في وقت تداول فيه لبنانيون على مواقع التواصل الاجتماعي صورة تظهر تعميم اسم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والتهم الموجّهة إليه دوليا، أعلنت وزارة الداخلية اللبنانية أنها تلقت إخطارا أحمر من الإنتربول بحق سلامة الذي أصدرت فرنسا مذكرة توقيف دولية بحقه في قضية فساد كبرى.وقال وزير الداخلية في تصريف الأعمال بسام مولوي لـ"رويترز" إن الإشعار صدر الأربعاء وأبلغ القضاء اللبناني في اليوم التالي.وأضاف المولوي: "ما يقوله القضاء، سنفعله".وبحسب موقع "الإنتربول"، فإن سلامة متهم بتشكيل "مجموعة مجرمين لارتكاب جرائم يعاقب عليها بالسجن 10 سنوات، منها غسيل أموال منظم وتحايل ضريبي".رياض سلامة في النشرة الحمراء لجهاز الإنتربولويخضع سلامة، الذي يترأس البنك المركزي منذ 3 عقود، لمزيد من التدقيق بعد الانهيار المالي للبنان في أكتوبر 2019، حيث ألقى الكثيرون باللوم عليه وعلى سياساته المالية في الأزمة الاقتصادية، بحسب تقرير لموقع "المونيتور".يخضع الحاكم البالغ من العمر 72 عاما حاليا لتحقيق أوروبي في الاختلاس المشتبه به لـ 330 مليون دولار من البنك المركزي في تحويلات الأموال إلى شركة خارجية غامضة بين عامي 2002 و 2015. وكان المحققون قد حددوا جلسة استماع لسلامة في باريس بتاريخ الثلاثاء حيث كان المدعون يخططون للضغط على تهم الاحتيال وغسل الأموال الأولية، لكن سلامة الذي نفى ارتكاب أي مخالفة غاب عن الجلسة وبقي في بيروت ما دفع القضاء الفرنسي لإصدار مذكرة توقيف دولية بحقه.تعميم الإنتربولومع ذلك، من غير المرجح أن يتم تسليم سلامة، حيث لا يسلّم لبنان رعاياه وفق قوانينه الداخلية، بل يحاكمهم داخل البلاد.وتجاهلت بيروت إخطارات مماثلة من قبل وكالة الشرطة العالمية في الماضي، بما في ذلك إخطاران ضد عملاق صناعة السيارات كارلوس غصن في عامي 2020 و 2022، واعتقل غصن في طوكيو في نوفمبر 2018 بتهمة سوء السلوك المالي. وفي أواخر عام 2019، هرب من الإقامة الجبرية في اليابان في عملية جريئة تم خلالها إخفاءه في حقيبة لأجهزة الصوت وتم تهريبه إلى خارج البلاد.ومنذ ذلك الحين، يقيم غصن، وهو فرنسي لبناني في لبنان، الذي ليس لديه اتفاقية تسليم المجرمين مع اليابان. والنشرة الحمراء للإنتربول هي طلب غير ملزم لسلطات إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم لتحديد مكان الهارب المطلوب والقبض عليه مؤقتا لمحاكمته أو لقضاء عقوبات بالسجن.وفي حالة نادرة، سلمت السلطات اللبنانية في عام 2019 رجلا لبنانيا أميركيا مطلوبا في الولايات المتحدة لخطفه ابنه والفرار إلى لبنان بعد معركة حضانة مع زوجته السابقة، علما أنه لا يوجد اتفاق بين البلدين لتسليم المجرمين. وفي ديسمبر 2020، اعتقلت السلطات في بيروت رجل الأعمال الفرنسي اللبناني زياد تقي الدين بناءً على إشعار من الإنتربول، وأصدرت فرنسا مذكرة توقيف بحق تقي الدين بسبب تورطه المزعوم في قضية تمويل ليبيا لحملة نيكولا ساركوزي الرئاسية، وتم الإفراج عن تقي الدين بعد أيام قليلة لكن القضاء رفض تسليمه إلى فرنسا.جهود قضائية فرنسيةكما تقود السلطات اللبنانية تحقيقاتها الخاصة في الجرائم المالية المزعومة التي ارتكبها سلامة.وفي مارس من العام الماضي، وجّهت له المدعية العامة القاضية (الموقوفة عن العمل الآن) غادة عون تهمة الإثراء غير المشروع بعدما اتهمته بسوء التعامل مع العملات الأجنبية وإساءة الأمانة.ومع ذلك، لا يزال لدى فرنسا فسحة قانونية لملاحقة أصول سلامة.وفي عام 2021، قدمت جمعية شيربا الفرنسية ومجموعة ضحايا الممارسات الاحتيالية والإجرامية في لبنان شكوى تطالب بالعدالة الفرنسية للتحقيق في شراء شخصيات لبنانية بارزة للعقارات باهظة الثمن في فرنسا. ويُمكِّن إجراء الشكوى هذا المعروف باسم "التحقيق في البضائع غير المشروعة" السلطات الفرنسية من إجبار مالكي هذه العقارات على شرح أصول الأموال المستخدمة في الشراء.إذا ثبتت إدانة سلامة باستخدام "أموال غير نظيفة" لشراء أصول فاخرة في فرنسا، يمكن للسلطات مصادرة هذه الأصول، ومن حيث المبدأ، يمكن بيعها، ثم إعادة الأموال إلى الشعب اللبناني، في شكل مساعدات. هذا وتم تسييس التحقيقات المحلية بشأن سلامة وثروته على نطاق واسع في البلد الذي ضربته الأزمة، حيث أصدر مجلس القضاء اللبناني قرارا الشهر الماضي بإقالة القاضي عون من منصبه.وتنتهي ولاية سلامة في البنك المركزي في يوليو ، وكان قد قال في تصريحات سابقة إنه لن يسعى إلى تمديدها.ويمرّ لبنان بمخاض أزمة اقتصادية خطيرة تزداد سوءا يوما بعد يوم وسط عدم وجود إصلاحات، حيث يختلف السياسيون على مرشح رئاسي، مما يترك البلاد بلا رئيس الآن لأكثر من 6 أشهر.(المشهد)