لم يجد وسيلة أمامه للتعبير عن سخطه وغضبه مما يجري في غزة سوى بحرق نفسه ووضع حد لحياته.قد يرى البعض أن هكذا تصرّف يعدّ هروبا من الواقع ولا يغيّر شيئا في الأحداث الجارية، في حين يعتبر البعض الآخر أن ردة فعل كهذه تدلّ على ضعف أو خلل في شخصية أو عقلية مرتكب الفعل، فهو لم يحاول مواجهة ما يجري وتغييره، بل لجأ فورا إلى وضع حدّ لحياته مع العلم أن لا علاقة له بما يجري ويحتج من أجله لا من قريب ولا من بعيد.إنه أرون بوشنل، الجندي الأميركي الذي أحرق نفسه تنديدا بمجازر غزة على حدّ قوله.من هو أرون بوشنل؟ولد بوشنل عام 1999 في سان أنطونيو، بولاية تكساس الأميركية. التحق بالمدارس العامة في ماساتشوستس.درس بوشنل علوم الكومبيوتر وحصل على شهادة في الأمن السيبراني في سبتمبر 2020 من جامعة ميريلاند.على حسابه الشخصي على "لينكد إن" يذكر بوشنل أنه تلقى تدريبا أساسيا وفنيا في القوات الجوية الأميركية لـ7 أشهر، ومراقبة البنى التحتية لتكنولوجيا المعلومات لمدة عامين.عمل كمهندس في البرمجيات ضمن القوات الجوية الأميركية، وكأخصائي في تكنولوجيا المعلومات وتطوير الشبكات في احدى الشركات بين عامي 2015-2017.ووفقا لحسابه على فيسبوك، يتابع الشاب صفحة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" التي تأسست في جامعة ولاية كينت.رأي الأصدقاء والأقارب بالشاببحسب أصدقاء بوشنل الذين تحدث معه قبل الحادث، لم يذكر أرون أي شيء عن التضحية بالنفس، ولكنه بدأ يتصرف بغرابة قبل أيام إذ بعث برسالة إلى صديقه قال له فيها : "آمل أن تفهم، أحبك، وربما هذا لا معنى له، لكني أشعر أنني سأفتقدك"، كما أعطى قطته لجاره.ويؤكد أحد الأصدقاء أنه بحلول عام 2024، أصبح بوشنل أكثر انفتاحا بشأن اعتراضه على الجيش خصوصا بعد مقتل الشاب الأميركي الإفريقي جورج فلويد على يد الشرطة في مينيابوليس عام 2020. وفي وقتها، قال بوشنل إنه يريد اتخاذ موقف ضد أعمال العنف التي تقرها الدولة ويفكر في ترك الجيش مبكرا، لكنه سرعان ما عدل عن الفكرة لأن نهاية خدمته في الجيش أصبحت قريبة في مايو 2024.حادثة الحرقتوجه بوشنل إلى السفارة الإسرائيلية يوم الأحد، وبدأ بثا مباشرا على منصة "تويتش" لبث الفيديو. وقال وهو يرتدي الزي العسكري في تسجيل مباشر عبر الإنترنت: "اسمي أرون بوشنل، وأنا عضو فاعل في القوات الجوية الأميركية ولن أكون متواطئًا بعد الآن في الإبادة الجماعية. أنا على وشك المشاركة في عمل احتجاجي متطرف، ولكن مقارنة بما يشهده الناس في فلسطين على أيدي الإسرائيليين، فهو ليس متطرفا على الإطلاق".وبعد ذلك سكب على نفسه سائلا شفافا وأضرم النار في جسده وهو يصرخ "فلسطين حرة" مرات عدة.ومع أن الشرطة تدخلت لإنقاذه عبر إطفاء النار ونقله إلى المستشفى إلا أنه توفي بعد ساعات متأثرا بحروقه.(المشهد)