يبدو أن الحديث عن اتساع نطاق الصراع الحاصل داخل الأراضي الفلسطينية نتيجة للحرب الإسرائيلية الدائرة هناك لم يعد هاجساً فحسب، بل بات واقعا فرض نفسه وبقوة على دول الجوار التي باتت في نيران مرمى هذا الصراع بشكل مباشر.هذا الأمر تجلّى عقب إصابة عسكريين مصريين بعد تضرّر برج مراقبة على الحدود مع قطاع غزة إثر شظية قنبلة دبابة إسرائيلية الأحد الماضي، في حادثة قالت إسرائيل إنها وقعت بالخطأ واعتذرت عنها. ولم يقف الأمر عند هذا الحد فحسب، بل تضاعف بعد سقوط طائرة مسيرة على أحد المباني في مدينة طابا المتاخمة لإيلات الإسرائيلية ما أسفر عن إصابة 6 أشخاص مدنيين. الحادث وقع في الساعات الأولى من الجمعة الماضية قبل الإعلان عن أنها قادمة من جنوب البحر الأحمر وبعد ساعات من واقعة طابا سقط مقذوف قرب محطة كهرباء بمدينة نويبع الساحلية على خليج العقبة من دون أن يسفر عن إصابات.ووفقا لمصادر مطلعة، تحدثت لوسائل إعلام محلية في مصر، فإن هناك اتصالات أجراها مسؤولون مصريون مع مختلف الأطراف المعنية لتأكيد أن بلادهم لن تسمح بجرّها إلى مستنقع التصعيد ولن تسمح بتهديد أمنها لا من قريب ولن تسمح بتكرار مثل هذه الحوادث.الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لم يصمت كثيرا تجاه ما حدث وسارع بتوجيه رسائل حاسمة وبنبرة حادة خلال افتتاحه فعاليات الملتقى الدولي السنوي للصناعة أمس السبت، حيث قال "مصر دولة ذات سيادة وأرجو أن يحترم الجميع قوتها وسيادتها"، متابعا "مصر دولة قوية جدا لا تُمس ودا مش تباهي".وأردف السيسي قائلا" "كان فيه طائرات مسيّرة دخلت وتم إسقاطها أيا ما كان المكان اللي هي جاية منه أنا حذّرت قبل كدة من أن اتساع الصراع ليس في مصلحة المنطقة وأن المنطقة هتبقى عبارة عن قنبلة موقوتة تأذينا كلنا".مصر لم تتعرض لاعتداء أو هجماتوفي ظل التهديدات التي باتت تُلاحق الأمن القومي المصري إثر اتساع دائرة المناطق المتأثرة بتداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أشار اللواء محمد عبد الواحد خبير الأمن القومي والعلاقات الدولية في حديث لمنصة "المشهد" أن: الحوادث التي وقعت على الأراضي المصرية مؤخرا وتحديدا في منطقتي طابا ونويبع لم تكن هجمات مقصودة على مصر ولا يمكن أن نطلق عليها "اعتداء".الذي حدث عبارة عن أجسام وبقايا لطائرة مسيرة وأشياء أخرى سقطت داخل الأراضي المصرية القريبة جدا من مسرح العمليات. طابا المصرية تبعد عن إيلات الإسرائيلية 7 كيلومترات فقط وهذه مسافة قليلة للغاية لذا علينا أن نسمي الأشياء بمسمياتها.التحقيقات المصرية جارية حول تحديد الأماكن التي خرجت منها المقذوفات وأجزاء الطائرة المسيرة التي سقطت في منطقتي طابا ونويبع.وكشف عبد الواحد عن أن مصر ستتخذ بعض الإجراءات حيال هذه الأمر ومن ضمنها: تكثيف أجهزة الإنذار في المناطق الحدودية القريبة من إسرائيل.وضع رادارات معينة للإنذار المبكر قبل وقوع حوادث مماثلة مرة أخرى كالتي وقعت من قبل.هل تتحمّل إسرائيل فتح جبهة قتال مع مصر؟يأتي هذا في الوقت الذي يرى فيه أستاذ العلاقات الدولية هاني الجمل أن إسرائيل لن تقوى على فتح جبهات صراع جديدة سواء مع مصر أو غيرها وليس من مصلحتها الدخول في مواجهة مباشرة مع مصر على الأقل مع الوضع الحالي خصوصا مع الصعوبات العسكرية التي ينتظر أن تواجهها إسرائيل في حال التدخل البري في قطاع غزة.ويضيف الجمل: "التوقع بحدوث صراع عسكري مع حزب الله في الجنوب اللبناني واحتمالية تطور الأمور داخل كافة الأراضي الفلسطينية ووقوع اشتباكات مع الفلسطينيين وبالتالي لن تستطيع إسرائيل فتح جبهة لن تتحمل نتائجها". وبحسب الجمل، فإن الشروع في تنفيذ فكرة تهجير الفلسطينيين من قبل إسرائيل قد يكون هذا هو السبب الوحيد الذي قد يشعل الحرب بين البلدين ويقضي على عقود السلام، قائلا "إن الجانب الإسرائيلي يتابع عن قرب وباهتمام شديد الرسائل المصرية القوية الرافضة لفكرة التهجير سواء على الصعد الرسمية أو الشعبية".ويري الجمل أن طرح فكرة التهجير للفلسطينيين من قطاع غزة كان بمثابة "بالونة اختبار" من قبل المسؤولين في إسرائيل، كانت تل أبيب تمادت في تنفيذ فكرتها لولا رد الفعل المصري القوي والحاسم". مصر لن تقف مكتوفة الأيدي في حال تكرار أخطاء أخرىوبسؤالنا عن احتمالية تكرارا الحوادث على الأراضي المصرية خلال الأيام المقبلة؟، أجاب خبير الأمن القومي المصري اللواء محمد عبد الواحد قائلا:أستبعد حدوث هذه الأخطاء مرة أخرى خصوصا في ضوء التحذيرات المصرية الصارمة التي أعقبت هذه الحوادث خلال الأيام الماضية. في حال تكرار مثل هذه الأخطاء بشكل همجي فإن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي. ومن ثم يحق لمصر أن تدافع عن نفسها وبالطريقة التي تراها مناسبة لها للحفاظ على الأمن القومي للبلاد.التعديل في اتفاقية السلام مع إسرائيل الذي تم الاتفاق عليه في عام 2021 أعطى للقوات المصرية حرية إدخال مدرعات إلى آخر شبر في سيناء.معاهدة السلام لا تكبل التحرك العسكري المصري في شبه جزيرة سيناء.وحول الأصوات التي تتعالى في الداخل المصري من وقت لأخر حول قرب مواجهة عسكرية مباشرة مع الجانب الإسرائيلي، أكد عبد الواحد أن هناك مبالغة في توقعات اندلاع حرب بين مصر وإسرائيل، مستبعداً هذا السيناريو. وأشار عبد الواحد إلى أن السياسية لغة مصالح وليست لغة عواطف والجيش المصري لن يحارب خارج حدوده بالوكالة عن أطراف أخرى وبالتالي فإن هناك قيودا وأطراً معينة لاتخاذ قرار الحرب ترتبط بالأمن القومي للبلاد.وكانت الأراضي المصرية المتاخمة مع الجانب الإسرائيلي قد تعرضت لحوادث عدة خلال الأيام القليلة الماضية، بعضها أعلنت إسرائيل أنها كانت عن طريق الخطأ وقدمت اعتذرا رسميا لمصر عن ذلك، والبعض الآخر لا يزال مجهول المصدر وقيد التحقيقات وهو الأمر الذي جعل الكثير من التساؤلات تدور في أذهان الجميع داخل مصر وربما الوطن العربي حول مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية في ظل اتساع نطاق الصراع خارج الأراضي الفلسطينية.(المشهد)