من اختلال الميزان التجاريّ وصولًا إلى المنافسة في مجال التكنولوجيا، تفاقم سلسلة قضايا اقتصادية خلافية التوتر بين واشنطن وبكين، وهي تعدّ كم المسائل النادرة التي يمكن للجمهوريّين والديموقراطيّين الاتفاق عليها. فماذا يقف خلف هذه المخاوف؟ الديون الأميركيةيشعر الجمهوريون على وجه الخصوص بالقلق حيال هذه المسألة، إذ يتخوفون من أنّ الصين تملك جزءًا كبيرًا من الديون الأميركية. يتركز القلق من إمكانية استخدام بكين ذلك للضغط على واشنطن، عبر التهديد بإعادة بيع سنداتها، ما سيؤدي إلى تراجع قيمة الأرصدة. وبينما تتجاوز الديون الأميركية 34 تريليون دولار، فإنّ مبلغًا قدره نحو 8 مليارات دولار تقريبًا مملوك في الخارج. والصين مالك رئيسيّ للديون الأميركية مع 816 مليار دولار وأكثر من تريليون دولار بقليل، لدى احتساب هونغ كونغ، وفق بيانات وزارة الخزانة الأميركية. لكنها ثاني أكبر جهة أجنبية تملك الديون الأميركية بعد اليابان التي تملك 1.1 تريليون دولار، كما أنها تتقدّم على بريطانيا. سباق التكنولوجيا ركّز الرئيس الأميركيّ جو بايدن على التكنولوجيا، مشيرًا إلى أهميتها في ضمان الأمن القومي. وسواء في مجال أشباه الموصلات أو الذكاء الاصطناعيّ أو المركبات الكهربائية، تسعى واشنطن للبقاء متفوّقة على بكين أو اللحاق بركبها في جالات عدة، لأسباب من بينها منع الأدوات المتطورة من الوصول إلى أيدي الجيش الصيني. وازدادت القيود في عهد إدارة بايدن خصوصًا تلك المرتبطة بأشباه الموصلات المتقدّمة الضرورية لتطوير الذكاء الاصطناعي. وأفادت وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو، في أكتوبر بأنّ الهدف هو الحدّ من إمكانية وصول الصين إلى الشرائح الإلكترونية المتطورة القادرة على إفساح المجال لتحقيق اختراقات في الذكاء الاصطناعيّ والحواسيب المتطورة، التي تعدّ ضرورية للتطبيقات العسكرية. تسعى واشنطن أيضًا للالتفاف على الصين في مجال الموارد الرئيسية المتوافرة بكثرة لدى بكين. تجارة وبينما لم تعد الصين المصدر الأكبر للمنتجات التي تستوردها الولايات المتحدة، فإنّ اختلال التوازن التجاريّ بين أكبر قوتين اقتصاديّتين في العام يبقى مصدر قلق. فشلت الرسوم الجمركية المشددة التي فرضها ترامب على المنتجات الصينية، ومحاولات ضمان اتفاق لإعادة التوازن إلى المبادلات التجارية، في تغيير الوضع. وحافظت إدارة بايدن إلى حدّ كبير على الرسوم، مع مواصلة جهود تنويع سلاسل الإمداد في أوساط الحلفاء والشركاء. ويبدو أنّ الإجراءات بدأت تعطي مفعولها، إذ تتراجع سرعة نمو التجارة بين الولايات المتحدة والصين، رغم أنّ النظر في الأمر بشكل أعمق، يُظهر بأنّ كل ما حصل هو تغير مسار وصول المنتجات الصينية ليكون عبر بلدان أخرى. حرب عملات؟ طرحت مرارًا أيضًا مسألة أسعار الصرف واستخدام العملات من أجل أغراض سياسية وتجارية. واتّهمت واشنطن بكين على مدى سنوات بالمحافظة على اليوان بشكل متعمد عند سعر منخفض مقابل الدولار، من أجل دعم الصادرات. وفي نوفمبر، أشارت وزارة الخزانة إلى "غياب الشفافية" لدى الصين في آليتها لتحديد أسعار الصرف، مشيرة إلى أنّ الأمر يتطلب مراقبة. يتركز القلق حاليًا على تدويل اليوان، إذ إنّ حضور العملة الصينية في التبادلات التجارية ما زال محدودًا. وحتى نهاية العام 2023، تمّت أقل من 3.5% من عمليات الدفع بنظام "سويفت" للتحويلات الدولية إلكترونيًا باليوان، مقارنة مع نحو 19% باليورو وأكثر من 50% بالدولار. وتسعى الصين إلى ترسيخ اليوان خصوصًا في التجارة، كحاجز حماية من أيّ عقوبات أميركية محتملة. ترى بكين بدورها بأنّ الولايات المتحدة تستخدم الدولار سلاحًا.(أ ف ب)