أعلن الاتحاد الأوروبي، وهو جهة مانحة رئيسية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين "الأونروا"، إعادة النظر في التمويل الذي يقدمه للوكالة، في أعقاب مزاعم إسرائيلية بتورط عدد من موظفيها في الهجوم الذي شنته "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي. وعلّق التكتل التمويل لـ"الأونروا" حتى نهاية شهر فبراير الجاري. وترى دول أعضاء أنّ الأمر عاجل، في حين تحذّر أخرى من أنّ ذلك يمثّل عقابًا جماعيًا للفلسطينيين. وطالب الاتحاد الأوروبيّ بإجراء "تدقيق عاجل" في أعقاب مزاعم السلطات الإسرائيلية بمشاركة موظفي أونروا في هجوم "حماس". وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية إريك مامير: "الأمر الواضح بجلاء هو أنّ هذه التحركات عاجلة. إنها مهمة، ويتعين الشروع فيها من دون تأخير". وذكرت المفوضية في بيان، أنه يتعين أن يقود عملية التدقيق خبراء يعيّنهم الاتحاد الأوروبي، وأن تجرى العملية جنبًا إلى جنب مع التحقيق الذي تجريه الأمم المتحدة في الأمر. وفي الوقت نفسه، أكد البيان أنّ المساعدات الإنسانية للفلسطينيّين في غزة والضفة الغربية "سوف تتواصل، من دون توقّف، من خلال المنظمات الشريكة". الأونروا تحذر من كارثة إنسانية نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن وثيقة إسرائيلية، أنّ 10% من موظفي الأونروا الفلسطينيّين "لديهم علاقات وثيقة" بـ "منظمات إرهابية" في قطاع غزة. وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد أشارت في وقت سابق، استنادًا للملف الإسرائيليّ أيضًا، إلى أنّ أحد موظفي الأونروا تورّط في اختطاف امرأة من إسرائيل، وقام آخر بتوزيع ذخيرة، في حين تورط ثالث في مجزرة أودت بحياة 97 شخصًا في تجمّع استيطانيّ. ويتضمن الملف الإسرائيليّ مزاعم ضد 12 من موظفي الأونروا، تصنّفهم واشنطن على أنهم جديرون بالثقة. وأنهت الأونروا عقود العديد من موظفيها إثر الاتهامات الإسرائيلية، وهي الاتهامات التي دفعت العديد من الدول المانحة، مثل أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا واليابان، إلى تعليق التمويل. ووصف المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني تعليق التمويل للوكالة بأنه "صادم"، وشدد على أنّ أكثر من مليونَي نسمة في غزة، "يعتمدون على الأونروا من أجل البقاء على قيد الحياة". ودعا لازاريني الدول التي علقت التمويل إلى "إعادة النظر في قرارتها". وقالت الأونروا إنها مُجبرة على إنهاء عملياتها خلال شهر ما لم يتم إعادة التمويل. ووصف منسق الإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة مارتن غريفيث، الأونروا، بأنها "حجر الزاوية" في تقديم الرعاية الإنسانية لسكان قطاع غزة. وقال غريفيث أمام جلسة مجلس الأمن الدوليّ في نيويورك، الأربعاء الماضي، إنّ ما تقوم به الأونروا من عمل منقذ للحياة في أثناء الحرب، "لا يجب تعريضه للخطر بسبب مزاعم تتعلق بقلة من موظفي الوكالة." وأعرب غريفيث عن فزعه إزاء المزاعم الإسرائيلية، وقال إنه يتعين بذل الجهود لضمان تحقيق مطالب العالم في وجود منظمة محايدة سياسيًا. ومن جانبه، تعهد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بإجراء مراجعة عاجلة ومستقلة للأونروا، ولكنه ناشد الدول المانحة "ضمان استمرار" الوكالة في نشاطها، من أجل "السكان البائسين" الذين تخدمهم. وحذر الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبيّ أمام قمة أوروبية عثقدت الخميس الماضي، من هلاك مئات الآلاف من البشر حال تعليق التمويل للأونروا. وشدد بوريل: "إنكم تعاقبون جميع الفلسطينيّين بتعليق التمويل للأونروا. ليس هناك بديل للأونروا، إذا ما كنتم تريدون أن يبقى هؤلاء الناس على قيد الحياة. ولذلك، لا عقوبة جماعية للفلسطينيّين".دول أوروبية تعلق التمويل للأونروا وأعلنت وزارة الخارجية في رومانيا الأسبوع الماضي، تعليق المدفوعات التطوعية التي تقدمها للأونروا. "لحين انتهاء التحقيق في الاتهامات الإسرائيلية." ولا تعتزم كرواتيا تقديم أيّ مساعدات للأونروا خلال عام 2024. وقالت وزارة الخارجية الكرواتية في وقت سابق، إنّ البلاد قدمت مساعدات "بشكل استثنائيّ فحسب، واستجابة لمناشدات". أما وزارة الخارجية النمساوية، فذكرت أنّ "المزاعم الإسرائيلية ضد الأونروا صادمة ومزعجة للغاية"، وأعلنت في بيان تعليق جميع مساعداتها للأونروا "لحين توضيح هذه المزاعم بشكل تام". وقررت السويد، وهي حليف تقليديّ قويّ للأونروا، تعليق التمويل للوكالة الأممية، في حيت تجري الوكالة السويدية للتنمية الدولية تحقيقًا في الأمر. وقال رئيس وزراء السويد أولف كريستيرسون: "أؤيد الرأي بأنّ الوضع الإنسانيّ في قطاع غزة مروّع. تريد السويد أن تساعد السكان المدنيّين، ولكن يتعين علينا التأكد من أنه لا يتم استخدام هذا الدعم في أعمال مشينة". وطالبت وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك، التي علّقت المساعدات للأونروا مؤقتًا، بإجراء تحقيق عاجل، وقالت: "ببساطة، الوضع في غزة جحيم"، وأوضحت أنّ الأونروا هي الجهة الوحيدة التي تقدم إمدادات لغزة، حيث إنّ جميع المنظمات الإغاثية في القطاع، "لا يمكن أن تعمل في الوقت الحالي". وكانت ألمانيا قد قدمت للأونروا 206.5 ملايين يورو (223 مليون دولار) العام الماضي. ووفقًا لوزارة الخارجية الألمانية، لن تسمح برلين بأيّ مساعدات للوكالة أثناء فترة إجراء التحقيق في المزاعم الإسرائيلية. دعوة لإجراء نقاش في البرلمان الأوروبي وطالب حزب الشعب الأوروبيّ بإجراء نقاش في مزاعم إسرائيل بمشاركة موظفين من الأونروا في هجمات "حماس"، وذلك بمقر المجلس في ستراسبورغ، بحسب تغريدة للنائب الأوروبيّ السويديّ ديفيد ليغا، عضو لجنة الشؤون الخارجية وحقوق الإنسان بالمجلس على موقع "إكس". وأضاف ليغا: "لا يمكن أن تمضي الأمور كالمعتاد- يتعين علينا أن نتوقف بشكل نهائيّ عن تمويل الإرهاب". إلى ذلك، ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أنّ جهاز الاستخبارات الإسرائيليّ "الموساد"، أخطرَ أعضاء مجلس الحرب في البلاد يوم الاثنين الماضي، بالخطوط العريضة لاتفاق هدنة محتمل مع "حماس". ويتضمن الاتفاق إطلاق سراح 35 من النساء والمرضى والمصابين وكبار السن ضمن المحتجزين لدى "حماس" في غزة، في مرحلة أولى، مقابل وقف القتال 35 يومًا. ويلي ذلك وقف إضافيّ لإطلاق النار يستمر أسبوعًا، يسعى المفاوضون خلاله إلى إطلاق سراح الشبان والأسرى المحتجزين في غزة، والذين تعتبرهم "حماس" مجنّدين إسرائيليّين.(د ب أ)