الكائنات قلّت، وبعض الأنواع فُقدت من الكائنات الحية. هذا نتيجة مصادر التلوث التي تُرمى إلى الأنهار، والتي غيرت من تركيبات المجتمعات الأحيائية بداخل المياه".بينما قال مجيد: "تستخدم جميع أراضي بحر النجف الزراعية مياه الصرف الصحي لأن مياه الصرف الصحي لها قدرة على زيادة النمو الخضري، فبالتالي تحوي هذه المياه، الصرف الصحي، على عناصر ثقيلة معدنية إضافة إلى البكتيريا والفطريات التي سوف تزيد ضمن هذه المنطقة، وفي حال تناول هذه النباتات سواء كانت نباتات ورقية أو نباتات مثل الطماطم البندورة، الخيار، الباذنجان إلى آخره، سوف تنتقل إلى السلسلة الغذائية وتسبب الكثير من الأمراض".محطات تقنية المياهوبينما يلجأ العديد من سكان النجف لشراء المياه النظيفة من الأسواق، تتم معالجة بعض مياه المدينة في محطات تنقية المياه حيث يتم تنقية مياه النهر الملوثة لأول مرة قبل معالجتها بمواد كيميائية مثل الكلور لقتل البكتيريا الضارة.وفي أثناء ملء القوارير الخاصة به بمياه نظيفة قال مبسم ناجي، من سكان النجف، إنه يأتي لتعبئة القوارير التي تفرغ، مضيفا" "حسب القناني التي تفرغ أجلبهم بالسيارة أمليهم بالماء وأرجع لأن هذا ماء صافي منقى بينما ماء الصنبور كله ملوث وغير جيد وليس دائما موجودا".وتساعد محطات المياه في تخفيف التلوث لكن المعركة مستمرة لتنظيف إمدادات المياه في المدينة وتقليل التلوث بشكل كبير.وقال الطبيب سعد نصيف اختصاصي الباطنة "المبازل اللي موجودة تُعزل بها النفايات وبالتأكيد بها تلوث لكن هذه لا تصل إلى الناس وإنما المياه التي تنسحب من الأنهار توجد فلاتر موجودة وتتعامل معها كيميائيا وتضاف مواد أخرى، الكلور وقاتل للجراثيم والفيروسات، فلا تصل هذه المياه للناس".(وكالات)