استيقظ السوريون يوم الاثنين على مستقبل مفعم بالأمل وإن كان مجهولا، بعد أن سيطر مقاتلو المعارضة على العاصمة دمشق وفرّ الرئيس بشار الأسد إلى روسيا منهيا حربا أهلية استمرت 13 عاما وأكثر من 50 عاما من حكم عائلته. كان التقدم الخاطف للفصائل المعارضة المسلّحة بقيادة "هيئة تحرير الشام"، وهي فرع سابق لتنظيم القاعدة، بمثابة واحدة من أكبر نقاط التحول في الشرق الأوسط منذ أجيال. وقضى سقوط الأسد على معقل تمارس منه إيران وروسيا نفوذهما في جميع أنحاء العالم العربي. وذكرت وسائل إعلام روسية الأحد أن موسكو منحت حق اللجوء للأسد وعائلته. ورحبت الحكومات الدولية بنهاية حكومة الأسد، حيث سعت إلى تقييم الشرق الأوسط ذي المظهر الجديد. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إن سوريا تمر بفترة من المخاطر وعدم اليقين وإنها المرة الأولى منذ اعوام التي لا تلعب فيها روسيا أو إيران أو تنظيم "حزب الله" دورا مؤثرا هناك. ولا تزال "هيئة تحرير الشام" مصنفة كـ"جماعة إرهابية" من قبل الولايات المتحدة وتركيا والأمم المتحدة، على الرغم من أنها أمضت أعواما في محاولة لتليين صورتها لطمأنة الحكومات الدولية والأقليات داخل سوريا. وقال كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوشيماسا هاياشي يوم الاثنين إن طوكيو تولي اهتماما وثيقا للتطورات في سوريا. وتحُدّ الإطاحة بالأسد من قدرة إيران على إرسال الأسلحة إلى حلفائها وقد تكلف روسيا قاعدتها البحرية في البحر الأبيض المتوسط. كما يمكن أن يُسمح لملايين اللاجئين المنتشرين لأكثر من عقد بمخيمات في جميع أنحاء تركيا ولبنان والأردن بالعودة إلى ديارهم أخيرا. إعادة البناء يواجه ائتلاف المعارضة مهمة هائلة تتمثل في إعادة بناء وإدارة بلد بعد حرب خلفت مئات الآلاف من القتلى والمدن التي تمزقها الغبار واقتصاد أجوف بسبب العقوبات العالمية، حيث ستحتاج سوريا إلى مليارات الدولارات كمساعدات. وقال قائد هيئة تحرير الشام أحمد الشرع، المعروف باسم أبو محمد الجولاني، "تاريخ جديد، يا إخوتي، يكتب في المنطقة بأكملها بعد هذا الانتصار العظيم". وأضاف في كلمة أمام حشد كبير يوم الأحد بالجامع الأموي في دمشق إن سوريا ستكون "منارة للأمة الإسلامية" بالعمل الجاد.عرفت دولة الأسد البوليسية بأنها واحدة من أقسى الدول في الشرق الأوسط مع مئات الآلاف من السجناء السياسيين المحتجزين في ظروف مروعة. ويوم الأحد، تدفق السجناء المبتهجون ولكن في كثير من الأحيان مرتبكين من السجون، فيما بكت العائلات لم شملها فرحا. وتم تصوير السجناء المفرج عنهم حديثا وهم يركضون في شوارع دمشق وهم يرفعون أيديهم لإظهار عدد الأعوام التي قضوها في السجن. وقالت منظمة الخوذ البيضاء إنها أرسلت فرق طوارئ للبحث عن زنازين مخفية تحت الأرض لا يزال يعتقد أنها تحتجز معتقلين. ومع حظر التجول الذي أعلنته المعارضة، ساد الهدوء في دمشق خلال الليل، حيث كانت الطرق المؤدية إلى المدينة خالية في الغالب. وقالت المعارضة إنها تعمل على استكمال نقل السلطة إلى هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية في إشارة إلى بناء "سوريا معا". العالم مذهول أثارت وتيرة الأحداث مخاوف بشأن مزيد من عدم الاستقرار الإقليمي بالإضافة إلى حرب غزة والهجمات الإسرائيلية على لبنان والتوترات بين إسرائيل وإيران. وقالت القيادة المركزية الأميركية إن قواتها نفذت عشرات الغارات الجوية استهدفت معسكرات وعملاء معروفين لتنظيم "داعش" في وسط سوريا يوم الأحد. وقال وزير الدفاع لويد أوستن يوم الأحد إنه تحدث مع وزير الدفاع التركي ياشار غولر مشددا على أهمية حماية المدنيين وأن الولايات المتحدة تراقب عن كثب. وخلال الحرب الأهلية السورية التي اندلعت في عام 2011 كانتفاضة ضد الأسد، قصفت قواته وحلفاؤها الروس المدن وحوّلتها إلى أنقاض. وكانت أزمة اللاجئين في جميع أنحاء الشرق الأوسط واحدة من أكبر أزمات العصر الحديث. (رويترز)