يتوجه ملايين الناخبين في تركيا الأحد إلى مراكز الاقتراع لانتخاب رؤساء البلديات والإداريين، في انتخابات محلية تعد مقياسا لشعبية الرئيس رجب طيب إردوغان، في وقت يحاول فيه حزبه الحاكم استعادة السلطة في المدن الرئيسية التي خسرها قبل 5 أعوام. قد يدفع فوز حزب إردوغان، الرئيس التركي إلى مواصلة التعديلات الدستورية التي تتيح له الاستمرار في الحكم بعد انتهاء ولايته الحالية. ومن ناحية أخرى من شأن الفوز في بلديات المدن الرئيسية أن يساعد في بث الروح مجددا في المعارضة التركية، التي أصابها الإحباط والانقسام بعدما منيت بالهزيمة في انتخابات الرئاسة العام الماضي. وفيما يلي ما قد تعنيه نتائج هذه الانتخابات لمستقبل تركيا: معركة إسطنبول في الانتخابات المحلية الأخيرة التي أجريت عام 2019، فازت المعارضة - بعد توحيدها - في بلديات العاصمة أنقرة والمركز التجاري إسطنبول، منهية بذلك سيطرة الحزب الحاكم التي استمرت 25 عاما هناك. وكانت خسارة إسطنبول بشكل خاص بمثابة ضربة قوية لإردوغان، الذي بدأ حياته السياسية عام 1994 كرئيس لبلدية المدينة التي يبلغ تعداد سكانها نحو 16 مليون نسمة. قام إردوغان بتكليف وزير التحضر والبيئة السابق مراد كوروم (47 عاما) بخوض الانتخابات ضد رئيس البلدية الحالي، أكرم إمام أوغلو، من حزب الشعب الجمهوري من يسار الوسط. ويشار الى إمام أوغلو على أنه مرشح رئاسي محتمل في مواجهة إردوغان. كما دخل حزب ديني محافظ جديد، هو حزب الرفاه الجديد، حلبة السباق. فمن خلال مناشدة الناخبين المحافظين والمتدينين الذين أصيبوا بخيبة أمل جراء تعامل إردوغان مع ملف الاقتصاد، يتوقع أن تتحول اليه بعض أصوات مؤيدي إردوغان. وتشير استطلاعات الرأي إلى سباق متقارب بين إمام أوغلو وكوروم، اللذين وعد كلاهما بمشاريع للبنية التحتية لتعزيز المباني من اجل مقاومة الزلازل، وتخفيف الازدحام المروري الدائم في المدينة. ويتوقع على نطاق واسع أن تحافظ المعارضة على سيطرتها على أنقرة، حيث لا يزال رئيس البلدية الحالي، منصور يافاش، يحظى بشعبية كبيرة.إردوغان يسعى إلى تعزيز سلطته وحتى لا يترك أي شيء للصدفة قام إردوغان بعقد تجمعات انتخابية في أنحاء البلاد، وبحملات انتخابية نيابة عن المرشحين لمنصب رئيس البلدية. يقول محلّلون إن استعادة إسطنبول وأنقرة وتحقيق أداء قوي في صناديق الاقتراع من شأنه أن يعزز عزم إردوغان على وضع دستور جديد يتيح له الاستمرار في المنصب بعد عام 2028 عندما تنتهي فترة ولايته الحالية. ويحدد الدستور الحالي مدة الرئاسة بفترتين فقط، حيث ترشح إردوغان (70 عاما) لولاية ثالثة العام الماضي لأسباب اجرائية لأن البلاد تحولت إلى النظام الرئاسي 2018، بينما كانت ولايته الأولى في ظل النظام السابق. ويضيف المحلّلون أن إردوغان وحلفاءه لا يملكون حاليا عددا كافيا من المقاعد في البرلمان لسن دستور جديد، لكن فوزا انتخابيا آخر قد يدفع بعض نواب المعارضة المحافظين إلى تغيير موقفهم. في وقت سابق من مارس الحالي، قال إردوغان إن انتخابات الأحد ستكون الأخيرة له وفق الدستور. ويرى منتقدوه أن تصريحاته مجرد حيلة لضمان أصوات وتعاطف المؤيدين، فضلا عن كونها استراتيجية للضغط من أجل إجراء تعديلات دستورية. المعارضة تأمل في العودة تفكك تحالف المعارضة المشكل من 6 أحزاب، بقيادة حزب الشعب الجمهوري، بعد هزيمة مريرة في انتخابات العام الماضي. وأصيب أنصار التحالف بالإحباط بعد فشله في الإطاحة بإردوغان، رغم المشكلات الاقتصادية وتبعات كارثة الزلزال. من شأن قدرة حزب الشعب الجمهوري على الاستمرار في الحفاظ على المدن الكبرى التي فاز بها قبل 5 أعوام أن تساعد في بث الحيوية في الحزب والسماح له بعرض نفسه كبديل لحزب إردوغان الحاكم. ومن ناحية أخرى، قد تنهي خسارة أنقرة وإسطنبول لصالح حزب إردوغان تطلعات يافاش وإمام أوغلو الرئاسية. قام حزب الشعب الجمهوري بتغيير قيادته بعد وقت قصير من الهزيمة في الانتخابات، ولكن يبقى أن نرى ما إذا كان رئيس الحزب الجديد، أوزغور أوزيل (49 عاما)، قادرا على بث الحماسة في مؤيدي الحزب.أصوات الأكراد يشكل الأكراد نحو 10% من الناخبين في إسطنبول، ويمكن أن تكون أصواتهم حاسمة في سباق رئاسة البلدية.اختار الحزب المؤيد للأكراد في تركيا – ويعرف حاليا باسم حزب المساواة وديمقراطية الشعوب – دعم إمام أوغلو في انتخابات البلديات عام 2019، ما ساعده على الفوز. لكن هذه المرة يقدم الحزب مرشحيه، في خطوة قد تؤدي إلى تقليل عدد الأصوات لصالح إمام أوغلو. إلا أن بعض المراقبين يقولون إن الحزب تعمّد تسمية مرشحين غير بارزين، في دعم ضمني لرئيس البلدية الحالي. في الوقت نفسه، يتوقع فوز حزب المساواة وديمقراطية الشعوب ببلديات عدة في المناطق الجنوبية الشرقية من البلاد ذات الأغلبية الكردية في تركيا. ويبقى السؤال ما إذا كان سيسمح للحزب بالاحتفاظ بها.ففي الأعوام السابقة، قامت حكومة إردوغان بإقالة رؤساء البلديات المنتخبين من مناصبهم بسبب صلات مزعومة بالمسلحين الأكراد واستبدالهم بآخرين عينتهم الدولة. وخلال تجمع حاشد في مدينة هكاري ذات الأغلبية الكردية في 15 مارس، حثّ إردوغان الناخبين على عدم التصويت لأفراد قال عنهم إنهم سيحولون أموال البلدية إلى "المنظمة الإرهابية"، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني المحظور.(أ ب)