الهجوم الإسرائيليّ من قبل أركان الحكومة الإسرائيلية التي يقودها بنيامين نتانياهو، صدر منها تصريحات وتعبيرات ضد قطر، والتي تلعب دورًا رئيسيًا للوساطة بين إسرائيل وحركة "حماس" في خضمّ الحرب المستعرة.وهذه التصريحات ضد قطر ليست وليدة اللحظة، فهي بدأت منذ نشوب الحرب وتصاعدت مؤخرًا، من قبل جهات رسمية، أولها جاءت من قبل نتانياهو خلال اجتماعه مع عائلات الأسرى الإسرائيليّين، حيث وصف قطر بأنها تمثّل إشكالية في الوساطة، وثانيها، على لسان وزير المالية يسرائيل سموتريتش، الذي اتهم قطر بالضلوع بأحداث 7 أكتوبر وبدعمها لـ"حماس"، مستبعدًا دورها في غزة بعيد إنتهاء الحرب. وثالثًا، جاءت تصريحات العديد من الوزراء والمسؤولين الإسرائيليّين الذين حرّضوا فيها على الوسيط القطريّ في الحرب.إضافة إلى التصريحات الرسمية، انتشرت تعليقات من قبل المواطنين الإسرائيليّين على وسائل التواصل الإجتماعي، تهاجم الدور القطريّ في الوساطة بين إسرائيل و"حماس"، وأشارت مصادر إسرائيلية بأنّ مكتب نتانياهو هو المسؤول عن هذا التحريض ضد قطر، لتحقيق مكاسب جديدة لصالحه في خضمّ الحرب التي لم تصل لأهدافها.تزامنًا، قالت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليّين في غزة لمنصة "المشهد"، بأنّ "الإتهام من قبل رئيس الحكومة نتانياهو ضد قطر، ليس في محلّه، ولا يصبّ في صالح تحرير الأسرى الإسرائيليّين في قطاع غزة، ونسعى لمنع حدوث أزمة بين إسرائيل وقطر، من شأنها أن تعرّض حياة الأسرى في غزة للخطر، ونطالب بوقف هذه المهزلة والجنون، بل التصرف بمسؤولية من أجل إنقاذ حياة 136 أسيرًا إسرائيليًا".فهل هذا الهجوم السياسيّ والإعلاميّ الإسرائيليّ على قطر، هو محاولة إسرائيلية للضغط على قطر كوسيط، وتحريض الرأي العامّ الدوليّ عليها، لكي تضغط على "حماس" للقبول بمقترحات إسرائيل لصفقة التبادل؟.قطر في مهب التحريض الإسرائيليأمام الهجوم الإسرائيليّ الرسميّ والشعبيّ على الدور القطريّ في الوساطة بين إسرائيل و"حماس"، يعتبر الباحث المتخصّص في الشؤون الإسرائيلية عادل شديد في حديثه لمنصة "المشهد"، أنه "لو كان القرار إسرائيليًا لأُبعدت قطر عن الوساطة، لكنّ "حماس" والإدارة الأميركية هما من تحددان الوسيط، سبق وأن فاضلت الإدارة الأميركية قطر، نظرًا للعلاقات بينهما".وأضاف شديد قائلًا: "ما يغضب الإسرائيليّين بأنّ قطر تتبنّى "حماس"، وقريبة منها لحدّ ما، ولو كانت راضية عن طبيعة الدور القطريّ لما احتجت إسرائيل، وهذا يعكس المفاوضات ومضامين الاتصالات السرية التي لا نعرف عنها شيئًا، خصوصًا أنّ إسرائيل تريد من قطر دورًا ما، والأخيرة ترفض، خصوصًا في ظل الحرب الحالية على "حماس" وغزة، تكمن المصلحة العليا لإسرائيل بأن تظهر وكأنّ الدول العربية معها وليس مع غزة، ولكن أن تأتي وتشن هجومًا على مصر وقطر، هذا يُضعف الشرعية الإسرائيلية ويقوّي خطاب المقاومة في غزة".ويشير شديد إلى أنّ "إسرائيل تعتقد بأنّ الضغط القطري على "حماس" ممكن أن يؤدي إلى إحداث تغيير في موقفها، لذلك تريد ضغطًا أميركيًا على قطر، وأعتقد بأنّ الأميركيّ ضغط، ولكن في النهاية قطر تحاول أن تكون أقرب لموقف "حماس"، والأخيرة مرتاحة للدور القطري، وهذا ما يُغضب الإسرائيلي، وبالتالي لدى نتانياهو قناعة تامة بأنه سيحاكَم عندما تتوقف الحرب، وبلغة السياسية، يسعى لوضع عقبات ومطبات للحكومة التي ستليه لإفشالها".وبحسب شديد فإنّ قطر لن تخرج ولن تُستبعد عن دورها المفاوض بين إسرائيل و"حماس"، وذلك "لأنّ إسرائيل لا تحدّد ذلك، وهناك "حماس" و"الجهاد الإسلامي" المصرّان على إبقاء قطر في الموضوع، ثم الإدارة الأميركية التي ترى وجود قطر مناسبًا، حتى هناك هجوم إسرائيليّ على أميركا، لأنها تقيم علاقات مع قطر، وهذا يعكس عقلية الغرور والعنجهية عند الصف الإسرائيلي".قطر تميل إلى "الأخوان" ولكن..وفي الإطار نفسه، يوضح المحلل السياسيّ إيلي نيسان لمنصة "المشهد"، بأنّ "قطر تلعب دورًا مهمًا وفعالًا، ومنخرطة بالوساطة بين إسرائيل و"حماس"، للإفراج عن المخطوفين الإسرائيليّين في غزة، لكنّ تسريب تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، ليست في صالحنا، ولا أعلم لماذا هذا الحديث تسرّب، من قبل المراقب العسكريّ لجلسة نتانياهو وأهالي الأسرى المحتجزين في غزة، حيث اعتبر نتانياهو قطر إشكالية في الوساطة، وهذا وقت غير مناسب لمثل هذه التراشقات التي ستضرّ بإسرائيل ومصلحتها". وأردف نيسان قائلًا لـ"المشهد"، "اليوم الكلّ منهمك في قضية الإفراج عن المخطوفين، وقطر ومصر تلعبان في قضية الوساطة، وإذا خرجت قطر من هذه الوساطة، فمن سيكون وسيط المفاوضات بين إسرائيل و"حماس"؟ ولذلك أعتبر بأنّ تسريب تصريح نتانياهو كان خطأً فادحًا ولهجته مضرّة بالمصلحة العامة، فالشعب الإسرائيليّ اليوم معنيّ بهذه الوساطة القطرية، وهذا ليس الوقت المناسب لقطع العلاقات بين إسرائيل وقطر، مع أنها تؤوي قادة "حماس" لديها في الدوحة، وهي تميل إلى "الإخوان المسلمين"، ولكنّ هذا الكلام، في هذه الفترة الحساسة غير مناسب".وحول استبعاد قطر من المفاوضات وسير الوساطة مع "حماس"، يقول نيسان، "هناك مطلب شعبيّ إسرائيليّ بمواصلة قطر وساطتها ودورها الإستراتيجيّ بين إسرائيل و"حماس"، بهدف التوصل إلى الأسرى وإعادتهم إلى ذويهم في إسرائيل، والهجوم الإعلاميّ والسياسيّ الإسرائيليّ على قطر، لن يصبّ في مصلحة إسرائيل كلّيًا".(القدس - المشهد)