عادت مفاوضات صفقة التبادل للتداول مجدداً، بين حركة "حماس" وإسرائيل، فيما تستمر الغارات الإسرائيلية والقتال العنيف بين الجيش الإسرائيلي وعناصر "حماس" في قطاع غزة.ومع اقتراب الحرب من دخول الشهر العاشر، تتوالى جهود التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الجانبين، الذين رفعا عقيرتهما حول أوراق الضغط من أجل دفع الطرف الآخر للتنازل في موقفه.أغلب التصريحات الإسرائيلية، تعترف بالمعضلة الهائلة للتوصل إلى اتفاق مع "حماس"، فالحكومة الإسرائيلية تتجنب إطلاق سراح أعداد كبيرة من المعتقلين الفلسطينيين في سجونها، بينما رسم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو خطاً على الرمال، "لن أطلق سراح آلاف الإرهابيين" وفق وصفه.إعدام الأسرىوفي الوقت نفسه، دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير إلى إعدام الأسرى الفلسطينيين رمياً بالرصاص، لتتعالى الأصوات الداخلية للتعجيل بقانون "إعدام الأسرى".وكانت "سرايا القدس" قد أعلنت أن عددًا من الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة أقدموا على الانتحار مؤخرا، بعد "المعاملة بالمثل"، مؤكدة في بيان، أن قرار معاملة الأسرى الإسرائيليين بذات معاملة الأسرى الفلسطينيين داخل سجون إسرائيل، سيبقى ساريًا طالما استمرت حكومة بنيامين نتانياهو بإجراءاتها تجاه المعتقلين الفلسطينيين.وعلى الأرض، انتشل مسعفون من الهلال الأحمر الفلسطينيّ جثامين 4 ضحايا وقد كبلت أيديهم من معبر كرم أبو سالم جنوبي قطاع غزة، أعدمتهم قذيعة مدفعية إسرائيلية بعد الإفراج عنهم مباشرة، تسببت بمقتل عشرات الفلسطينيين وإصابة آخرين، من العاملين في تأمين المساعدات بغزة، حادثة اعتبرها الفلسطينيون وسيلة لتخويفهم وترهيبهم، وتحقيق مكاسب سياسية بمفاوضات الصفقة الدائرة بين "حماس" وإسرائيل.جريمة حربمن جانبه، علّق رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس لمنصة "المشهد"، بأن "هذه جريمة حرب بالمعنى الدقيق للكلمة، وانتقام وورقة ضغط بمفاوضات الصفقة".وتابع قائلا: "إسرائيل تبحث عن صورة انتصار، ولا يمكن أن تجدها في قتل أناس مكبلين، بعد أن اعتقلتهم وأفرجت عنهم، وقتل المزيد من الناس لن يساعدها في شيء، بل تتصرف عكس الإرادة الشعبية الإسرائيلية التي تحثها على إبرام صفقة تبادل للأسرى ووقف الحرب". مصلحة "حماس" وفي هذا الصدد أكد المستشرق الإسرائيلي د. مردخاي كيدار لمنصة "المشهد" بأن "ملف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية لن يشكل ورقة ضغط على زعماء "حماس"، لأنهم لا يبالون بأهل غزة، ولا بمعاناتهم، ولا بملف الأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل، هم يهتمون بشيء واحد، الاستمرار بالحكم في غزة بواسطة الحديد والنار". لا اهتمام بأهالي غزةواستطرد بالقول "عبر الإبقاء على قواتهم العسكرية في أرجاء قطاع غزة، وجعل أنفسهم الآمر والناهي في كل ما يدور بالقطاع البائس، وهذا هدف قادة "حماس" الأول والأخير، فلا غاية للاهتمام بأهالي غزة أو الأسرى الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية، الذين ليسوا في نزهة ربيع بسويسرا، هؤلاء لا يبالون بأحد، لو كان لديهم قطرة اهتمام بالأسرى لما استمروا بالحرب حتى اللحظة، ويدركون بأن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي حيال ما حدث في السابع من أكتوبر، يريدون استمرار قبضتهم على قطاع غزة". وأعرب مردخاي عن اعتقاده بأن "كل ما يدور اليوم، جزء لا يتجزأ من الجهود المتبادلة بين "حماس" وإسرائيل، هم ينشرون الفيديوهات للأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، وإسرائيل تعمل ما تعمل بغرض ممارسة الضغط على قادة "حماس"، كل شيء يدخل في هذا الإطار، حتى تصريحات تشريع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين، كذلك الآراء والمقابلات، وما يدور في هذا الفلك، جزء لا يتجزأ منه". وختم قوله بالسؤال "إلى أي مدى يبالي قادة "حماس" بكل ما يدور حولهم؟ يعرضون القتلى واحدا تلو الآخر، من أجل ممارسة الضغوط الإعلامية على العالم الخارجي، كلها ألاعيب "حمساوية" حيال إسرائيل".قضية وطنية شاملة في السياق، اعتبر الباحث والمحلل السياسي سليمان بشارات خلال حديثه لمنصة "المشهد" بأن قضية الأسرى الفلسطينيين لن تنجح في الضغط على حركة "حماس" من قبل إسرائيل بما يتعلق في مفاوضات الصفقة للأسباب التالية:أولاً، قضية الأسرى وطنية شاملة مرتبطة بالحالة الفلسطينية منذ قيام الاحتلال الإسرائيلي وحتى الآن، ولا يعيشون ظروف منعمة وملفات التعذيب والقتل والإهمال الطبي موجودة وليست مرتبطة بالفترة الحالية. ثانياً، حركة "حماس" تعتبر ورقة الأسرى استحقاق وطني وليس مرتبط بتنظيم أو حزب معين.ثالثاً، إسرائيل حتى وإن ذهبت إلى تجريم الأسرى، تطبيقه لن يكون واقعياً لأنه سينعكس على مكانة إسرائيل أمام المجتمع الدولي، فالأسرى مصنفون على أنهم أسرى حرب.رابعاً، حركة الأسرى الفلسطينية لها تاريخ نضالي طويل في انتزاع حقوقها بالسجون، المرحلة الحالية استثنائية فرضت فيها إسرائيل نوعاً من نمط الحياة ضدّهم. تفجير الوضعوشدّد الباحث السياسي على أنه "في كل الأوقات والظروف، تحرك قضية الأسرى الشارع الفلسطيني بكل مكوناته، حتى وإن صدر قرار إسرائيلي بإعدامهم، هذا الأمر سيكون له ارتداد على الشارع الفلسطيني ككل، وليس على حركة واحدة أو تنظيم سياسي معين، وساسة إسرائيل يدركون بأن هذه القضية قادرة على تفجير الوضع أكثر، وإثارة الحالة الميدانية، وستخلق ثورة داخل وخارج السجون ومواجهة شاملة ضد إسرائيل". وأكد "نادي الأسير الفلسطيني" أن أعداد الأسرى في السجون الاسرائيلية بلغت حتى بداية يوليو الحالي، قرابة (9700) أسير، من بينهم (3380) معتقل إداري، وأكثر من (1400) من معتقلي غزة، صنفتهم إسرائيل (بالمقاتلين غير الشرعيين)، علماً أن إسرائيل اعتقلت آلاف الغزيّين بينهم نساء وأطفال، فيما بلغت حالات الاعتقال في الضّفة منذ بداية الحرب (9550) حالة اعتقال. (المشهد)