مع تصاعد حدة التوتّر بين إسرائيل وإيران، على خلفية الهجوم الذي تعرضت له السفارة الإيرانية في سوريا، وأدى إلى مقتل 7 أشخاص، وتوعد طهران في المُقابل بالردّ على هذه العملية، برزت على السطح مرة أخرى القدرات العسكرية الإيرانية خصوصًا الطائرات المُسيّرة والتي جرى استخدامها خلال الشهور الماضية على نطاق واسع في مناطق النزاع والحروب.ما بين روسيا وسوريا والعراق واليمن والسودان، كانت المُسيّرات الإيرانية هي العامل المُشترك، إذ جرى استخدامها في هذه المناطق. ورغم التطور الكبير الذي حققته إيران في مجال صناعة المُسيّرات خلال السنوات الماضية، إلا أنّها ليست متقدمة بالدرجة نفسها التي عليها الطائرات الأميركية والإسرائيلية والصينية، بحسب خبراء تحدثوا لمنصة "المشهد". وبمرور عام على الصراع المُسلّح في السودان، تحدثت تقارير عن دخول المُسيّرات الإيرانية على خط المواجهة بين الجيش السودانيّ وقوات الدعم السريع، حيث تم رصدها في السودان خلال الأشهر الماضية، ما طرح تساؤلات حول قدرة هذه المسيّرات على حسم الحرب.إيران استعانت بالسوريّين في صنع المُسيرات وفي التفاصيل، قال الخبير العسكريّ الأردني العقيد إسماعيل أيوب، إنّ "إيران ليست متقدمة في صناعة الطائرات المُسيّرة ولكنها ليست متخلفة في هذا المجال"، لافتًا إلى أنّ "التجربة الإيرانية مع المُسيّرات بدأت منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي، ولكنها تطورت كثيرًا خلال السنوات الماضية". وأضاف في حديث لمنصة "المشهد"، أنّ إيران "استعانت بالخبرات السورية وخصوصًا سلاح الجو، في عملية صناعة الطائرات المسيّرة في الفترة ما بين 2011 وحتى 2020، إذ جرى نقل التكنولوجيا والخبرات إلى طهران". وأشار إلى أنّ الولايات المتحدة هي من الدول الأكثر تقدمًا في مجال الطائرات المُسيّرة، تليها إسرائيل ثم الصين، ولكنّ الطائرات الإيرانية "برزت خلال الفترة الماضية بشكل كبير، خصوصًا بعد أن استعانت روسيا بهذه الطائرات في حربها ضد أوكرانيا". وأدى النموّ السريع لصناعة الأسلحة الإيرانية خلال السنوات الماضية، والتي تعتمد على تكنولوجيا عالية الدقة، فضلًا عن انخفاض تكلفتها، إلى إثارة قلق الولايات المتحدة وحلفائها، بحسب تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" مؤخرًا. ما أهمية المُسيّرات الإيرانية؟ ما أهمية المُسيّرات الإيرانية التي برزت على السطح في العمليات العسكرية مؤخرًا؟ يجُيب الخبير العسكريّ الأردنيّ قائلًا، إنّ أهمية هذه الطائرات تتلخص في التالي: قدرتها على حمل متفجرات وصواريخ بطرازات مختلفة لمسافات طويلة.إمكانية رصدها عبر الردارات العسكرية قليلة بالمقارنة بالأسلحة التقليدية. تنوّع أحجامها وكذلك الموادّ المستخدمة في صناعتها، والتي بدأت تعتمد على مكونات يصعب رصدها في الجو.لا تحمل العنصر البشريّ وبالتالي لا تخشى الدول من سقوطها في أرض الأهداف المرجوّة. سلاح رخيص بالنسبة لإيران.تحقّق أهدافًا عالية الدقة وبالتالي فهي فاعلة في الحروب.وكشف أيوب أنّ المُسيّرات الإيرانية تعتمد في تصنيعها على مكونات غربية، خصوصًا أميركا، إذّ كشف فريق متخصص في أوكرانيا بعد تحليلهم لطائرة مسيّرة أطلقتها روسيا، على أنّ 80% من مكوّنات الطائرة أميركية.وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، إنّ التحوّل الكبير في صناعة الأسلحة الإيرانية، خصوصًا في مجال الطائرات بدون طيار، ساعد روسيا، من خلال شراء آلاف الطائرات بدون طيار في عام 2022، في تغيير ساحة المعركة في أوكرانيا.أنواع المُسيّرات الإيرانية تُنتج إيران مُسيّرات مختلفة الأحجام لأغراض متعددة مثل الاستطلاع، والهجوم وحتى الانتحارية، أو ما تُعرف باسم "الذخائر المتسكّعة"، بحسب المتخصص في الشأن العسكريّ بالمركز المصريّ للفكر، مينا عادل. وقال عادل في حديث لـ"المشهد"، إنّ "الطائرة الأنجح من بينها كانت المسيّرات الانتحارية، وبالأخص المُسيرّات "شاهد/ جيران" بمختلف النسخ التي تطور تصميمها، وتكتيكات استخدامها كنوع من التكيّف الميداني، بناءً على التطورات في مسرح العمليات الأوكراني". في المرتبة الثانية المسيّرة الهجومية متوسطة الحجم "مهاجر"، التي تستطيع حمل ذخائر موجهة مضادة للمركبات، وفقًا للمتخصص في الشأن العسكريّ بالمركز المصريّ للفكر. وبحسب المصادر الرسمية، فقد تم استخدام كلا النوعين في الحرب الأوكرانية، أما في السودان فيستخدم الجيش السودانيّ المسيّرة "مهاجر"، بجانب المسيّرات الانتحارية المتحورة من المسيّرات التجارية. وأشار عادل إلى أنه في حال استخدام إيران للمسيّرات في ردّها على إسرائيل، ستلعب المسيّرات الانتحارية دورًا مهمًا بسبب قدرتها على التحويم لفترات طويلة بمدًى بعيد، مع إمكانية استخدام أعداد كبيرة في وقت واحد، ما سيعمل على إرباك الدفاعات الجوية أو الطائرات المدافعة، وجذب الأنظار بعيدًا عن الصواريخ الجوالة التي قد يتم استخدامها في الهجمة المتوقعة. وكشف أنّ تكنولوجيا المُسيّرات الإيرانية ليست معقّدة بالقدر الكافي، ما يُكسبها ميزة التكلفة القليلة بالتوازن مع الفاعلية القتالية الكبيرة، فهي تعمل كبديل رخيص وفعال للصواريخ الجوالة (كروز) ، وتعتمد بشكل كلّي على التصميم الصغير والبطيء نسبيًا، ما يصعّب التقاطها على شاشات الرادار، بجانب إمكانية إطلاقها بأعداد كبيرة، ولكن على الرغم من ذلك تشكل تحدّيًا كبيرًا لأيّ شبكة دفاعية تعمل ضدها. وأوضح أنّ هذه المُسيرات حاليًا، انتشرت بشكل كبير وتعمل العديد من الدول على امتلاك نسخ محلية، ولعلّ جنوب إفريقيا من أوائل الدول في هذا المجال ومن بعدها إسرائيل. الصدام المباشر بين إيران وإسرائيل على الجانب الآخر، يرى الخبير العسكريّ الأردني العقيد إسماعيل أيوب أنّ المصالح الإيرانية الإسرائيلية تتقاطع بشكل كبير في المنطقة، ولا ترى تل أبيب في الوجود الإيرانيّ في سوريا والعراق، أيّ مشكلة بالنسبة لها، وكذلك المصالح الإيرانية الأميركية. وتابع أيوب قائلًا: "إيران تحقق المصالح الأميركية في المنطقة، وبالتالي وجودها لا يُشكل أيّ إزعاج للولايات المتحدة". ولكن في الوقت نفسه، رأى الخبير العسكري، أنّ "المصالح الإيرانية الإسرائيلية لا بدّ أن تتضارب، وهو ما حدث بالفعل في الوقت الحالي، ولكن ما جرى من استهداف إسرائيل للسفارة الإيرانية في دمشق، لن يكون المبرر لشن حرب شاملة بين الطرفين، أو بمعنًى أدق، لن يكون بداية الصدام المباشر بين المشروع الإسرائيلي والمشروع الإيراني". وقال إنّ الردّ الإيرانيّ على إسرائيل، سيتراوح ما بين الضعيف والمتوسط لحفظ ماء وجهها في المنطقة، خصوصًا بعد التصريحات الكثيرة التي أطلقها المسؤولون الإيرانيون خلال الأيام الماضية، لافتًا إلى أنّ الرد لن يكون كبيرًا، ولن يؤدي إلى خسائر بشرية، وقد يحدث عبر وكلاء إيران في المنطقة. وألمح الخبير العسكريّ الأدرنيّ إلى الرسائل المُتبادلة بين طهران وواشنطن في هذا الشأن، مُشيرًا إلى أنّ إيران أبلغت بعض الأطراف الدولية، أنّ الردّ الإيرانيّ سيكون "محسوبًا"، ولن يؤدي إلى تصعيد في المنطقة.(المشهد)