واقع جديد فرضته الفصائل المعارضة في سوريا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في 8 ديسمبر الماضي، لتطوي بذلك 13 عامًا من الصراع و50 عامًا أيضًا من حكم أسرة آل الأسد.ودخلت سوريا في موجة عنف كبيرة في العام 2011 عقب اندلاع احتجاجات واسعة تُطالب بالتغيير السياسي، حيث تسببت الحرب في مقتل مئات الآلاف من السوريين ونزوح الملايين فرارًا من نيران الحرب، فيما شهدت الساحة السورية ظهور جماعات متشددة وإرهابية من بينها تنظيم "داعش" الإرهابي و"هيئة تحرير الشام" التي صنفتها الولايات المتحدة ودول غربية كمنظمة إرهابية.وخلال تلك السنوات، كان المجتمع الدولي متفاعلا مع هذه الأزمة عبر عدة قرارات أممية فضلا عن قيام الكثير من دول العالم بفرض عقوبات واسعة على النظام السوري السابق، فضلًا عن دخول أطراف أجنبية لحلبة الصراع المسلح في البلاد من بينها تركيا والولايات المتحدة وروسيا بالإضافة إلى إيران.ولعل أشهر تلك القرارت هو القرار الأممي رقم 2254 الصادر عام 2015، والذي دعا إلى وقف إطلاق النار والتوصل لتسوية سياسية للصراع في سوريا.وشمل القرار الأممي الدخول في مسار سياسي لمدة 18 شهرًا يتضمن وضع دستور جديد للبلاد وإجراء انتخابات تشريعية ثم انتخاب رئيسًا للبلاد في انتخابات حرة تكون معبرة عن رغبة المواطن السوري.ولكن بعد الإطاحة بنظام الأسد، رأى زعيم "هيئة تحرير الشام" أحمد الشرع المعروف بـ"أبو محمد الجولاني" ضرورة تعديل القرار الأممي وذلك في ضوء التطورات الجديدة التي شهدتها الأراضي السورية.تغيير المسارات الدوليةمن جانبه، قال المحلل السياسي محمود علوش، إنّ الوضع الجديد في سوريا يفرض ضرورة تغيير في المسارات الدولية التي كانت ترعى وتواكب التحوّل السوري لذلك قرار مجلس الأمن الدولي بالتفصيل لم يعد يصلح للوضع الجديد في سوريا.وأضاف في حديث لمنصة "المشهد"، "لكن القرار الأممي رقم 2254 يمكن أن يلعب أو يشكل مرتكزًا لعملية التحوّل السياسي خصوصًا أن بعض بنود القرار لا تزال صالحة لإدارة هذه المرحلة حتى مع رحيل الأسد".وأشار علوش إلى أنّ هناك قضايا مهمة يحددها القرار الدولي منها تشكيل هيئة حكومية انتقالية وصياغة دستور جديد وإجراء انتخابات في غضون 18 شهرا، لافتا إلى أن هذه البنود لا تزال قادرة على لعب دور في رعاية وإدارة التحوّل السياسي الحالي في سوريا.وأوضح أنّ" هيئة تحرير الشام" بالطبع تُعارض القرار الدولي لأن قراره في جانب منه كان يعتبر "هيئة تحرير الشام" منظمة إرهابية ويقوض هيئة تحرير الشام في إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا.وأكد المحلل السياسي أهمية الحاجة إلى التفاعل الإيجابي مع عمليات التحول في الأوضاع سوريا، موضحًا أن هذه الحاجة تفرض إيجاد صيغة جديدة تمكن المجتمع الدولي من الانخراط في هذه العملية من أجل منح المشروعية لهم.وقال علوش إنّ هناك أسبابا محددة لنجاح عملية الانتقال السياسي في سوريا: أن تكون العملية عبر مشاركة وطنية شاملة من مختلف المكونات السورية.ترتكز هذه العملية على مبادئ واضحة لإدارة النظام السياسي وتشكيل نظام سياسي يحظى باجماع وطني.الحصول على شرعية دولية لأنها مهمة لعملية الانتقال السياسي وإحدى ركائز الشرعية في السلطة الجديدة مخاطبة المجتمع الدولي بصوت واحد من أجل التأكيد على وحدة وسلام الأراضي السورية وإخراج القوات الأجنبية في سوريا. وكان الأردن قد استضاف في مدينة العقبة، اجتماعًا للمجموعة الوزارية الخاصة بمتابعة الوضع في سوريا والمشكلة من الجامعة العربية فضلا عن وزراء دول عربية ومسؤولين غربيين أممين، وذلك لبحث مستقبل الأوضاع في سوريا والتأكيد على الدعم العربي لمرحلة الانتقال السياسي في سوريا، فضلا عن التأكيد على ضرورة الالتزام بما جاء في القرار الأممي رقم 2254.وتعليقًا على اجتماع العقبة، أصدر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بيانًا ثمّن فيه الاجتماع والدعم العربي وأكد أيضًا على أهمية ما جاء في البيان الختامي للاجتماع حول الالتزام بالقرار الأممي."لم يعد واقعيا"بدوره، قال المحلل السياسي السوريّ، محمد نادر العمري، إن هناك قرارين من مجلس الأمن الدولي يجب تعديلهما في حال فتح قنوات التواصل مع القيادة السياسية الجديدة في سوريا وهما:القرار رقم 2253 والذي يصنف ويمنع التعامل مع تنظيمات إرهابية تم تصنيفها خلال تلك الفترة ومن بينها "هيئة تحرير الشام" بقيادة أحمد الشرع.القرار رقم 2254 والذي يتضمن بعض المقترحات الخاصة بالفترة الانتقالية في سوريا وفتح حوار بين النظام السوري والمعارضة.وأضاف العمري في حديث لـ"المشهد" بعد سقوط النظام السوري ليس هناك في الساحة سوى المعارضة وبالتالي لا بد من تعديل هذه القرارات الأممية بما يتواكب مع التطورات الجديد.وأشار إلى أنه لا يمكن الحديث عن وجود خلاف في رؤية المعارضة السورية حاليا لأن العملية السياسية أعم وأشمل من ائتلاف المعارضة و"هيئة تحرير الشام"، وهناك قوى سياسية أخرى متواجدة في المشهد السوري اليوم، مؤكدا ضرورة مشاركة الجميع في هذا الإطار لأن هناك إرادة إقليمية لدفع العملية السياسية بشكل واسع.تعديل القراراتوشدد العمري على ضرورة توفير البيئة الداخلية والإقليمية والدولية للعملية السياسية: هناك عدة قوى لا بد أن تندرج داخل العملية السياسية وهذا المسار عندما تتوافر الإرادة للدخول في العملية السياسية.إدراج الفصائل المقاتلة في المؤسسات الرسمية في الدولة.وجود إرادة إقليمية ودولية من خلال وقف التدخلات الخارجية الإقليمية في الشأن السوري.رعاية دولية لعملية سياسية دون أن يكون هناك أهداف في سوريا سيساهم في الانتقال السياسي.من جانبه، أشار الباحث السياسي السوري، حسام طالب، إلى ضرورة تعديل القرارات الأممية لأن النظام السوري لم يعد موجودًا، موضحا أن النظام السوري الذي سقط هو الذي كان يعرقل تنفيذ هذه القرارات.وقال في حديث لـ"المشهد" إنّ المرحلة الانتقالية أتت من دون تطبيق القرار الأممي ولم يعد القرار واقعيا الآن بنفس صيغته، لافتا إلى أن من يحكم سوريا الآن هي المعارضة التي كانت موجودة وقت صدور القرار.وفيما يخص بيان ائتلاف المعارضة السورية، رأى طالب أن الائتلاف يحاول أن يجد لنفسه دورا في العملية السياسية بسوريا، قائلا "لا يمكن أن يكون هناك دور لأي فصيل من خارج البلاد... على الكل أن يأتي إلى سوريا ويتحاور مع القيادة الجديدة عندها نستطيع الحديث عن مرحلة انتقالية".(المشهد)