منذ من نوفمبر الماضي، عمل جنديّ إسرائيليّ وأفراد من وحدته الاحتياطية، في الجزء الشماليّ من قطاع غزة لإنشاء أرض قاحلة.وقال الجنديّ إنّ الأوامر التي تلقوها كانت تطهير منطقة بعرض كيلومتر واحد على طول الحدود، كجزء من خطة إسرائيلية لبناء منطقة أمنية داخل غزة مباشرة، والتي سيُمنع الفلسطينيون من الدخول إليها.وبواسطة الجرافات وغيرها من المعدات الثقيلة، قاموا بتسوية الخيم الزراعية وغيرها من المباني، وملء ممرات أنفاق مقاتلي "حماس" وحرثوا الحقول الزراعية.وقال الجنديّ وفق صحيفة "وول ستريت جورنال": لقد تم تسوية كل شيء بالأرض.كانت للزراعة في الغالب والآن أصبحت منطقة عسكرية، منطقة محظورة تمامًا.بالنسبة للمسؤولين الإسرائيليّين، تُعتبر المنطقة العازلة إجراءً أمنيًا حاسمًا في خطتهم لتجريد غزة من السلاح، وطمأنة الإسرائيليّين بأنهم يستطيعون العودة بأمان إلى البلدات والمجتمعات القريبة من الحدود، التي تم إخلاؤها بعد هجوم 7 أكتوبر الذي أودى بحياة 1200 شخص.ومن شأنه أن يخلق مجالًا واضحًا لإطلاق النار حتى تتمكن القوات الإسرائيلية من رؤية ومنع أيّ شخص يقترب من الحدود.أميركا تعارض خطة إسرائيلويمثّل المشروع مصدرًا لإحباط متزايد للمسؤولين الأميركيّين الذين يقولون إنهم عبّروا للمرة الأولى عن معارضتهم لمثل هذه الخطط، بعد وقت قصير من بدء الحرب في غزة، وراقبوا بقلق متزايد استمرار إسرائيل في المضيّ قدُمًا للقيام بهذا الأمر.ويحذر المسؤولون الأميركيون من أنّ تحويل الحدود على طول قطاع غزة الذي يبلغ طوله 25 ميلًا إلى منطقة محظورة، من شأنه أن يعمّق مخاوف الفلسطينيّين من أنّ إسرائيل تعتزم احتلال كل أو جزء من القطاع المزدحم، ويجعل من الصعب إقناع الحكومات العربية بالمساعدة في إعادة بناء القطاع. وأعرب وزير الخارجية أنتوني بلينكن عن معارضته لهذا المفهوم، وذلك بعدما قال الجيش الإسرائيليّ إنّ 21 جنديًا قُتلوا أثناء هدم المباني خلال محاولتهم إنشاء منطقة أمنية.وقال بلينكن للصحفيّين: "لقد كنا واضحين للغاية بشأن الحفاظ فعليًا على السلامة الإقليمية لغزة".ولكن، في إشارة إلى الصعوبة التي تواجهها الولايات المتحدة في الضغط على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لوقف المشروع، أشار بلينكن إلى أنّ واشنطن قد تقبل منطقة موقتة، قائلًا إنّ الأسئلة لا تزال قائمة حول "الترتيبات الانتقالية" عندما تتباطأ العمليات العسكرية الإسرائيلية.ويتفق المسؤولون الإسرائيليون على أنّ المنطقة العازلة قد تكون موقتة، لكنهم لم يقدموا جدولًا زمنيًا للمدة التي قد تكون ضرورية. كما أنهم لم يصفوا علنًا حجم الشريط المخطط له أو أيّ تفاصيل أخرى. منطقة محظورة على سكان غزةوقال مسؤولان حاليان ومسؤول سابق، إنه في بعض المناطق، قد لا يقوم الجيش الإسرائيليّ بإزالة جميع الهياكل في المنطقة، كما فعل بالفعل في بعض الأماكن. ولم يذكر المسؤولون الإسرائيليون ما الذي سيحدث للأشخاص الذين يدخلون المنطقة.كان لدى إسرائيل بالفعل منطقة محظورة على سكان غزة بالقرب من أجزاء من الحدود قبل 7 أكتوبر، لكنّ القيود لم يتم تنفيذها دائمًا. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيليّ السابق جوناثان كونريكوس، إنّ "حماس" تمكنت من إرسال نشطاء بالقرب من السياج الأمنيّ متنكرين في زيّ المتظاهرين، ما سمح لهم بإجراء استطلاع استعدادًا لهجوم 7 أكتوبر.وقال محللون إنّ المنطقة التي يبلغ عرضها كيلومترًا، لن تمنع إطلاق الصواريخ أو هجمات الطائرات بدون طيار في المستقبل من داخل غزة، من قبل مقاتلي "حماس" والمسلحين الآخرين الذين نجوا من الحرب.وردًا عن سؤال حول تطهير المناطق على طول الحدود، قال الجيش الإسرائيليّ في بيان، إنه يزيل "البنية التحتية للإرهاب"، واصفًا العمل بأنه "ضروري… من أجل تنفيذ خطة دفاعية من شأنها توفير أمن أفضل في جنوب إسرائيل".هدم 1072 في غزةوقد وصل العمل إلى مرحلة متقدمة بالفعل في بعض المجالات، وفقًا لدراسة أجراها الأستاذ في الجامعة العبرية في القدس عدي بن نون، والتي فحصت صور الأقمار الاصطناعية منذ بداية الحرب. وأضاف أنه يبدو أنّ الجيش الإسرائيليّ هدم 1072 من أصل 2824 مبنًى تقع على بعد كيلومتر واحد أو أقل من الحدود. وكانت معظم المباني سكنية، بحسب دراسته.وتقع المنطقة الأكثر بناء في المنطقة العازلة المحتملة بالقرب من خان يونس، أكبر مدينة في جنوب غزة، والتي تعمل فيها القوات الإسرائيلية منذ أكثر من شهر. ووجدت الدراسة أنّ 67%، أو 704 من أصل 1048 مبنى، تم هدمها على مسافة كيلومتر واحد من الحدود.كما قال جنود إسرائيليون عادوا من غزة، إنّ العديد من المنازل والمباني قامت "حماس" بتفخيخها. ويقول الجنود إنّ العديد منها تم استخدامها أيضًا لتخزين الأسلحة أو إخفاء ممرات الأنفاق على طول محيط الجيب.وقال الجيش الإسرائيليّ إنه "يحدد ويدمر البنى التحتية الإرهابية الموجودة داخل المباني، من بين أمور أخرى". ووصف الجيش عمله بأنه "حتمي" لتحسين الأمن في جنوب البلاد.منطقة عازلة غير قانونية وفي السياق، قال العقيد الإسرائيليّ السابق الذي خدم في قطاع غزة الإسرائيلي، وهو الآن خبير في شؤون الحدود الإسرائيلية شاؤول أرييلي، إنّ إنشاء منطقة عازلة دائمة داخل غزة سيكون على الأرجح غير قانونيّ بموجب القانون الدولي، لأنّ إسرائيل ستتولى السيطرة على الأراضي خارج حدودها المعترف بها. بينما قال نتانياهو ومسؤولون إسرائيليون آخرون، إنهم لا يعتزمون احتلال غزة بشكل دائم، لكنهم قالوا إنهم سيحتفظون "بالسيطرة الأمنية" لفترة غير محددة، وهو مصطلح لم يحددوه، ولكنه بالإضافة إلى المنطقة العازلة، ومن المرجح أن يتضمن خيار شن غارات ضد المسلحين حتى بعد انتهاء الحرب.وعلى طول الحدود داخل غزة، تتواصل أعمال تطهير الأرض. وقال جنديّ الاحتياط الذي كان يعمل في شمال غزة، إنّ الهدف هو إزالة أيّ عوائق قد تمنع القوات الإسرائيلية في المستقبل من مراقبة المنطقة.(ترجمات)