أثارت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو جدلًا واسعًا، بعدما شدّد على أن إسرائيل "لن تتسامح" مع وجود أي قوات تابعة للحكومة السورية في جنوب البلاد، مطالبا بنزع السلاح من المنطقة، كما حذّر من أي تهديد للطائفة الدرزية هناك.تصريحات نتانياهو فتحت الباب أمام تكهنات عديدة حول نوايا إسرائيل في الجنوب السوري، خصوصا مع تقارير إعلامية إسرائيلية تتحدث عن خطة للجيش الإسرائيلي لإدخال مواطنين سوريين دروز إلى إسرائيل بهدف العمل، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخطوة مقدمة لفصل السويداء عن سوريا أو محاولة لجذب الدروز نحو إسرائيل. مخطط إسرائيلي أم مجرد شائعات؟ يرى البعض أن إسرائيل تسعى لفتح أبواب العمالة أمام السوريين الدروز داخل أراضيها، مقابل مرتبات مغرية، في خطوة قد تُمهد لتغيير الواقع الجغرافي والسياسي في المنطقة. نزار أبو فخر، العضو في مؤتمر الحوار الوطني السوري عن محافظة السويداء، نفى صحة هذه التقارير في حديثه مع قناة "المشهد" مؤكدًا أن العرض الإسرائيلي للعمل داخل أراضيها لم يشمل أهالي السويداء، بل اقتصر على أهالي الجولان، حيث قدمت إسرائيل عرضا ماليًا مغريا بقيمة 100 دولار يوميًا. كما اعتبر أن هناك محاولات لتشويه صورة السويداء وإظهارها كطرف منفصل عن الدولة السورية، مؤكدًا أن "إسرائيل نفسها تمنع أهالي السويداء من العمل داخل أراضيها".المجلس العسكري في السويداءفي ظل هذه التطورات، جاء إعلان تشكيل "المجلس العسكري في السويداء" ليزيد من التساؤلات حول مستقبله، خصوصا أنه تزامن مع تصريحات نتانياهو. في هذا السياق، أوضح نزار أبو فخر في مقابلة مع طوني خليفة ضمن برنامج استديو العرب على قناة "المشهد" أن "المجلس العسكري الدرزي الذي شُكل تمت الدعوة له بعد سقوط النظام بفترة بسيطة جدًا وهو ليس حديث العهد، وليس هناك ربط بينه وبين تصريحات نتانياهو التي أعلن فيها حمايته للطائفة الدرزية، وإن كان تزامن مع ذلك".وأشار إلى أن "نتانياهو تحدث عن منع القوات السورية النظامية من الدخول إلى منطقة الجنوب السوري كاملاً، وليس السويداء فقط"، مضيفا "نحن كقوى سياسية وقوى مجتمعية هدفنا الأساسي أن نكون مندمجين في إطار دولة وطنية موحدة، شعبًا وأرضًا، ولا نريد أي استقلالية بأي شكل من الأشكال، نحن لا نطالب بذلك على الإطلاق".مشروع وطني أم خطوة نحو التقسيم؟ العقيد طارق الشوفي، القائد العام للمجلس العسكري في السويداء، كان قد ردّ على الاتهامات التي تطال المجلس بأنه يسعى لخلق حالة انفصالية، قائلًا إن المشروع "وطني سوري خالص"، نافيًا تلقي أي دعم خارجي أو تعامله مع جهات معادية. وأوضح الشوفي أن بعض التصريحات المخالفة التي خرجت من ضباط في المجلس هي مجرد "أصوات فردية نتيجة الظروف غير المستقرة"، واصفًا من يتهمون المجلس بالانفصالية بأنهم "إما جهلة أو يعملون لمصلحة أجندات خاصة". كما أكد المجلس أنه "سوري لا يُبنى إلا بسواعد أبنائه"، ويرفض التدخلات الخارجية بكل أشكالها، مشددًا على أنه يفتح الباب أمام السوريين من كل مكان للانخراط فيه. وحول أهداف المجلس العسكري، قال أبو فخر لقناة "المشهد": "أعتقد أن الهدف من هذا المجلس العسكري كما قالوا هم هو تنظيم القوى المسلحة في المجتمع المحلي في سبيل حماية الأرض والعرض، وقالوا أيضًا بأنهم يؤكدون أنه سيكون جزءًا من الجيش الوطني السوري ضمن دولة الحداثة والمواطنة المتساوية وحقوق الإنسان". وأضاف: "من يقود المجلس العسكري الدرزي هم ضباط منشقون عن النظام السابق، وضباط متقاعدون، وهم من الأحرار الذين كانوا يأتون معنا إلى ساحة الكرامة ضد النظام السابق طيلة 14 سنة انتفاضة"، مشددًا على أن "السويداء لم تقبل يومًا، والطائفة الدرزية على وجه الخصوص لم تقبل يوما بالتعاطي مع أي جهة أجنبية، ولا تقبل، وهي التي قامت بكل الثورات السابقة". البعض يرى أن المجلس العسكري في السويداء ليس إلا غطاء لمشروع أوسع يهدف إلى تقسيم سوريا إلى كانتونات طائفية، على غرار ما حدث في العراق، بينما يصرّ قادة المجلس على أنه كيان وطني سوري مستقل لا يسعى للانفصال. في هذا السياق، قال أبو فخر إن "سماحة الشيخ حكمت الهجري، المرجع الديني الأبرز للطائفة الدرزية، شدد في أكثر من مناسبة على أن نحن نبارك بكل الخطوات الوطنية الصحيحة التي تم اتخاذها، وأيدينا ممدودة للتعاون مع الحكومة"، مؤكدًا أن السويداء جزء من الفناء السوري العام وليس الخاص.مع تزايد التصريحات والضغوط الإسرائيلية، وتشكيل المجلس العسكري في السويداء، تبقى الأوضاع في الجنوب السوري مفتوحة على جميع الاحتمالات. فهل يسعى نتانياهو فعلاً لحماية الدروز، أم أن تصريحاته جزء من مخطط أوسع لفرض السيطرة الإسرائيلية على الجنوب السوري؟ وهل المجلس العسكري مشروع وطني حقيقي أم مجرد واجهة لتقسيم البلاد؟ (المشهد)