أمور كثيرة قد تغير الخريطة السياسية الغربية خصوصًا في ما يتعلق بالحرب في غزة.فالإطاحة بالمحافظين في بريطانيا وحكم العمال، وتمكّن اليسار في فرنسا بالفوز بالانتخابات، كلها معضلات بدأت ترمي بظلالها على الساحة السياسية الغربية.وهذا بالفعل ما بدأ يتحدث عنه المراقبون، خصوصًا وأنّ حزب العمال البريطانيّ انتقد مرارًا ما وصفه بتهاون المحافظين مع الجرائم التي ارتُكبت في غزة، ودعم إسرائيل بشكل مبالغ فيه.بريطانيا وفرنسا وإسرائيل كما يتوقع أن تتخذ الحكومة الجديدة موقفًا مخالفًا لسابقتها، بشأن إصدار مذكرة توقيف مقدمة لمحكمة الجنائية الدولية بحق قادة إسرائيليّين، وفقًا لما كشفته صحيفة "الغارديان".وفي فرنسا، تعهدت رئيسة الكتلة النيابية لحزب فرنسا الأبية الفائزة بالانتخابات، بأنّ الحكومة الجديدة وفور تشكيلها، ستعترف بالدولة الفلسطينية.هذا التغيير في فرنسا وبريطانيا أرّق مضجع إسرائيل التي تعاني بحسب كثر عزلة دولية متزايدة، كما أصبحت مهددة بشكل مباشر، وهو ما انعكس مؤخرًا على رفض نتانياهو التوقف في أوروبا خلال رحلته المقبلة هذا الشهر إلى واشنطن، خوفًا من الاعتقال.ولكن ما مدى أهمية هذه التغيرات، وهل يتأثر الدعم العسكريّ المقدم من بريطانيا وفرنسا لإسرائيل، بعد وصول اليسار إلى الحكم، وكيف سينعكس هذا التبدل في المواقف على حرب غزة؟الاعتراف بالدولة الفلسطينيةفي هذا الشأن، قال المستشار السابق في وزارة الخارجية الفرنسية مناف كيلاني لقناة "المشهد":في مسألة تصدير الأسلحة من قبل بعض الدول الأوروبية إلى إسرائيل، على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في هذه السلطات، أن يكونا متوافقَين تمامًا في هذا الشأن.وإن أصدرت الحكومة أيّ مبادرة ولم يكن هناك أيّ مصادقة من رئيس الجمهورية، فبكل تأكيد لن يمر القرار، ولن يكون هناك اعتراف بدولة فلسطين، ولن يكون هناك أيضًا قطع للعلاقات العسكرية والأمنية مع إسرائيل.تعديل في السياسة البريطانيةوعن نتيجة الانتخابات في بريطانيا، علّق كيلاني قائلًا: "ستشهد السياسة البريطانية تعديلًا طفيفًا خصوصًا في شق القضايا العربية وأهمها القضية الفلسطينية، ولا يعني هذا أنّ حزب العمال موالٍ 100% للقضية الفلسطينية، ولكن سيُجري من دون شك، تعديلًا طفيفًا من دون أن يؤدي ذلك إلى انقلاب أو تحوّل جذري بالموقف البريطانيّ المساند بشكل عام لإسرائيل". وفي حديثه عن الموقف الفرنسيّ بشأن القضية الفلسطينية، قال كيلاني: "يختلف الموقف البريطانيّ عن الموقف الفرنسي، لأنّ فرنسا ملتزمة تجاه إسرائيل، والمهم هنا هو تأثير المال الصهيونيّ في السياسة الفرنسية، وهذا لا يعني أنّ اليسار يمكن أن يغيّر موقفه أو على الأقل أن يدفع باتجاه تغيير في موقف السياسة الفرنسية، لأنّ اليسار وإن استلم الحكم في فرنسا، لن يحصل على الأغلبية المطلقة".وأردف كيلاني قائلًا: "هناك 4 أحزاب داخل اليسار الفرنسي، من بينها الحزب الاشتراكي، وهم فعليًا لن يسمحوا بتمرير أيّ قرار يمكن أن يضرّ بمصلحة إسرائيل، وكذلك الحال بالنسبة لأعضاء حزب الخضر". وختم كيلاني قائلًا: "اليسار في فرنسا تسمية تطلقها وزارات الداخلية في كل بلد، لتصنيف الأحزاب بين أقصى اليسار وأقصى اليمين، وفعليًا اليسار المجتمع لا يستطيع أن يقول كلمة واحدة في أيّ مجال، لأنّ المرحلة التي تمر بها فرنسا اليوم، هي مرحلة حرجة اقتصاديًا وماليًا، وهي تواجه أزمة لم تشهدها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية".(المشهد)