وسط التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر على لبنان، ازدادت التحديات الإنسانية التي تواجه المؤسسات الإغاثية في البلاد. ومن أبرز هذه المؤسسات، الدفاع المدني اللبناني والصليب الأحمر اللبناني، اللذان يلعبان دوراً محورياً في إنقاذ الأرواح، وتقديم المساعدة للمتضررين. تزيد الضغوط في هذه المرحلة والتحديات أمام هاتين المؤسستين المنتشرتين في الصفوف الأمامية في أي حرب أو أزمة. فما مدى جهوزية "الدفاع المدني اللبناني" و"الصليب الأحمر" لهذه المرحلة، خصوصاً في حال تطورت الأمور وتوسعت رقعة الحرب؟.ضغوط على المنظمات الدوليةفي حديث خاص مع منصة "المشهد"، أكد الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني، جورج كتانة، أن "الصليب الأحمر اللبناني يلعب دورًا حيويًا في مواجهة التحديات الناجمة عن تصاعد العنف والعدوان الإسرائيلي على لبنان". وأوضح كتانة أن "الاستهداف العسكري شمل عدة مناطق في الجنوب، البقاع، وجبل لبنان، وبيروت، ما أدى إلى إصابات كبيرة بين المدنيين، واستهداف مباشر للمرافق الصحية وطواقم الإغاثة".وأضاف كتانة:حركة النزوح ارتفعت بشكل كبير، حيث بلغ عدد النازحين نحو مليون شخص، وفق الإحصاءات الرسمية. قد تم إيواء نحو 138 ألف نازح في 850 مركزًا موزعة على المدارس، والجامعات، والكنائس، والحدائق، فيما لجأ البعض الآخر إلى أقاربهم أو استأجروا أماكن إقامة مؤقتة".حصيلة الضحايا منذ بدء التصعيد حتى 2 أكتوبر 2024، وصلت إلى 1873 شهيدًا و9134 جريحًا.الأرقام في تزايد مستمر. في ظل هذه الظروف، استنفر الصليب الأحمر موارده بشكل كامل؛ لتلبية الاحتياجات الطارئة. فرق الإسعاف والطوارئ تواصل عملها في نقل الجرحى والشهداء إلى المستشفيات، وتقديم الإسعافات الأولية في مواقع الاستهداف، بالإضافة إلى توفير وحدات الدم للجرحى في مختلف المناطق المتضررة.الصليب الأحمر يعمل بالتنسيق مع قوات اليونيفيل واللجنة الدولية للصليب الأحمر لضمان المسارات الآمنة لطواقم الإسعاف في المناطق الحدودية، ولا سيما تلك الواقعة على الخط الأزرق.على صعيد آخر، مع تزايد عدد النازحين، عزز الصليب الأحمر خدماته الطبية والاجتماعية، وأرسل فرقًا طبية متنقلة لتقديم الرعاية الصحية والدعم النفسي. كما تم تنظيم فرق إدارة الكوارث لتوزيع المواد الأساسية مثل المياه والبطانيات على النازحين.نقص حاد بالموارد التحديات المالية كانت حاضرة في حديثه، حيث أكد كتانة أن "الصليب الأحمر اللبناني يواجه نقصًا حادًا في الموارد، ويعمل على حشد الدعم من شركائه في الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر". وأشار إلى أن "المنظمات الشقيقة بدأت بالتواصل لتنسيق إرسال المساعدات". وشدد كتانة على أن "الصليب الأحمر اللبناني ملتزم بتقديم خدماته الإنسانية بحيادية واستقلالية، رغم التحديات".وختم كتانة بالقول إن "الصليب الأحمر اللبناني ملتزم بمهمته الإنسانية في الوقوف إلى جانب المتضررين، وحماية كرامة الإنسان"، مؤكدًا أن "عمل الصليب الأحمر يستمر بحيادية واستقلالية تامة لضمان سلامة الجميع، رغم التحديات الهائلة التي يواجهها، وذلك بالتنسيق مع اليونيفيل والصليب الأحمر الدولي". فقدان أشخاصالمدير العام للدفاع المدني، العميد ريمون خطار، شدد بدوره في حديث لمنصة "المشهد"، على "استمرار عمل عناصر الدفاع المدني في المناطق المتضررة جراء العدوان الإسرائيلي". وأشار إلى أن "العمليات تتم بمتابعة مباشرة من قبل وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، ووفقًا لتوجيهاته، حيث يتوجه العناصر لتقديم المساعدة للمواطنين مهما كانت التحديات".وأوضح العميد خطار أن "الدفاع المدني ملتزم بالخطة الوطنية لإدارة الكوارث التي تركز على البحث، والإنقاذ، وإطفاء الحرائق، بينما تتولى فرق الصليب الأحمر مهمة فرز الإصابات ونقلها". وأضاف أن "الدفاع المدني وزع أكثر من 600 ألف لتر من المياه على مراكز النزوح منذ 23 سبتمبر حتى اليوم".وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه الفرق الميدانية، أشار خطار إلى "فقدان الدفاع المدني لـ6 شهداء وإصابة 29 آخرين، على الرغم من وضع الشعار الدولي على الآليات. كما لفت إلى وجود نقص حاد في الأعتدة، خصوصا فيما يتعلق بالدروع والخوذ الواقية من الشظايا". اتخاذ تدابير داخلية وفي حال تصاعدت حدة الاشتباكات، أكد العميد خطار أن "الدفاع المدني قد اتخذ تدابير داخلية تتضمن إعادة الانتشار بما يسمح بالتدخل السريع وفق خطة الطوارئ. ورغم الضغط الهائل الناتج عن العدوان الإسرائيلي اليومي، لا يزال الدفاع المدني يستجيب لنداءات المواطنين في مختلف المناطق اللبنانية، حيث تستمر حرائق الأحراج في الاندلاع يوميًا".وختم العميد خطار قائلاً: "الدفاع المدني هو شبكة أمان المواطنين، ونحن مستمرون في أداء واجبنا الوطني والإنساني مهما كانت التضحيات". (المشهد )