بعدما تحوّلت قضيتهم إلى قضية إنسانية عالمية عقب ظهورهم في فيديو داخل مستشفى الشفاء "يفطر القلوب"، ها إنّ الحياة تمنح أطفال غزّة الخدّج أملًا جديدًا.فقد تلقت طفلة ولدة مبتسرة قبيل اندلاع الحرب في غزة علاجها في مستشفى الشفاء إلى أن خرج عن الخدمة، وانفصلت عن أسرتها النازحة قبل نقلها إلى مصر الاثنين مع والدتها و28 مولودا فلسطينيا آخر.وكانت لبنى السيك، والدة الطفلة، واحدة من الأهالي الذين رافقوا أبناءهم الخدّج البالغ عددهم 29 أثناء نقلهم في قافلة من سيارات الإسعاف من مستشفى في جنوب غزة، عبر معبر رفح الحدودي، إلى مصر لتلقي العلاج.لا أكسجين ولا حليبوقالت السيك إنه قبيل اندلاع الحرب مباشرة، كانت طفلتها تتلقى الأكسجين في مستشفى الشفاء بسبب صعوبات في التنفس بعد ولادتها المبكرة.وغادرت الأسرة منزلها في ثالث أيام الحرب هربا من القصف الإسرائيلي. ومثل مئات الآلاف الآخرين، انتقلت أسرة السيك إلى جنوب قطاع غزة مع أطفالها الثلاثة الآخرين، بينما بقيت الطفلة في مستشفى الشفاء.وفي ظل نقص الكهرباء والمياه والأدوية وغيرها من الأساسيات، تدهورت الأوضاع في مستشفى الشفاء وفقدت الطفلة وزنها ومرضت.وقالت السيك "في الـ10 أيام من حصار المستشفى (الشفاء) ما في حليب أعطوهم، الطفلة انتكست حالتها، ورجعت تاني لمرحلة الصفر، إنو هي عايشة على الأكسجين".والتأم شمل الأم مع طفلتها في رفح، وقالت إنها حتى ترافق ابنتها إلى مصر اضطرت إلى ترك أطفالها الآخرين في غزة.توقّف الحضانات عن العمل في غزةووصل 29 من عشرات الأطفال الخدّج الذين تمّ نقلهم من مستشفى الشفاء في غزة إلى مصر لتلقّي العلاج، بعدما كان قد توفي أطفال آخرون عقب توقّف حضاناتهم عن العمل وسط انهيار الخدمات الطبية والنقص الحادّ في الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء في المستشفيات. وتحتاج أقسام الأطفال والولادات في غزة إلى الطاقة كمصدر أساسيّ لعلاج الأطفال الموجودين في الحاضنات، ومساعدتهم على التنفس لضمان بقائهم على قيد الحياة، لعدم اكتمال نموّهم في رحم الأم.وتمّ نقل الأطفال بتنسيق من منظمة الصحة العالمية ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، وفق جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.أطفال غزة الخدّج ووفقًا لمنظمة اليونيسف، الأطفال الخدّج هم الأطفال الذين وُلدوا قبل الأسبوع 37 من الحمل. وذكر الاختصاصيّ في الجراحة النسائية والتوليد وطب الجنين الدكتور أنطوني الصباغ لمنصة "المشهد"، أنّ "الطفل الخديج هو الذي وُلد قبل آوانه لذا يكون بحاجة إلى عناية خاصة في المستشفى". وأشار إلى أنّ هؤلاء الأطفال "يعانون مشاكل صحية مختلفة بسبب عدم اكتمال نموّ العديد من أعضائهم، خصوصًا التي تتعلق بالتنفس، والدماغ، والقلب، والعيون".كما ذكرت "اليونيسف" أنّ "الأطفال الخدّج معرضون للإصابة بأمراض خطيرة أو الوفاة خلال الأسابيع الأربعة الأولى من أعمارهم، بسبب ضعف التنفس، وصعوبة التغذية، وسوء تنظيم درجة حرارة الجسم ، وارتفاع مخاطر الإصابة". ولفت صباغ إلى أنّ "الأطفال يحتاجون للحضانات لتزويدهم بالطعام، والأكسيجين والمراقبة يحسب حاجة الطفل"، لافتًا إلى أنّ كلّ الآلات بحاجة للتيار الكهربائينقل الأطفال لبلد آخر في الإطار نفسه، أكد طبيب الأمراض النسائية الدكتور بيار مخلوف لمنصة "المشهد"، أنّ الأطفال الخدّج يعيشون في مكان مخصص لهم، وهذا ما يسمى الحضانات المجهزة بكل الآلات التي تضمن بقاءهم على قيد الحياة.وعن عملية نقل الأطفال، أكد صباغ أنّ "عملية نقل الأطفال الخدّج دقيقة للغاية، خصوصّا لدى الذين يعانون مشاكل بالتنفس والقلب"، مشيرًا إلى أنه يجب أن يتمّ نقلهم كأنهم لا يزالون داخل المستشفى. بينما قال مخلوف إنّ "طريقة النقل صعبة جدًا ودقيقة، فالآلات التي تتصل بالأطفال تحتاج عبر الساعة للمراقبة والتعديل، لذا لا يمكن قطع اتصال الطفل عن الآلات".وهذا ما شدّد عليه صباغ قائلًا: إنّ "الأطفال بحاجة لعناية صحيحة وآلات خاصة، وكلّ طفل عليه أن يُرفق بطبيب أو ممرض متخصّص، بالإضافة لطبيب مشرف، فهم لا يمكن نقلهم كأيّ مريض آخر".وذكر صباغ أنّ "مدة بقاء الطفل في الحاضنة يختلف بين طفل وآخر وفقًا لحالته، وقد تتراوح المدة بين نصف الشهر والشهر، لكن في الحالات الأقسى يحتاج الطفل لوقت أطول".عملية خطرةورأى مخلوف أنه كان من الأفضل علاج الأطفال في مكانهم عوضًا عن نقلهم، لأنه في حال حصول مضاعفات وخطأ خلال النقل، لا يمكن التعامل معهم كشخص بالغ وإجراء الإنعاش القلبي.وأكد أنّ نقل الخدّج عملية خطرة وتهدّد حياة الطفل.(المشهد)