ينشط مقاتلون من جنسيات عربية وأجانب في الشوارع السورية ويثيرون جدلاً واسعاً داخل دولة تعاني أساساً من اضطراب أمني في مجموعة من مناطقها.وتختلف وجهات النظر والانتماءات بين أطياف الشعب الواحد لكن مشاركة الأجانب في الإشكالات الداخلية، يعتبرها السوريون أمراً مرفوضًا. وتشير الأرقام المتداولة في الأوساط السورية إلى أن العدد الإجمالي للمقاتلين الأجانب الذين دخلوا سوريا بين عام 2015 و2017 يتجاوز 2000 مقاتل تركّز معظمهم في المناطق الجبلية على غرار اللاذقية الواقعة في الساحل السوري الغربي وإدلب. وبحسب تقارير سورية، لا تختلط الفصائل التي تضم في صفوفها أجانب، بالفصائل السورية المسلحة لكن أبرزها هو فصيل "حراس الدين" الذي أعلن عن تأسيسه في فبراير من عام 2018 وهو أحدث فروع تنظيم "القاعدة" في الشرق الأوسط وتحديدا في بلاد الشام. ومع اندلاع الأحداث في الساحل السوري، تداول سوريون مقاطع موثقة بالصوت والصورة تظهر ارتكاب مقاتلين أجانب تجاوزات كبيرة بحق المدنيين وهو ما عجّل بارتفاع الأصوات المطالبة بإخراجهم من الأراضي السورية في أقرب وقت. وأثار كل ذلك حفيظة واشنطن التي دعت إلى ضرورة طرد المقاتلين الأجانب من جميع المناصب الرسمية في سوريا وحضّت الحكومة على محاسبة الضالعين منهم بأعمال القتل في الساحل السوري. إشكالية في سوريا وقال الباحث والأكاديمي السوري عصمت العبسي إن وجود المقاتلين الأجانب في سوريا ليست المشكلة الوحيدة وإنما من جملة المشاكل المتوفرة. وأضاف العبسي في حديثه لبرنامج "المشهد الليلة" مع الإعلامي رامي شوشاني، أن عدد المقاتلين الأجانب الذين كانوا في سوريا يقدّر بعشرات الآلاف، ضمن الميليشيات الشيعية المرتبطة بإيران سواء كانت عراقية أو أفغانية أو لبنانية.وتابع "بالتقارير الرسمية، لا نعرف حجم ما بقي من فلول المليشيات الإيرانية الموجودين على التراب السوري وبدليل ما حصل في الساحل، كانت هناك أصابع اتهام لوجود بقايا من مليشيات عراقية ولبنانية هربت إلى لبنان" لاحقا. وأكد العبسي "لو تجوّلت في سوريا، ربما لا تلحظ وجود مقاتل أجنبي، ومع ذلك هي مشكلة تحتاج إلى حلّ، نحن نتحدث عن 3 أشهر وليست 3 أعوام". وبعد انتشار مقاطع فيديو لمقاتلين أجانب في الشوارع السورية، لم ينكر العبسي وجودهم قائلا "لا أستطيع أن أنفي أو أثبت هذه المقاطع أو هذه الجرائم. هناك مقاتلين أجانب لكن أقول أنها مشكلة تحتاج إلى حل". ولفت إلى أن تصريحات وزارة الخارجية الأميركية تشي وكأن المشكلة في سوريا هي وجود 2000 مقاتل أجنبي، معتبرا أنه "تضخيم لحجم المشكلة". وفيما يخص قضية ارتكاب هؤلاء للجرائم، أكد العبسي أن هناك لجنة تقصي حقائق تعمل على ذلك. وقال "لا توجد جريمة مبررة ولا يوجد اعتداء مبرر. أيا كان مرتكبه أو أيًا كانت جنسيته.. سيتم محاسبتهم وتقديمهم للقضاء". وأشار العبسي إلى أن الجيش السوري وجهاز الأمن في طور التشكيل، معتبرا أن آلية تسوية أوضاع المقاتلين الأجانب هي من الملفات التي سيناقشها السوريون وسيتم حلها قريبا.مناصب حساسة في الدولة اعتبر العبسي أن أي مسمى أو أي منصب إلى الآن هو خاضع للأخذ والرد والتغيير، مبينا أن المناصب في سوريا ما زالت في "حالة سائلة" ولا يوجد وزير ثابت. وأشار إلى أنه خلال فترة تصريف الأعمال كان هناك حاجة لوجود أناس قريبين من الفصيل الذي كان يترأس غرفة عمليات "ردع العدوان"، والحاجة كانت لتقديم الولاء "لكن الآن بعد مضي 3 أشهر فإن الأمور ستختلف وسيكون هناك مرحلة أكثر انفتاحا".وقال العيسي إن هناك أشخاصا غير مرحّب بهم وكانوا عامل إزعاج، بغض النظر عن تصنيف الإنتربول. وأضاف أن الإنتربول لم يقدم للشعب السوري خلال 14 عاما أي شيء، ولم يعتقل مجرمي الحرب الذين مارسوا الظلم ضد الشعب السوري. واعتبر أن التوصيف الدولي هو توصيف سياسي، لافتا إلى أن من ارتكبوا جرائم بحق السوريين موجودين على قوائم العقوبات لكن لم يتم إيقافهم. وقال إن المقاتلين الأجانب جاؤوا إلى سوريا في وقت كانت سوريا تعج بكل الجنسيات من المقاتلين، من المليشيات الإيرانية فيما جاء آخرون للقتال في صف الثورة السورية. (المشهد)