مع انسداد أفق التوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة في غزة والمضي قدما في التفاوض بشأن مسار المرحلة المقبلة، بعد رفض إسرائيل والولايات المتحدة مخرجات القمة العربية الطارئة في القاهرة، وإطلاق الرئيس الأميركي دونالد ترامب "تحذيرا أخيرا" لحركة "حماس" لإطلاق سراح الأسرى، اختلطت الأوراق وباتت العودة إلى الحرب هي السيناريو الأقرب.عد تنازلي لمهلة الأيام الـ10 التي تنتهي بنهاية الأسبوع المقبل، والتي أعلنتها إسرائيل لاستئناف القتال، رافقه تحذير الرئيس الأميركي ليل الأربعاء الخميس من أن أي تأخير سيؤدي إلى "نهاية محتومة" للحركة.تحذير ترامبوقال ترامب: "أطلقوا سراح الأسرى الآن، وليس لاحقا، وأعيدوا جثث من قتلتم، أو سيكون هذا آخر تحذير لكم!"، مضيفا أنه سيوفر لإسرائيل "كل ما تحتاجه لإنهاء المهمة"، وشدد على أنه لن يكون أي عنصر في "حماس" بمأمن إن لم تستجب الحركة لهذا الطلب.ولم يفت ترامب أن يدعو قادة "حماس" إلى "مغادرة غزة فورا" قبل فوات الأوان، ووجه رسالة مباشرة لسكان القطاع، قائلا: "مستقبل مشرق في انتظاركم، ولكن ليس إن احتفظتم بالرهائن، لأنكم حينها ستكونون في خطر!".تصريحات جاءت عقب اجتماع الرئيس الأميركي بعدد من الأسرى المحررين في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، الذين تحدثوا عن معاناتهم، وسط تصاعد التوترات في المنطقة ودعم أميركي متزايد لإسرائيل في عملياتها العسكرية ضد "حماس"، الأمر الذي يشير إلى أن "أبواب الجحيم" التي طالما توعد ترامب بها توشك أن تفتح على المنطقة.لكن للمفارقة جاءت هذه التهديدات عقب الكشف عن محادثات مباشرة "مستمرة" في العاصمة القطرية الدوحة بين الإدارة الأميركية و"حماس" للمرة الأولى منذ عقود بشأن إطلاق سراح رهائن يحملون الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية محتجزين في غزة.محادثات وشنطن و"حماس"ووصفت صحيفة "نيويورك تايمز" هذه المحادثات، التي يقود الجانب الأميركي فيها المبعوث الخاص لشؤون الأسرى آدم بولر، بأنها تحول كبير للولايات المتحدة التي "لطالما رفضت إجراء محادثات مباشرة مع الجماعات التي تصنفها واشنطن كمنظمات إرهابية".وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الأميركية تعتبر "حماس" منذ عقود جماعة "إرهابية"، وأن المسؤولين الأميركيين، مثلهم مثل نظرائهم الإسرائيليين، اعتمدوا بشكل عام على وسطاء، مثل قطر ومصر مؤخرا، في نقل الرسائل إلى الحركة بدلا من الجلوس مع قادتها.وأكد البيت الأبيض هذه المحادثات، وقالت المتحدثة باسمه كارولين ليفيت: "لقد تمت استشارة إسرائيل في هذا الشأن"، مضيفة أن هناك "أرواحا أميركية على المحك"، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.وكما كانت تصريحات البيت الأبيض مقتضبة، جاء تعليق مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي على الأمر، قائلا إن إسرائيل "أعلنت رأيها بشأن المحادثات المباشرة مع "حماس" خلال مشاورات مع الولايات المتحدة".عزل الحركةوكان المسؤولون الأميركيون والأوروبيون يأملون أن تؤدي سياسة عدم الاتصال مع "حماس" إلى عزل الحركة وإضعافها بعد سيطرتها على قطاع غزة في عام 2007. وشكك منتقدون من حين لآخر في فعالية المقاطعة التي استمرت لسنوات في ظل عدم حدوث تحول واضح في مواقف "حماس"، وفقا لنيويورك تايمز.ومن جهتها، ذكرت الإذاعة الوطنية العامة، وهي مؤسسة إعلامية غير ربحية أميركية مقرها الرئيسي في واشنطن، أن هذه المحادثات بدأت في يناير الماضي واستمرت منذ ذلك الحين، مشيرة إلى أنها المرة الأولى "المعروفة " التي تتواصل فيها الولايات المتحدة مباشرة مع "حماس" منذ أن صنفتها منظمة "إرهابية" في عام 1997. ولا تزال "حماس" تحتجز 59 أسيرا في غزة. وأكد الجيش الإسرائيلي مقتل 35 منهم. وتعتقد المخابرات الإسرائيلية أن 22 منهم على قيد الحياة، بينما لا يزال وضع اثنين آخرين غير معروف، بحسب موقع "أكسيوس" الإخباري الذي أشار إلى أن من بين الأسرى المتبقين 5 أميركيين، أحدهم يدعى إيدان ألكسندر /21 عاما/ ويعتقد أنه لا يزال على قيد الحياة.وبينما لم يحدد مسؤول في "حماس"، نقلت عنه الإذاعة الأميركية، ما إذا كانت تلك المحادثات قد جرت مع مسؤولين من إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن أو إدارة ترامب، علما بأن أعضاء من كلا الفريقين كانوا حاضرين في محادثات وقف إطلاق النار في يناير قبل تولي ترامب منصبه، ذكر موقع "أكسيوس" أن أعضاء من إدارة ترامب شاركوا في محادثات مع "حماس" مؤخرا."إنذارات نهائية"وفي إشارة لتحذير ترامب الأحدث لـ"حماس"، ذكر أكسيوس أن الرئيس الأميركي أصدر عدة "إنذارات نهائية" للحركة منذ فوزه في الانتخابات، وأن آخرها كان الشهر الماضي عندما طالبها بإطلاق سراح جميع الأسرى بحلول ساعة معينة الشهر الماضي، ولم يحدث شيء بعدها رغم انقضاء المهلة دون الاستجابة لطلبه.وفي ظل العقبات التي تواجه الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي انتهت مرحلته الأولى يوم السبت الماضي بعد أن امتدت على مدار 42 يوما، وطرح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف تصورا جديدا يضمن تمديد الهدنة مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى، يبقى الوضع قابلا للاشتعال من جديد، لاسيما مع تمسك الجانب الإسرائيلي بخروج "حماس" من المشهد ونزع السلاح من قطاع غزة، ورفض الحركة الفلسطينية "المقايضة على سلاح المقاومة"، واصفة ذلك بأنه خط أحمر.(د ب أ)